قالت صحيفة The Guardian البريطانية في تقرير نشرته، الأحد 29 يناير/كانون الثاني 2023، إن العلماء اكتشفوا سماً نباتياً يمكن استخدام طريقته الفريدة في توجيه البكتيريا لإنشاء مجموعة جديدة قوية من المضادات الحيوية.
أشاد أطباء باحتمالية تطوير عقاقير جديدة مضادة للبكتيريا بهذه الطريقة، وكانوا قد حذروا لسنوات عديدة من أن الارتفاع المطرد في مسببات الأمراض المقاومة للأدوية المتعددة مثل الإشريكية القولونية يمثل الآن تهديداً خطيراً للرعاية الصحية في جميع أنحاء الكوكب.
استغلال طريق جديد لمعالجة الأمراض البكتيرية
كشفت مجموعة من العلماء البريطانيين والألمان والبولنديين في بحث نُشر مؤخراً في مجلة Nature Catalysis أن المضاد الحيوي الجديد، وهو الألبيسيدين، يهاجم البكتيريا بطريقة مختلفة تماماً عن الأدوية الموجودة. ويقولون إن هذا يشير إلى إمكانية استغلال طريق جديد لمعالجة الأمراض البكتيرية.
من جانبه، قال دميتري غيلاروف، الذي يقع مقر مجموعته البحثية في مركز جون إينيس في نورويتش الإنجليزية: "لم نتمكن من إثارة أي مقاومة تجاه الألبيسيدين في المختبر. لهذا السبب نحن متحمسون حقاً -لأننا نعتقد أنه سيكون من الصعب جداً على البكتيريا تطوير مقاومة ضد المضادات الحيوية المشتقة من الألبيسيدين".
في حين تُنتَج مادة البيسيدين عن طريق مسببات الأمراض النباتية البكتيرية التي تسمى Xanthomonas albilineans والتي تسبب مرضاً مدمراً، يُعرف باسم تحرُّق الأوراق، في قصب السكر. ويستخدم العامل الممرض الألبيسيدين لمهاجمة النبات، ولكن وُجِدَ أيضاً، منذ عدة عقود، أنه كان فعالاً للغاية في قتل البكتيريا.
اكتشاف طريق لقتل البكتريا
قال غيلاروف: "كانت المشكلة في ذلك الوقت أننا لم نكن نعرف بالضبط كيف هاجم الألبيسيدين البكتيريا، ولذا لم نتمكن من استخدامه كأساس لمضادات حيوية جديدة؛ لأن هذه ربما تسببت في جميع أنواع المضاعفات في جسم الإنسان". وأضاف: "كان علينا أن نحدد بدقة كيف يقتل البكتيريا قبل أن نتمكن من فعل ذلك -وهذا ما حققناه الآن".
من خلال العمل مع العلماء في جامعة برلين التقنية الألمانية وجامعة جاغيلونيان البولندية، استخدام غيلاروف وفريقه سلسلة من التقنيات المتقدمة للكشف عن كيفية يقتل الألبيسيدين البكتيريا.
قال غيلاروف: "الآن لدينا فهم هيكلي، يمكننا إنشاء تعديلات على مادة الألبيسيدين لتحسين فاعليتها وخصائصها الدوائية. نعتقد أن هذا هو أحد أكثر المضادات الحيوية المرشحة إثارةً في سنوات عديدة. له فاعلية عالية للغاية بتركيزات صغيرة، وهو فعَّال للغاية ضد البكتيريا المسببة للأمراض -حتى تلك المقاومة للمضادات الحيوية المستخدمة على نطاق واسع مثل الفلوروكينولونات".
من جهة أخرى، فقد حذرت منظمة الصحة العالمية من أن مقاومة المضادات الحيوية أصبحت أحد أكبر التهديدات للصحة العالمية والأمن الغذائي والتنمية. تسبب الاستخدام المفرط العشوائي للمضادات الحيوية في أن تطوِّر البكتيريا مقاومةً ضدها، مما أدى إلى تطور بعض سلالات الميكروبات التي أصبح القضاء عليها أصعب، مما أسفر بدوره عن ارتفاع التكاليف الطبية وإطالة فترات الإقامة في المستشفى وزيادة الوفيات.
في المقابل طرحت إحدى الدراسات الحديثة أن هذه المشكلة تقتل الآن حوالي 3500 شخص كل يوم، مع وفاة أكثر من 1.2 مليون في عام 2019 كنتيجة مباشرة للعدوى البكتيرية المقاومة للمضادات الحيوية.