غالباً ما نجد في قائمة من نتابعهم على مواقع التواصل الاجتماعي أشخاصاً قد يصيبوننا بالغضب، سواء أكانوا مشاهير أو أشخاصاً نعرفهم (أو كنا نعرفهم) في الحياة الخاصة، لكن رغم ما يسببه هؤلاء الأشخاص من إزعاج فإننا نختار متابعتهم ومعرفة جديد حياتهم.
لكن لماذا يقوم بعضنا بهذا الفعل؟ تعالوا نتعرّف على هذه الظاهرة وأسبابها، وفي أي وقت يجب عليك إلغاء المتابعة.
الأسباب المحتملة لمتابعة الكراهية
قال أخصائيون في علم النفس والاجتماع لصحيفة "independent" ، إن هناك بعض التفسيرات التي تشرح الدوافع وراء متابعة أشخاص قد يصيبونك بالغضب أو الكراهية، وتأثير ذلك على الصحة النفسية والعقلية للإنسان:
- ارتباط الكراهية مع الحب
يتفاعل دماغ الإنسان بشكل مترابط مع الكراهية والحب، إذ لا يستطيع الدماغ في هذه الحالة التفرقة بينهما.
أكدت دراسة أجراها عالم الأعصاب البريطاني سمير زكي، أن بعض الدوائر العصبية المسؤولة عن تنشيط الدماغ بسبب الكراهية هي نفسها التي تنشط في حالة الحب، بهذا الشكل فإنّ الدماغ عصبياً يتعامل مع الكره والحبّ من نفس المنطلق، وقد يفسر هذا متابعة البعض لأشخاص رغم كراهيتهم لهم.
- الشعور بالملل
قد يكون الملل سبباً في متابعة أشخاص تكرههم على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تقول أستاذة علم النفس بام روتليدغ، لموقع "Vice" الأمريكي، إنّ مشاهدة المحتوى الذي غالباً ما يشعرنا بالغضب تقلِّل من نسبة الملل، إذ غالباً ما يكون ممتعاً ويثير المشاعر بطريقة مختلفة.
تشبه هذه الحالة مشاهدة أفلام الرعب، فرغم أنّ الشعور بالخوف سلبي في حقيقته، لكن من الممكن أن تشعر بالمتعة عند مشاهدة هذه النوعية من الأفلام.
- تضع معايير لنفسك
غالباً ما يقوم الإنسان بوضع معايير لنفسه عند ملاحظة بعض الصفات التي يكرهها في أشخاص آخرين.
وفي هذا السياق قالت روتليدغ، إنّ متابعة الأشخاص الذين لا نحبهم أو لا نحترمهم تساعد في تعزيز الهوية الشخصية، بالإضافة إلى تحديد القيم والمبادئ الذي تراها مناسبة لك.
ففي حال كنت تنظر إلى شخصٍ ما وتفكِّر في سلوكه وصفاته التي تكرهها (مثل التفاخر أو الوقاحة وغيرها من السلوكيات)، فهذا يجعلك تُذكِّر نفسك بتجنُّب هذا النوع من السلوكيات.
- الفضول
قد يقودنا الفضول في معظم الأحيان إلى متابعة بعض الأشخاص رغم كراهيتنا لهم، خاصَّة عند الاهتمام بموضوعٍ ما، فقد نرغب في معرفة دافع ومنطق الآخرين في الجانب الآخر، كما تقول إيفيتا مارش، الأستاذة والباحثة في علم النفس لموقع "independent" البريطاني.
- المقارنة
من بين الدوافع التي تجعلنا نتابع أشخاصاً نكرههم مقارنة أنفسنا بهم، بالإضافة إلى شعورنا بأننا أفضل منهم، وهذا ما يزيد من متعة متابعتهم وزيادة الشعور بالاطمئنان.
تقول بيجي كيرن، الأستاذة بمركز علم النفس الإيجابي بجامعة ملبورن، في حديثها مع موقع "إيه بي سي"، إن متابعة مَن نكره تجعلنا نشعر بالفوقية، وبتحسَّن تجاه أنفسنا من خلال الحكم على الآخرين، ونقول بداخلنا "على الأقل أنا لست مثل هذا الشخص".
متابعة من نكرهه ليس سلبياً دائماً
تعتبر متابعة من نكرهه أمراً سلوكيا عادياً، إذ يدخل في خانة المقارنة، ويعتبر بعض المختصين أن من الجيد أن يتعرض الإنسان لآراء ومواقف مختلفة ولا يتفق معها.
هذا السلوك يساعد في التغلب على ما يُعرف بـ"غرف صدى الصوت" في منصّات التواصل الاجتماعي، وهي بيئة يواجه فيها الشخص فقط المعلومات أو الآراء التي تعكس آراءه.
يمكن أن تخلق غرف الصدى معلوماتٍ مضللة، وتشوه منظور الشخص، بحيث يواجه صعوبة في التفكير في وجهات النظر المعارضة ومناقشة الموضوعات المعقدة.
إجمالاً، متابعة من نكره ليست سلبية، لكن علينا توخِّي الحذر من أن تدخلنا متابعتنا لهم في دوّامة الانغماس في صراعات قد تعود علينا بالسلب.
سلبيات متابعة أشخاص نكرههم
رغم ذلك، فلا بدّ من التنبيه على سلبياتٍ أخرى قد نقع فيها أثناء متابعتنا على منصّات التواصل لمن نبغضهم. فعلى الإنسان أن ينتبه إلى درجة ومدى متابعته لهؤلاء الأشخاص، فإذا أصبح مهووساً بمتابعة محتوى أشخاص يبغضهم باستمرار، ويوجه كل مشاعره السلبية إليهم، يصبح الأمر إشكالياً، كما أوضحت بيكر لموقع Vice.
كما يمكن لهذا الأمر أن يشير إلى مشاكل أعمق في داخلنا، فمن الأسهل أن تكره شيئاً مجرداً، وتوجه له مشاعرك السلبية، من أن تدرك أن هناك "مشكلةً ما فيك أنت". فمثلاً إذا وجدت نفسك تتابع أشخاصاً تكرههم بكثرة فقد يُعبِّر ذلك عن إحساسك بقيمتك الذاتية والأفكار السلبية في رأسك والأحكام التي تصدرها على نفسك.
من بين عواقب هذا السلوك نشر المحتوى السلبي وزيادة شهرته، ومع وجود خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي التي تُبرِز المنشورات التي تحظى باستجابةٍ عاطفية كبيرة، تساعد متابعتك للشخص الذي تكرهه ونشر محتواه في تشجيع سلوكه وزيادة مشاهداته.
ومن هذا المنطلق، أصبحت الكراهية مصدر شهرة للعديد من المؤثرين على مواقع التواصل، وتزداد شهرتهم وبروزهم من خلال المنشورات الاستفزازية التي تجذب الاهتمام لهم، وإن كان هذا بدافع الكره.