أعلن علماء، الإثنين، 27 مارس/آذار 2023، عن اكتشافهم مياهاً داخل حبيبات زجاجية متناثرة على سطح القمر، مشيرين إلى أنّ "علماء المستقبل" قد يتولون يوماً ما جمع هذه الحبيبات وإخضاعها للدراسة، وهو اكتشاف مهم بالنسبة لوكالات الفضاء التي تهدف إلى بناء قواعد لها على القمر.
كان يُعتقد منذ زمن أنّ القمر يتسم بالجفاف، لكنّ مهمات كثيرة أُنجزت على مدى العقود القليلة الفائتة، توصّلت إلى أن المياه موجودة على القمر، سواءً أكان فوق سطحه، أو داخل معادن، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
الأستاذ في علم الكواكب والاستكشاف لدى الجامعة المفتوحة في المملكة المتحدة، ماهيش أناند، قال في تصريح للوكالة الفرنسية، إنّ جزيئات المياه يمكن رؤيتها "تتناثر فوق سطح القمر" عندما تكون الشمس مشرقة.
أضاف أناند، وهو أحد معدّي الدراسة التي نُشرت في مجلة "نيتشر جيوساينس"، أن العلماء لم يتوصلوا بعد "إلى معرفة مصدرها الدقيق"، وأشارت الدراسة، التي أعدّها فريق من الباحثين برئاسة الأكاديمية الصينية للعلوم، إلى أنّ الحبيبات الزجاجية "يُحتمَل أن تكون الخزان الأساسي المعني بدورة المياه على سطح القمر".
تولّى الفريق العلمي تحليل 117 حبة زجاجية رصدتها مركبة "تشانغ آه-5" الصينية، في ديسمبر/كانون الأول 2020، وأُرسلت إلى الأرض.
هذه الحبيبات تشكّلت بفعل نيازك صغيرة، اصطدمت بسطح القمر المفتقر إلى الحماية التي عادة ما يوفرها الغلاف الجوي، وتسببت حرارة الاصطدام بإذابة المادة المكوّن منها سطح القمر، والتي عندما تبرد تتحوّل إلى حبيبات زجاجية مستديرة، مماثلة في سماكتها لشعرة واحدة.
بحسب أناند، فإنه "بالإضافة إلى اكتشاف المياه داخل حبيبات زجاجية، توصّل العلماء إلى أن ثمة تأثيراً واضحاً للشمس"، إذ تبينّ لهم أنّ الهيدروجين الضروري في عملية تشكّل المياه، مصدره الرياح الشمسية التي تجتاح الجسيمات المشحونة عبر النظام الشمسي.
كميات ضخمة من المياه؟
أما المكوّن الآخر للمياه، وهو الأكسجين، فموجود على سطح القمر داخل الصخور والمعادن، وقال أناند إن ذلك يعني أنّ الرياح الشمسية قد تكون ساهمت بشكل متساوٍ في تشكيل المياه على أجسام أخرى في النظام الشمسي تفتقر إلى الغلاف الجوي، كعطارد أو الكويكبات.
أشارت الدراسة إلى أنّ الحبيبات الزجاجية قد تشكّل نحو 3 إلى 5% من سطح القمر، مضيفةً أن الحسابات التقديرية توصلت إلى أنّ الحبيبات الزجاجية على سطح القمر قد تحوي نحو ثلث تريليون طن من المياه.
أناند لفت أيضاً إلى أن استخراج المياه من الحبيبات يتطلّب إخضاعها لدرجة حرارة تبلغ نحو 100 درجة مئوية.
وفي حين يستلزم هذا الاكتشاف مزيداً من الأبحاث، لفت أناند إلى أنّ تعريض الحبيبات للحرارة ومعالجتها، قد يوفّران المياه وحتى الأكسجين لـ"علماء المستقبل"، مما يساعدهم في استكشاف "عوالم أخرى بطريقة مستدامة ومسؤولة".
أوضح أناند أنّ روبوت "بروسبكت" الخاص بوكالة الفضاء الأوروبية، والذي من المقرر إرساله إلى القمر عام 2025، قد يكون أول مركبة فضائية تتمكن من جمع الحبيبات واستخراج المياه منها.
بحسب الوكالة الفرنسية، ترمي مهمة "فايبر" التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) والمُقرر إطلاقها في أواخر العام المقبل، إلى تحليل الجليد في القطب الجنوبي من القمر.
أما مهمة "أرتيميس" التابعة لوكالة ناسا أيضاً، فتهدف إلى نقل رواد فضاء إلى القمر خلال السنوات المقبلة، وذلك للمرة الأولى منذ العام 1972.