تحول صيد الفطر البري في تلال إيطاليا إلى حرب سوداء، ففي الوقت الذي يستعين فيه صيادو الكمأ بكلاب صيد مدرَّبة، يستعين آخرون بالسموم لقتل كلاب منافسيهم، بحسب ما نقل موقع Insider الأمريكي، الأحد، 15 يناير/كانون الثاني 2023.
والكمأ أو الفقع (في دول الخليج العربي) والترفاس (في مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا)، هو فطر بري موسمي، ينمو في الصحراء بعد سقوط الأمطار بعمق من 5 إلى 15 سنتيمتراً تحت الأرض، ويعتبر من ألذ وأثمن أنواع الفطريات الصحراوية.
وتناولت تقارير لصحيفة The New York Times، وصحيفة The Wall Street Journal الأمريكيتين، ما ورد عن أن بعض الصيادين يُلقون قطع النقانق وكرات اللحم المسممة في التلال المشجرة لإصابة كلاب منافسيهم أو قتلها، وقطع الطريق عليها في البحث عن فطر الكمأة غالي الثمن.
يصعب العثور على فطر الكمأة الإيطالي لندرته، وقد نقص بشكل شديد بسبب التغير المناخي، وتراجع كميات الأمطار، وتآكل الغابات التي كانت الموطن المثالي لنموِّه.
يبلغ سعر الأصناف الرائجة منه ما يزيد على 5 آلاف دولار للكيلوغرام، أما الكلاب المدرَّبة على تشمم الكمأة فيزيد سعر بعضها على 8500 دولار.
حرب بين الصيادين
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن سافيريو دوغلياني، وهو صائد كمأة إيطالي (57 عاماً)، قوله إن كلبه (فلوكي) قد تعرَّض للتسمُّم مرتين، و"غاية من يفعلون ذلك هي التخلص من المنافسين".
تحصد هذه الطعوم المسمومة حياة كثير من الكلاب والغزلان والثعالب كل عام. وذكرت الصحيفة أن طبيباً بيطرياً في بلدة ألبا بمقاطعة كونيو الإيطالية يعالج ما بين 8 إلى 10 كلاب كمأة مسمومة سنوياً، وإن كان الغالب أن العدد الفعلي للكلاب المصابة أكبر من ذلك بكثير، لأن الكلاب العادية كثيراً ما تتعرض للتسمم أيضاً.
فيما قالت مارتينا إركولي إن كلبها براندو، من نوع "لابرادور ريتريفر"، لقي مصرعه هذا الشهر بعد أن تناول "طُعماً مسموماً" من الأرض. وقد كتبت إركولي في منشور على موقع فيسبوك أن الشرطة الإيطالية أخبرتها أنه ثالث كلب يُسمم هذا الأسبوع، والمسؤول عن ذلك "هؤلاء المجرمون، ممن يعملون بصيد الكمأة وينشرون الطعوم السامة لقتل كلاب منافسيهم في هذه الحرب".
من جانبها، توجّهت مجموعة من صيادي الكمأة إلى المنطقة التي تسمم فيها الكلب براندو لتفتيشها، وتخليص الشجيرات من بقايا السم. وكان من بينهم أنتونيو موراسكا، الذي أخبر صحيفة The New York Times، أن كلبه (ثور) تعرّض للتسمم أيضاً هذا الشهر بعد أكل نقانق مسمومة.
وقال موراسكا للصحيفة الأمريكية: "أخرجت قطعة النقانق من فمه، لكنه هرب، وكان في فمه قطعة أخرى. ثم بدأ يرتجف، فأخذناه إلى البلدة، وجعلناه يتجرَّع الملح ليتقيأ، لكن سرعان ما احمرَّ بياض عينيه، وتيبست ساقاه. لقد مات قبل أن نصل إلى العيادة، في غضون نصف ساعة".
وأرسلت الشرطة الإيطالية كلاباً مدرَّبة للكشف عن السموم إلى غابات ألبا، سعياً للعثور على هذه السموم، التي تحصد بانتظام أرواح كلاب الكمأة في المنطقة.
مع ذلك، فقد ضاق السكان المحليون بمقتل كلابهم، فبدأوا بدورهم في تنظيم أنفسهم والخروج للبحث عن السموم بأيديهم. ولجأ بعضهم، مثل بيلاردو برافي -صياد الكمأة الذي كادت كلبته (بيلا) أن تموت بالسم منذ أكثر من عقد- إلى تركيب كاميرات مراقبة على شاحنته، وانضم إلى مجموعة غير رسمية للبحث عن الأشخاص الذين يزرعون السموم لكلاب الكمأة.
قال برافي لصحيفة The New York Times: "إذا أمسكت بأحدهم، فسأسوقه سوقاً إلى الساحة وأكسر يديه" أمام الناس جميعاً.