أشارت دراسة أجريت على قضايا المحاكم في الهند وباكستان إلى أن المتهمين لديهم فرصة أفضل في إثبات براءتهم لو كان القاضي الذي يرأس الجلسة يصوم شهر رمضان، وقال الباحثون، حسب ما نشرته صحيفة The Times البريطانية، إن الامتناع عن الطعام والشراب خلال ساعات النهار والانخراط في الصلاة والتأمل خلال الشهر الإسلامي المبارك ربما يخففان "من قسوة القضاة ويزيد من تساهلهم" .
وتوصلت دراستهم التي شملت 370 ألف قضية و8500 قاضٍ على مدار أكثر من نصف قرن من المحاكمات إلى ارتفاع معدلات التبرئة من القضاة الذين يصومون شهر رمضان، وإلى أن القضاة يكونون أكثر ميلاً لتبرئة المتهمين كلما ازدادت مدة الصوم.
فيما وجدت أن ارتفاع معدلات التبرئة لم يؤد إلى زيادة في عدد الاستئنافات أو عدد حالات من نالوا البراءة وعادوا إلى المحكمة بتهم جديدة، في دلالة على أن القضاة لم يكونوا متساهلين أكثر من اللازم أو أكثر ميلاً لتبرئة المجرمين الخطرين.
وتوصلت دراسات سابقة إلى ما يسمى بـ "تأثير القضاة الجائعين"، أي حين يكون القضاة أشد قسوة حين يمتنعون عن الأكل. لكن هذه الدراسة تشير إلى أن الطبيعة الدينية لشهر رمضان وفترات الصيام الطويلة خلاله قد تؤدي إلى نتائج مختلفة.
وفي الهند وباكستان، مثلما هو الحال في دول أخرى مثل ألمانيا، لا يُستعان بهيئات المحلفين أثناء المحاكمات الجنائية. واستعان سلطان محمود من المدرسة الاقتصادية الجديدة في موسكو، وأفنير سيرور من جامعة إيكس مرسيليا في مرسيليا، ودانيال تشين من كلية تولوز للاقتصاد ببيانات من عام 1950 إلى عام 2016 في باكستان ومن عام 1997 إلى عام 2018 في الهند.
وتمكنوا من تقييم تأثير طول فترة صيام على القضاة المسلمين كل يوم عن طريق مقارنة القرارات المتخذة في المحاكم في مناطق مختلفة، مشيرين إلى أنه "حين يحل شهر رمضان في الشتاء، تكون مدة الصوم أطول في تيرونلفيلي (قريباً من الطرف الجنوبي من الهند) من كوبوارا (في كشمير، على بعد 3540.5 كم شمالاً) لأن تيرونلفيلي أقرب إلى خط الاستواء (وساعات النهار أطول فيها)".
ووجدت الدراسة، التي نُشرت في مجلة Nature Human Behavior، أن "النتيجة الرئيسية التي توصلنا إليها هي أن القضاة المسلمين أكثر ميلاً بنسبة 10% لتبرئة المتهمين مع كل ساعة إضافية من الصيام مقارنة بالحد الأدنى الأساسي لساعات الصيام خلال شهر رمضان. وهذا ينطبق على باكستان والهند".
كما أشارت الدراسة أيضاً إلى أن تراجع قسوة القضاة أثناء الصيام ربما يكون سببه "الانضباط الديني أو التسامح أو بعض أشكال الميل إلى التساهل"، وأضافت أنه ثبت أيضاً أن الصيام "يحسن الذاكرة والإدراك".