أثار قاضٍ في كولومبيا ضجة عندما أقر باستخدامه أداة الذكاء الاصطناعي ChatGPT لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كان يجب أن يغطي التأمين الصحي لطفل مصاب بالتوحد جميع تكاليف علاجه الطبي، واعتمد على سابقة قضائية من أحكام ماضية لدعم قراره، حسب ما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية.
إذ خلُص خوان مانويل باديلا، القاضي في مدينة كارتاخينا الكاريبية، إلى أنه ينبغي دفع النفقات الطبية للطفل بالكامل وتكاليف النقل من خلال خطة تأمينه الطبي؛ لأنَّ والديه لا يستطيعان تحملها، وفي حين أنَّ الحكم نفسه لم يسبب الكثير من الجلبة، فإنَّ إدراج محادثات القاضي باديلا مع برنامج ChatGPT في نص الحكم كان أكثر إثارة للجدل.
ومن بين استفسارات باديلا مع روبوت المحادثة، التي تُظهرها الوثائق القانونية، طرح القاضي على ChatGPT المسألة القانونية الدقيقة المنظورة بين يديه: "هل يُعفَى القاصر المصاب بالتوحد من دفع رسوم علاجه؟". وتوافق رد ChatGPT مع القرار النهائي للقاضي: "نعم، هذا صحيح. فوفقاً للوائح في كولومبيا، يُعفَى القاصرون المصابون بالتوحد من دفع رسوم علاجهم".
استخدام الذكاء الاصطناعي يثير جدلاً!
وأثارت القضية نقاشاً حول استخدام الذكاء الاصطناعي في القانون، وانتقدها بعض أقران باديلا.
ويعمل برنامج ChatGPT من خلال تمرير النص عبر شبكة الإنترنت لتوليد ردود مستنيرة، لكن تبيّن أنه يقدم إجابات مختلفة عن نفس السؤال. إضافة إلى أنه يختلق المعلومات في بعض الأحيان لتكوين أكاذيب إبداعية ومقنعة.
كما أثارت المنصة الناشئة قلقاً في الأسابيع الأخيرة، بما في ذلك في المدارس، حيث يخشى المعلمون أن يستخدم الطلاب منصة الذكاء الاصطناعي OpenAI في السرقات الأدبية.
بيد أنَّ القاضي باديلا دافع عن استخدامه للتكنولوجيا، مشيراً إلى أنه قد يجعل النظام القانوني المتضخم في كولومبيا أكثر كفاءة.
وصرح باديلا لإذاعة Blu Radio، يوم الثلاثاء 31 يناير/كانون الثاني، بأنَّ ChatGPT وبرامج أخرى من هذا القبيل يمكن أن تكون مفيدة "لتسهيل صياغة النصوص، لكن ليس بهدف استبدال" القضاة. وأصر أيضاً على أنه "من خلال طرح الأسئلة على التطبيق، فإننا لا نتوقف عن كوننا قضاة، ولا كائنات مُفكِّرَة".
كما جادل القاضي بأن ChatGPT يؤدي خدمات كانت مسنودة في السابق إلى مساعدين، لكن البرنامج قدمها "بطريقة منظمة وبسيطة ومنسقة، التي يمكن أن تحسن أوقات الاستجابة" في نظام العدالة.
ووافقت كولومبيا على قانون في عام 2022 يقترح أنه يجب على المحامين العامين استخدام التقنيات حيثما أمكن لزيادة كفاءة عملهم.
من جانبه، قال أوكتافيو تيجيرو، القاضي في المحكمة العليا في كولومبيا، إن الذكاء الاصطناعي تسبب في حالة من الذعر حول الأخلاقيات في مجال القانون؛ إذ يخشى الناس من أنَّ الروبوتات ستحل محل القضاة، لكنه توقع أن تصير الأداة قريباً مقبولة وشائعة.
وقال تيجيرو: "يجب أن يُنظَر إليها على أنها أداة تخدم القاضي لتحسين حكمه. لكن لا يمكننا السماح للأداة بأن تصير أهم من الشخص". وكان روبوت المحادثة نفسه أكثر تخوفاً بشأن دوره الجديد في نظام العدالة.
فقد رد الروبوت على سؤال من صحيفة The Guardian قائلاً: "لا ينبغي للقضاة استخدام ChatGPT عند الفصل في القضايا القانونية.. فهو ليس بديلاً عن معرفة وخبرة وحكم القاضي البشري".