إذا كنتَ شاهدتَ فيلم Home Alone أكثر من مرة، أو أنك تنتظر العيد لمشاهدة مسرحية "سكّ على بناتك" رغم أنك تحفظ الحوار فيها، وحتى لو كنتَ تابعت فيلم ليندسي لوهان الجديد Falling For Christmas، أو أياً من أفلام العيد، وأحببتها، فإن هذا التقرير مخصّص لك، وبإمكانك متابعة القراءة.
في Falling For Christmas، الذي يُعرض على منصة نتفليكس، فإن قصة الفيلم عادية جداً، كما أن الشخصيات تبالغ في أدائها، إضافةً إلى أن حبكة الفيلم سريعة جداً وتجعل الأحداث غير واقعية.
أما في Home Alone، فالقصة أقرب إلى الخيال. عائلة تذهب في رحلة عيد الميلاد وتنسى ابنها الصغير في المنزل. وحين يكتشف أنه وحيد في المنزل ليلة العيد، يقتحم رجلان البيت بهدف السرقة، فتبدأ رحلته للإيقاع بهما وينجح!
قصة مبالغٌ فيها، صح؟
لكن رغم ذلك، فإننا لا نستطيع أن ننكر أننا شاهدنا Home Alone أكثر من مرة، وأن Falling For Christmas سيجعل قلوبنا تتلألأ بالسعادة؛ مثله مثل أي فيلم آخر من أفلام العيد التي عُرضت هذا العام، وفي السنوات السابقة، أو حتى المسرحيات التي نشاهدها مراراً وتكراراً في عيد الأضحى أو الفطر.
وبحسب ما اتضح، فثمة سببٌ علمي وراء هذه السعادة التي نشعر بها عند مشاهدة هذه النوعية من الأفلام. تعالوا نتعرّف عليه:
لماذا نستمتع بمشاهدة أفلام العيد؟
في حين أن هناك بعض الاستثناءات، فإن أفلام العيد دائماً ما تمنحنا شعوراً بالتفاؤل. حتى لو كان هناك صراعٌ ما في حبكة القصة، فإن روح العيد والعطلة ثابتة في الفيلم، من خلال شخصيات إيجابية مثلاً أو رسالة محبة أو انتصار للخير على الشر.
كلها عوامل من شأنها أن تمنحك شعوراً بالأمل، وأن تربطك بالتفاؤل الموجود في هذه الأفلام. وعندما تشعر بالإحباط، فإن تشغيل إحدى المسرحيات أو أفلام العيد يمكنه أن يجعلك أكثر سعادة.
في دراسة صدرت عام 2020 ونُشرت في كتاب Nostalgia Now، فإن أفلام العيد يسهل تتبُّعها وغالباً ما تكون نهايتها سعيدة. لذا فهي قادرة على تخفيف هرمونات التوتر وتعزيز صحة القلب والأوعية الدموية.
كما خلصت الدراسة إلى أنه عندما نشاهد هذه النوعية من الأفلام مع شخصٍ آخر، تتوثق روابط العلاقة بيننا.
من جهتها، ترى باميلا روتليدج في تقريرٍ نشرته مجلة Psychology Today الأمريكية، أن أفلام العيد يمكن التنبؤ بأحداثها، كما أنها لا تسبّب التوتر، ويمكنها أن تقودنا إلى شعور بالراحة والطمأنينة، مما يحسّن مزاجنا بصورة تلقائية.
أما كورتني كوب، الطبيبة النفسية لدى منصة Better Help للصحة النفسية، فقد قالت لمجلة Fortune: "عندما يتعلق الأمر بأفلام العيد- حتى ولو كانت تافهة- فإننا نحب مشاهدتها، لأننا نعلم أن نهايتها ستكون سعيدة".
