خلال العصور الوسطى كان يعتقد العديد من المسؤولين في الكنائس الأوروبية أن "الجرائم" التي ارتكبتها الحيوانات كانت من عمل الشيطان، وأن تركها بلا عقاب سيوفر فرصة للشيطان لتولي شؤون الإنسان، لذلك قرر هؤلاء أن تنظيم محاكمات غريبة للحيوانات
ومنذ عام 824 وحتى منتصف القرن الـ18، كانت الحيوانات تخضع لنفس المعايير الأخلاقية مثل البشر، حيث عانت من محكامات غريبة أصدرت نفس عقوبة الإعدام، وحتى التعفن في نفس السجون.
خنازير حوكمت بتهمة القتل
في خريف عام 1457، شاهد القرويون في منطقة سافيني بفرنسا خنزيراً رفقة 6 من أبنائه، تهاجم وتقتل صبياً يبلغ من العمر 5 سنوات.
على أثر ذلك، تم اعتقال الخنزير وأبنائه الـ6، وتقديمهم للمحاكمة، حيث تشكلت هذه المحاكمة من قاضٍ، ومدعٍ عام، و8 شهود، ومحامٍ للدفاع عن الخنازير المتهمة.
أثبتت شهادة الشهود بما لا يدع مجالاً للشك أن الخنزير قتل الطفل الرضيع. ومع ذلك، كان دور الخنازير الستة الصغيرة غامضاً، فعلى الرغم من تناثر الدماء على أجسادها، لم ير الشهود قط والخنازير الصغيرة وهي تهاجم الصبي بشكل مباشر، وعلى أثر ذلك حكم القاضي على الخنزير الكبير بالإعدام شنقاً، بينما أصدر حكماً ببراءة أبنائه الستة لغياب الدلائل على مشاركتهم في القتل.
ولم تكن تلك الحادثة الوحيدة التي وقف فيها الخنزير في المحكمة، وسلطت عليه عقوبة الإعدام، في الـ9 من يناير/كانون الثاني 1386، مثلت أمام المحكمة بمنطقة فاليز، التابعة لإقليم نورماندي الفرنسي، أنثى خنزير بعد أن وُجهت إليها تهمة التهام طفل رضيع لم يتخطّ عمره 3 أشهر، حيث اتهمت أنثى الخنزير بمهاجمة الطفل وتعنيفه والتهام أجزاء من جسده.
طيلة فترة المحاكمة لم يتردد القضاء الفرنسي في توجيه تهمة القتل العمد وتناول اللحم البشري للخنزيرة المتهمة التي جلست في قفص الاتهام، ومن خلال حادثة مثيرة للضحك أقدم القضاة على الاستماع لشهادة الخنزيرة التي اكتفت فقط بالقباع، وهو صوت الخنزير.
بعد نهاية المحاكمة، وثبوت جرم أنثى الخنزير، أصدر القضاء الفرنسي حكماً بالإعدام بحق المتهمة، وتمّ تنفيذه على ساحة السوق العمومية بمنطقة فاليز.
فئران حوكمت بتهمة إتلاف المحاصيل وأنقذتها القطط من الإعدام
كان بارتيليمي دي شاسينوز (Barthélemy de Chasseneuz) محامياً مؤثراً وسياسياً فيما بعد كان يتنقل بين المراكز المهمة في عصر النهضة في أوروبا.
في بلدة أوتون الفرنسية القديمة في أوائل القرن الـ16 دافع دي شاسينوز عن عدد غير محدد من الفئران التي دمرت محاصيل الشعير المحلية، وتم استدعاؤها للمحكمة.
خلال تلك المحاكمات نجح دي شاسينوز في خداع المحكمة بسلسلة من الحيل الناجحة من أجل تأجيل المحاكمة، مثل كون الفئران كبيرة السن ولعجزها عن الحضور، كما ناشد سكان المدينة إبقاء قططهم في منازلهم، حيث إن وجود تلك القطط في الشوارع يمنع أيضاً من حضور "زبائنه" الفئران إلى المحكمة.
لم تكن المحكمة مستعدةً لفرض حظر تجول القطط في المدينة، لذلك تم رفض القضية وأنقذت الفئران من عقوبة الإعدام.
ديك حوكم من أجل بيضة
في عام 1474، حكمت محكمة في بازل السويسرية على ديك بالإعدام حرقاً بتهمة "جريمة وضع بيضة"، فقد ثارت الشكوك حول الديك، واتهم بأنه ديك شيطاني، وأن البيضة تحمل شيطاناً صغيراً في داخلها، وحُكم عليه بالإعدام ليكون عبرة لبقية الديكة!
وتنفيذاً للحكم تم تحميص الديك المدان حياً في مدينة Kohlenberg، في مناسبة احتفالية حضرها حشدٌ كبيرٌ من الناس.
خلال القرن الـ14، رفع سكان مدينة ماينز الألمانية دعوى قضائية ضد بعض الذباب، بتهمة أنها تشكل خطراً على الماشية، ومدمرة للمحاصيل الزراعية.
كان المزارعون الألمان سعداء برؤية محكمة الكنيسة تقبل دعوتهم القضائية بمحاكمة الذباب، ونظراً لصغر حجمه، عيّن القاضي للذباب محامياً للدفاع عنه، ومع ذلك، وبعد المداولات، أصدر حكمه بإبعاد الذباب الإسباني من المدينة، وتم تخصيص قطعة أرضية لنفي الذباب فيها.
محاكمة الكلاب بتهمة التواطؤ في تهريب السجناء
لم تسلم الكلاب، التي كانت من الحيوانات الأليفة والمرافقة للإنسان، من المحاكمات الكنسية، ففي إحدى الدول الأوروبية خطط بعض السجناء للهروب من السجن، مستغلين نوم كلاب الحراسة التي كانت تغطّ في نومٍ عميق.
في اليوم الموالي، وبعد اكتشاف هرب السجناء، تم اتهام الكلاب بالتواطؤ في عملية الهروب، وذلك بعد أن أكملت الكلاب نومها عوض ملاحقة السجناء، وبعد المحاكمة أُصدر الحكم بإعدام الكلاب نتيجة لتقصيرها في عملها حسب القاضي.
أنثى حمار تنجو من الإعدام بشهادة حُسن السيرة!
وفقاً لكتاب "Ever Since Adam and Eve" في عام 1750 تم الحكم على الفرنسي جاك فيرون بالإعدام شنقاً بتهمة زواجه من أنثى حمار في محاكمة جرت في بلدية فانف الفرنسية، كان من المتوقع أن يُحكم على أنثى الحمار أيضاً بالإعدام، لكن قاضي المحكمة قام تبرئتها.
قررت المحكمة أن الحيوان كان ضحية ولم تشارك بمحض إرادتها، وما زاد من قرينة براءة أنثى الحمار وثيقة مؤرخة في 19 سبتمبر/أيلول 1750 إلى المحكمة نيابة عن أن الحمار تشهد على الطبيعة الفاضلة للحيوان وقعها كاهن الرعية وغيره من المقيمين الرئيسيين في البلدية، أعلنت أنهم "كانوا على استعداد للشهادة على أنها مخلوقة أكثر صدقاً في القول والفعل وفي جميع عاداتها الحياتية".