في مقال عمره أكثر من 100 عام، حاول الكاتب "غوستاف فينجولد" الإجابة عن سؤال لماذا يشبه الصينيون بعضهم بعضاً؟ وقال: "بالنسبة للأمريكيين، يبدو كل الآسيويين متشابهين، بينما بالنسبة للآسيويين كل الرجال البيض متشابهون".
على الأغلب أنت تستطيع تمييز الاختلاف بين وجوه الأشخاص المختلفين، حتى وإن كان بينهم شبه كبير، ويمكنك أيضاً التمييز بين أبناء عرقك الذي تنتمي إليه، ولكنك قد تواجه مشكلة أو صعوبة في التمييز بين الوجوه من الأعراق الأخرى.
على سبيل المثال، بالنسبة لك قد يبدو الصينيون يشبهون بعضهم بعضاً، ولكن ربما لا يعلم الكثيرون أنه بالنسبة لشخص من شرق آسيا قد يبدو الأشخاص من دول الأعراق الأخرى متشابهين، ولا يستطيع التفريق بينهم، فما السبب؟
الصينيون لا يشبهون بعضهم وتأثير العرق الآخر يخدعك
تأثير العرق الآخر، والمعروف أيضاً باسم التحيز للعرق الخاص هي ظاهرة موثقة، وعليها الكثير من الدراسات التي توصلت لنتائج أثبتت أن الناس بشكل عام يستطيعون التمييز بين وجوه الأشخاص من عرقهم بشكل أفضل، مقارنةً بوجوه الأعراق المختلفة.
وهذه الظاهرة ليست حكراً على عرق دون الآخر، وموجودة في مختلف البلدان والمجموعات العرقية، ورغم أن الظاهرة تمت دراستها على نطاق واسع خلال العقود الأربعة الماضية، فإن الآليات والأسباب وراء هذا التأثير لا تزال غير مفهومة بشكل واضح وقاطع جيداً.
يقول علماء النفس إن البشر ومنذ فترة الطفولة المبكرة يصبحون على دراية بالتمييز بين سمات وخصائص الوجوه الرئيسية لأشخاص من حولهم. وغالباً ما يعتاد الأشخاص البيض على التركيز على الاختلافات في لون الشعر ولون العين. بينما يصبح الأفارقة من أصحاب البشرة الداكنة أكثر درايةً بالظلال الدقيقة للون البشرة.
قال كريستيان أ. ميسنر، أستاذ علم النفس في جامعة ولاية أيوا: "إن السبب نتاج تجربتنا الإدراكية، وإلى أي مدى نقضي الوقت مع الأعراق الأخرى، إلى أي مدى لدينا أصدقاء مقربون من عرق آخر".
بحسب البروفيسور ميسنر، في المجتمعات التي تكون فيها أقليات عرقية، تميل تلك الأقليات إلى أن تكون أفضل في تحديد الاختلافات في وجوه الأعراق الأخرى أكثر من الأشخاص من العرق السائد في ذلك المجتمع، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن لديهم تعرضاً وتجربة مع الوجوه من العرق الآخر أكثر.
العنصرية قد تلعب دوراً أحياناً
يشير بعض علماء الاجتماع إلى أن هذه الظاهرة قد تعود أسبابها نتيجة التحيز العنصري، حيث إن الأشخاص الذين لديهم مواقف عرقية متحيزة، ليس لديهم الدافع الحقيقي الذي يجعلهم يبذلون مجهوداً إضافياً لمحاولة التمييز بين وجوه أفراد الأعراق الأخرى.
أولئك الأشخاص ببساطة يرون الوجه على أنه ينتمي إلى مجموعة عرقية أخرى وحسب، ويتم التعامل معهم على أنهم كتلة واحدة، بدلاً من العمل على تحديد الفروق الدقيقة التي تشير إلى أنه وجه فرد مختلف عن غيره.
وجود هذا الدافع مع تأثير العرق الآخر يعتبر خليطاً سيئاً، وقد يؤدي لعواقب وخيمة، خاصة داخل النظام القضائي وتحقيقات الشرطة. وهو ما يظهر جلياً في الولايات المتحدة مثلاً، مع وجود حالات عديدة في إلقاء القبض على مشتبه بهم أبرياء من السود، بسبب الخطأ في تحديد الهوية. من شهود العيان أو الشرطة من العرق الأبيض.
كما أظهرت بعض الأبحاث أننا نميل إلى الثقة في الوجوه ذات الملامح والصفات المشابهة لملامحنا، وتلعب تحيزاتنا اللاواعية دوراً، ومن المرجح أن نعتبر الأشخاص جديرين بالثقة كلما كانوا يشبهون أو يتصرفون مثل الأشخاص الذين نعرفهم في المجتمع الذي عشنا فيه.
كما وجدت إحدى الدراسات أنه إذا كان المجتمع الذي نعيش فيه ودائرة الأشخاص الذين نتعامل معهم بشكل يومي متعدد الأعراق على نطاق واسع، فلن يظهر تأثير العرق الآخر، ولن يتأثر الحكم على الأشخاص باعتبارهم جديرين بالثقة أم لا.
بينما يرى علماء آخرون أن مثل تلك الحالات التي تصنف بأنها عنصرية ليست متعمدة دائماً، وإنما سببها نقص الخبرة في التعامل مع الفروقات بين وجوه الأعراق الأخرى، وبسبب "تأثير العرق الآخر"، وأن أولئك الأشخاص لم يتعلموا التعرف على الفروق الدقيقة في الوجه. بعبارة أخرى، دوافعهم ليست العنصرية، وإنما نقص في المعرفة.
الخبر السار هو أنه يمكنك تجنب الوقوع تحت "تأثير العرق الآخر"، خاصةً إذا كنت تعيش في مجتمع متعدد الأعراق، بأن تكون لديك تجارب وتفاعل مع الأشخاص من تلك الأعراق المختلفة عنك، ودماغك سيقوم بالباقي، ويتعلم التمييز بين الوجوه، وإن لم يكن بشكل مثالي، ولكن بشكل أفضل.