السجن هو العقوبة الاعتيادية لمختلف أنواع الجرائم، وقياساً على شدّة هذه الجرائم، يقضي المجرمون وقتاً أطول أو أقصر خلف القضبان والأسوار المغلقة، لكن المتفَق عليه أنّ السجون تكون محدودة وغالباً ما تكون خطيرة، فهناك العديد من القصص المروعة داخل السجون، مثل القتل الوحشي أو أعمال الشغب التي تؤدي إلى العديد من الوفيات.
ومن بين أخطر السجون في العالم، سجن بيناس سيوداد باريوس بالسلفادور، الذي يعتبر الأكثر خطورة، والذي شُيّد خصيصاً كمعتقل لعصابة مارا سلفاتروتشا الخطيرة.
عصابة "مارا سلفاتروتشا" التي شُيّد من أجلها سجن "بيناس سيوداد باريوس"
يعتبر سجن بيناس سيوداد باريوس (Penal de Ciudad Barrios) أخطر سجن في العالم، ويقع بالسلفادور بأمريكا الوسطى، وبالضبط في مدينة بيناس سيوداد، التي تحمل الاسم نفسه.
يُنظر إلى السلفادور، التي يزيد عدد سكانها على 6 ملايين نسمة، على أنها واحدة من أكثر الأماكن عنفاً في العالم بأسره، وفقاً للأمم المتحدة، فإن السلفادور تفوقت حتى على هندوراس في عدد جرائم القتل.
لإعطائك فكرة أوضح، خلال يوم واحدٍ في سنة 2022، ارتكبت العصابات الإجرامية 62 جريمة قتل، ومنذ سنوات لا يزال معدل الجريمة في السلفادور لا يقل عن 18 عملية قتل، لكل 100 ألف نسمة، ولهذا السبب يوجد بها أخطر سجن في العالم.
فمن بين العصابات الشهيرة في السلفادور، نجد عصابة "مارا سلفاتروتشا" التي تشتهر باسم عصابة "MS-13″، وهي عصابة سلفادورية متورطة في تهريب المخدرات والبشر والعديد من الأنشطة غير القانونية الأخرى. تأسست في لوس أنجلوس في ثمانينيات القرن الماضي من قبل مهاجرين من السلفادور، وانتشرت لاحقاً في جميع أنحاء الولايات المتحدة، أمريكا الوسطى، وكندا، قبل أن تستقر في السلفادور بدءاً من سنة 1992، عندما انتهت الحرب الأهلية هناك.
تقوم العصابة بتجنيد أفرادها من بين فئات المحرومين والناس العاديين، الذين قرروا الانضمام إلى العصابة بحثاً عن عائلة بعد أن نُبذوا من المجتمع.
وفقاً لإحصاءات مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، كان لدى "مارا سلفاتروتشا" ما بين 6 آلاف و 10 آلاف عضو في الولايات المتحدة لوحدها مع مطلع القرن الجاري، فيما تحدثت تقارير أخرى عن ما يزيد عن 50 ألف عضو بالعصابة في أمريكا الوسطى غالبيتهم في السلفادور، وتتراوح أعمار غالبية أعضائها بين 11 و40 عاماً، ويمكن التعرف عليهم بسهولة من خلال الوشوم التي يرسمها أعضاؤها على أجسادهم، وبالأخص الوشوم على الوجه، وفقاً لـ wonews.
سجن خاص بـ "عصابة مارا سلفاتروتشا"
تم إنشاء سجن "بيناس سيوداد باريوس" الأخطر في العالم خصيصاً لإيواء أعضاء عصابة "مارا سالفاتروشا"، ومن أجل فصلهم عن المجتمع الصالح.
ولأنها كانت أخطر عصابة في البلاد. كانت القضية شديدة لدرجة أن الشرطة السلفادورية لم تكن لديها الشجاعة للبقاء داخل مبنى السجون، التي كانت مليئة بالأسلحة وتجار المخدرات والقتلة وأعضاء العصابات الأخرى، لذلك تم بناء بيناس سيوداد باريوس لإيواء 800 سجين.
ومع ذلك، يبلغ عدد نزلاء السجن أكثر من 2500 شخص مسجون. كل هؤلاء المعتقلين يقودهم قادة عصابة "مارا سالفاتروشا"، كون الشرطة وأعضاء الجيش السلفادوري موجودين فقط في المنطقة المجاورة للسجن، حيث تحرص السلطات تجنب التدخل في المشاكل الداخلية لسجناء العصابة.
سجن يحكمه السجناء وتخافه الشرطة
وعلى مدار السنين، طوّر سجناء "بيناس سيوداد باريوس"، نظاماً خاصاً للتعايش داخل السجن يشبه إلى حدٍّ ما مجتمعاً مصغراً، إذ أصبح السجن يضمُّ محلات لبيع الطعام وورشات للعمل، ومستشفى خاصاً، ومخبزة يديرها السجناء بأنفسهم.
ويحرص كل سجين جديد يدخل إلى بيناس سيوداد باريوس إلى إثبات عضويته في عصابة مارا سالفاتروشا من خلال وشمه على جسمه ووجه وشوماً لها علاقة بتاريخ العصابة والجرائم التي ارتكبها السجين.
وعلى الرغم من وجود عدة فضاءات خاصة بالسجناء داخل Penal de Ciudad Barrios، فإنّ المشكلة الكبرى هي أن المجرمين ليس لديهم ما يفعلونه طوال اليوم، إذ يقضي البعض وقتهم في ممارسة الألعاب، والبعض الآخر يمارس الرياضة، لكن في معظم الأحيان يكون لديهم الكثير من أوقات الفراغ، التي تتسبب في الكثير من الفوضى والصراعات وتصفية الحسابات بين أعضاء العصابة.
في سنة 2013، نجح المصور البريطاني، آدم هينتون (adam hinton) في الدخول إلى السجن بناء على دعوة من قائد عصابة مارا سلفاتروتشا؛ حيث قام بالتقاط مجموعة من الصور للسجن لنزلائه من عصابة مارا سلفاتروتشا.
أكد آدم هينتون لصحيفة The Guardian البريطانية، أنه كان آمناً بالفعل داخل السجن نظراً لأن الرئيس نفسه هو الذي دعاه إلى الداخل.
يقول آدم: "الغالبية العظمى من السجناء هم من الأحياء الفقيرة. في سلفادور هذا مكان لا يقدم أي أمل أو فرصة، والعصابات هي الخيار الحقيقي الوحيد. إذا قبضت عليك السلطات، فهذا هو المكان الذي تنسى فيه حرفياً، كل نزيل يشعر بهذا الشعور".