إنجاب الأطفال مهمة صعبة بالصين التي تشهد انخفاضاً بالسكان.. كثيرون يحجمون عنه رغم مساعدات الدولة

عربي بوست
تم النشر: 2023/01/23 الساعة 07:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/01/23 الساعة 07:48 بتوقيت غرينتش
إنجاب الأطفال في الصين يمثل مهمة صعبة بسبب تكاليف الحياة - Shutter Stock

يشكل إنجاب طفل في الصين مهمة معقدة لكثير من الأهل، الذين يتعين عليهم التوفيق بين العمل والحياة العائلية في ظل نقص المساعدات الحكومية، ما يفسر جزئياً تراجع نسبة الولادات الجديدة في البلاد، وهي مسألة تمثل مصدر قلق للمسؤولين في البلاد، لا سيما مع تراجع عدد السكان. 

الصين كانت قد أعلنت، الثلاثاء 17 يناير/كانون الثاني 2023، أن عدد سكانها انخفض في العام 2022 للمرة الأولى منذ ستة عقود، ويحمل ذلك بوادر أزمة ديموغرافية يمكن أن تحد من النمو وتؤثر بشدة على المالية العامة، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية. 

في محاولة لتشجيع المواليد، تدفع السلطات المحلية للأهل مخصصات عائلية شهرية، ومكافآت ولادة تتجاوز أحياناً ألف دولار، أو حتى تقديم تسهيلات لشراء شقة.

لكن وتيرة الحياة السريعة، وضغط عالم العمل، وتكلفة التعليم، إضافة إلى الرغبة في توفير أفضل الظروف الممكنة للأبناء، تثني أزواجاً كثيرين عن إنجاب عدد أكبر من الأطفال.

تعتبر وينجينغ، وهي مدونة ثلاثينية متخصصة في شؤون الإنجاب، أن المساعدات المقدمة من الدولة غير كافية، وقالت إن "أسراً كثيرة تجد صعوبة بالغة أصلاً في تربية طفل واحد"، وتشير إلى أن "الجائحة تسببت بمعاناة مالية حقيقية لكثير من الأزواج الذين قرروا عدم إنجاب مزيد من الأطفال".

الإحجام عن الإنجاب، يأتي على الرغم من إنهاء عقود من العمل بسياسة الطفل الواحد، وبات في إمكان الأزواج الصينيين منذ 2021 إنجاب ثلاثة أطفال.

سعت مدن كبرى في الصين أيضاً، مثل بكين وشنغهاي للتشجيع على الإنجاب، ومددت المدينتان إجازات الأمومة إلى 158 يوماً، أكثر بستين يوماً من المدة الممنوحة على الصعيد الوطني، وتحض السلطات الصحية أيضاً المجتمعات المحلية على إنشاء مزيد من دور الحضانة.

الصين الانجاب
أصبح إنخفاض معدل نمو السكان في الصين ظاهرة مقلقة – رويترز

ارتفاع التكاليف

لكنّ حجز مقعد في دار حضانة خاصة قد يكلف ما بين خمسة آلاف وعشرين ألف يوان شهرياً (740 و2950 دولاراً) في بكين، وفق منظمة "إيجا سوسايتي بوليسي إنستيتيوت".

يزداد الأمر صعوبة مع عيش كثيرين من أفراد الفئة الشابة في المدن بعيداً عن عائلاتهم، وأحياناً في مقاطعات أخرى، ما يحرم الأجداد من مساعدة الأهل في تربية أطفالهم.

تقول نانسي (اسم مستعار)، وهي أم ثلاثينية تعمل في التجارة الإلكترونية في بكين، إن التوفيق بين عملها وتربية طفلها بات مهمة شاقة، وأضافت في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية: "بات مستحيلاً عليّ أن أجد توازناً" بين المهمتين.

توضح نانسي أنه "إذا أردت إرضاع طفلك، فلن يكون ممكناً العمل في وظيفة" إذ لا يمكن اصطحاب الطفل إلى المكتب، "لكن لا يمكن أن نتحمل تبعات الاستقالة من الوظيفة نظراً إلى وضعنا المالي".

لذلك، يركز الأهل في الصين في كثير من الأحيان اهتمامهم على طفل واحد لتعزيز حظوظه في النجاح في مجتمع يشهد منافسة محمومة، وقد ساهمت هذه الظاهرة في تراجع الولادات، بحسب نانسي.

تضيف السيدة أنه "بطبيعة الحال، إذا كانت طموحات الشخص أقل، فإنه لن يتعب إلى هذا الحد. لكن أكثرية الناس يربون أطفالهم بجدية كبيرة".

ارتفاع تكاليف الحياة تجعل إنجاب الأطفال مهمة صعبة في الصين – رويترز

اعتماد على الأقارب

ونظراً للظروف الاقتصادية، يعتمد كثر من الأزواج على أفراد من عائلاتهم لتغطية نفقاتهم الحياتية، وتقول نانسي: "إذا ما كان أبناء جيلي قادرين على العمل، فذلك بدرجة كبيرة يقوم على استغلال أهلنا الذين يساعدوننا في تربية أطفالنا لسنوات عدة".

هذه حال إيفي مينغ الشابة الثلاثينية، التي قالت لوكالة الأنباء الفرنسية، إن تربية ابنها "تولاها جداه بدرجة كبيرة" خلال الجائحة، حين كانت المدارس مغلقة، وكان زوجها يعمل دواماً كاملاً، واستمر الوضع مع نهاية الجائحة، مع إعطاء إيفي أولوية لعملها.

يرى خبراء علم السكان أن الدولة الصينية يجب أن تزيد مساعداتها للأهل الشباب وتساعدهم على تقليص تكاليف تربية الأطفال، إذا ما أرادت زيادة معدلات الإنجاب، وذلك يعود إلى الضغوط الكبيرة التي يواجهها صينيون كثيرون.

تقول نانسي إنه "بصرف النظر عن حجم المبالغ التي تدفعها الحكومة أو ما إذا كانت توفر لي بيئة أفضل (للتربية)، لا أرغب في إنجاب طفل آخر"، إذ إن "هذه مشكلة لا يحلها المال".

علامات:
تحميل المزيد