بحلول الساعة الواحدة ظهراً، اليوم الجمعة 27 يناير/كانون الثاني 2023 بتوقيت لندن، سينتهي بث إذاعي عمره 85 عاماً لشبكة "بي بي سي" البريطانية، وستُطوى معها ذكريات كبر معها الجيل القديم في بريطانيا والعالم العربي على حد سواء.
ستتوقف الشبكة عن بثها الإذاعي بعد 85 عاماً، ولن يُسمع بعد الآن عبارة "هنا لندن" على وقع دقات ساعة العاصمة البريطانية، ولطالما كان هذا الإيقاع يعني قصصاً وحكايات للمستمع العربي.
انتهاء عصر الراديو
ومع ذلك، فإن الشبكة تقول إنها مضطرة للتماشي مع الحاضر وإنهاء عصر الراديو، الذي كان يجلس بجانبه الآلاف يستمعون أهم الأنباء على صعيد العالم والمنطقة.
في مطلع يناير/كانون الثاني الجاري، أبلغت الشبكة جمهورها العربي بأن بث الإذاعة "سيتوقف تدريجياً خلال الأسابيع القادمة"، تمهيداً لوقف البث تماماً قبل نهاية الشهر.
لكنها أضافت بالقول: "ولكن يمكنكم أن تستمعوا لصوت بي بي سي نيوز عربي دائماً على صفحتنا الرئيسية على الإنترنت ومنصات بي بي سي للتواصل الاجتماعي، وأبرزها فيسبوك وتويتر وإنستغرام".
وقالت: "يمكنكم الاستماع إلى إرسالنا على موجات FM حتى السابع والعشرين من يناير/كانون الثاني، الساعة الواحدة ظهراً".
كان بيان الشبكة إيذاناً بضرورة الانتقال نحو عالم الميديا الجديد، وطي صفحة عمرها عقود من الزمن والحروب والأحداث والقضايا الكبرى التي غطتها الشبكة طيلة 85 عاماً.
"هنا لندن"
وفي تقرير للشبكة تحت عنوان "بي بي سي عربي من "هنا لندن" إلى العصر الرقمي"، قالت إن دقات "بيغ بن" عبر الأثير، وكلمتيْ "هنا لندن" كانت مدخل الكثيرين في منطقتنا إلى بقاع أخرى من المعمورة، إذ لم تكن الإذاعات المحلية تشبع الرغبات في معرفة ما يجري بعيداً عن المنطقة، بل وما يجري داخلها في غالب الأحيان.
أضافت: "مؤشر جهاز الراديو كان الدليل رغم أن تحريكه يتطلب دقة بالغة للوقوف على المحطة الهدف. الصوت يرتفع وينخفض، يظهر ويغيب. الموجة القصيرة أو المتوسطة، سبب للخذلان أحياناً، إلى أن أتيحت الفرصة لموجات "إف إم" لتحل محلهما وتزيد صوت "هنا لندن" وضوحاً.
وبدأ القسم العربي في بي بي سي بإذاعته التي سرعان ما ملأت أصوات مذيعيها الأثير، وانتشرت شهرة برامجها الإخبارية والثقافية والترفيهية في أصقاع عالمنا العربي.
كانت الإذاعة آنذاك سيدة المشهد بعد أن ولجت كل مكان، أما الصحف فلنُخب المدن، ثم دخلت الشاشات إلى البيوت محليةً محدودة قبل أن تنتقل إلى مرحلة الانتشار عبر الفضاء الشاسع والزمن المتسع.
خدمة بي بي سي باللغة العربية، التي انطلقت عام 1938، لم تقتصر على الصوت، بل تعاملت مع الكلمة المكتوبة أيضاً، وذلك عبر مجلاتها الشهيرة: "المستمع العربي" و"هنا لندن" و"المشاهد السياسي"، بحسب التقرير ذاته.
وختم التقرير بالقول: "ومع التقدم التقني خضع موقع بي بي سي عربي لتغييرات متتالية، لكنه لن يتوقف عند هذا الحد، إذ لا يزال مستمراً بالتطور تماشياً مع سيرورة تكنولوجيا المعلومات التي لا تلتفت إلى الوراء أبداً، وانسجاماً مع خطط بي بي سي لإعادة تشكيل خدماتها. ومع أن يوم 27 يناير/كانون الثاني 2023 يشهد توقف بث الإذاعة عبر الأثير، يظل محتوى بي بي سي بما في ذلك المحتوى الصوتي متاحاً للجمهور الواسع عبر موقع بي بي سي نيوز عربي".