وأضافت: "هي فرصة للهروب من الواقع، نستطيع من خلالها تعطيل ما يدركه ويصدقه عقلنا من أجل تخيّل عالمٍ يفوز فيه دائماً الشخص الطيب، عالمٍ تُحلّ فيه دائماً الخلافات، ويجد فيه البطل دائماً الحب الحقيقي، ويكون هناك دائماً ما يكفي من المال لهدية العيد، أو لإجازة العائلة".
وفقاً لموقع The Movie Blog، يمكن أن تكون الأفلام بشكلٍ عام، مفيدة لصحة الفرد النفسية، لأنها مصدر إلهاءٍ كبير عن الواقع. فكيف إذا كانت أفلام العيد، ذات النهايات السعيدة دوماً والتي غالباً ما تكون ساذجة.
ومع كلّ الجنون الذي يحدث من حولنا، فنحن بحاجةٍ إلى لحظات هروب نركز فيها على أمور أكثر إيجابية، وتشعرنا ببعض التفاؤل والسعادة.
ونحن نحب الأفلام الساذجة من دون أن يعني ذلك أننا سذج أو تافهون؛ ففي ورقةٍ بحثية نُشرت عام 2016 بمجلة Poetics، وجد العلماء في أبحاث الجماليات التجريبية أن الذين قالوا إنهم يحبون "الأفلام السخيفة" كانوا يتمتعون في الواقع بمستوياتٍ تعليمية أعلى من غيرهم.
كما كشفوا أن هؤلاء تحديداً كانوا من ضمن الفئات التي تُصنّف على أنها تتمتع بذوقٍ فني خاص، والتي يميل أفرادها إلى زيارة المتاحف والمسارح والمعارض الفنية بشكلٍ متكرر، أكثر من الشخص العادي.
لكن لماذا نشاهد بعض مسرحيات وأفلام العيد أكثر من مرة؟
وفقاً لموقع Mental Floss، تلمس بعض هذه الأفلام النوستالجيا الفردية لدينا، فتجعلنا في حنينٍ إلى الماضي، وهي عملية معرفية تجعلنا دائماً نتوق إلى أوقات الماضي، لأننا نعتقد أنها كانت أفضل -بطريقةٍ ما- من الآن.
تُصمم أفلام العيد من أجل أن تشتغل بهذه الطريقة وعلى هذه النقطة. ومع وجود شعور الراحة، المُضاف لروتين الأعياد (مثل مشاهدة الأفلام نفسها كل عام، أو حتى مشاهدة المسرحيات التي حفظناها عن ظهر قلب)، فإننا نشعر بالأمان والهدوء: وذلك شيء قد يكون من الصعب العثور عليه الآن، ومن ثم عندما نجده، تستهلكه عقولنا كله.
تقول مادلين صباغ، أخصائية في الطب النفسي، إن كل هذه الأمور الإيجابية التي تحدث عندما نشاهد أفلام العيد مفيدة لأدمغتنا، التي تطلق مادة الدوبامين، المرتبطة بالسعادة والمتعة والمكافأة، والمسؤولة عن تحسين مزاجنا.
وفي حديثها إلى "عربي بوست"، تؤكد صباغ أن الدوبامين يجعلنا نشعر كأننا نقضي أوقاتاً رائعة. أما بالنسبة إلى النوستالجيا التي نشعر بها، فهي بسبب الجزء المسؤول عن استجاباتنا السلوكية والعاطفية في دماغنا، والمعروف بـ"الجهاز الحوفي"، الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالذكريات وتجارب الحياة المبكرة، خاصة لدى الأشخاص البالغين.
الخلاصة:
إذا كنا نعاني من بعض القلق أو الاكتئاب غير الشديد، يمكن لأفلام عيد الميلاد أن تجعلنا نشعر ببعض الأمل، كما يمكنها أن تكون مصدر إلهامٍ لنا لاتخاذ إجراءات إيجابية في حياتنا، سواء الاتصال بصديقٍ قديم سبق أن اختلفنا معه أو بإمضاء مزيدٍ من الوقت مع أُسرتنا.