توافدت حشود كبيرة من أجل رؤية "نبتة الجثة" (تيتان أروم) التي أزهرت في حدائق مدينة أديلايد النباتية بأستراليا، حيث لا تزهر إلا مرة واحدة فقط كل بضع سنوات، ولمدة 48 ساعة فقط، بحسب ما ذكرت صحيفة The Guardian البريطانية، الإثنين 9 يناير/كانون الثاني 2023.
نبتة الجثة، وموطنها الأصلي جزيرة سومطرة الإندونيسية، تتميز ببعثها رائحة كريهة تنتشر لعدة كيلومترات لاجتذاب ذباب اللحم ونحل العرق وخنافس الجيف، وهي حشرات انغمست بالفعل في حبوب لقاح نبتة جثة أخرى.
ولأن هذه النبتة مهددة بالانقراض، فإن إزهارها النادر يدفع الآلاف إلى زيارتها والوقوف في صفوف لساعات لاستنشاق نفحة من رائحتها الكريهة.
رائحتها كرائحة الفئران الميتة
وقد تبدو نبتة الجثة زهرةً واحدة، لكنها في الواقع نورة زهرية، أي مجموعة من الأزهار تنمو على الساق. وارتفاعها قد يتجاوز المترين، ووزنها قد يصل إلى 150 كيلوغراماً، ورائحتها في الغالب تشبه رائحة الفئران النافقة، وإن شبهها البعض برائحة الأقدام الكريهة والجبن المتعفن.
يقول مات كولتر، الموظف المسؤول عن تكاثر النباتات في حدائق أديلايد، إن رائحة النبتة الكريهة داخل الدفيئة الزجاجية كانت قوية بدرجة كانت تشعره بالغثيان، بحسب الصحيفة.
وأدت إزالة الغابات المطيرة للحصول على زيت النخيل في إندونيسيا إلى تضاؤل أعداد نبتة الجثة إلى أقل من 1000 نبته في البرية، وأدرجت ضمن النباتات المهددة بالانقراض عام 2018. وفي محاولة للحفاظ على ما تبقى منها، أرسلت إندونيسيا البذور إلى الحدائق النباتية وبدأ كولتر في زراعة المزيد منها من قصاصات أوراقها.
تبعث رائحتها لجلب الحشرات الملقّحة
وقال كولتر: "ستتشكل درنة صغيرة، وهذه الدرنة قد يصل وزنها إلى 150 كيلوغراماً. بلغ أكبر وزن لهذه النبتة حتى الآن 75 كغم، وكان ارتفاعها 2.6 متراً"، مضيفاً: "في الليلة الأولى، تنشط الأزهار الأنثوية. وفي الليلة الثانية يتوقف نشاطها وتنطلق حبوب اللقاح من الأزهار الذكرية، ولذلك فتلقيحها ليس ذاتياً".
وأضاف: "هذه النبتة لديها طاقة كبيرة تمكنها من إطلاق هذه الرائحة. وهي لا تطلقها إلا حين ترغب في التلقيح. وهي تطلق هذه الرائحة لجلب المُلقِّح الذي ربما كان يزور زهرة أخرى. وملقحها الرئيسي نحلة العرق… وهي تشبه ذبابة صغيرة. وتنجذب حشرات أخرى من نوع الجيف إليها أيضاً".
ويقول كولتر إن أعداد الزوار الذين يأتون لشم رائحتها الكريهة تزداد كلما أزهرت، مشيراً إلى "أنها النبتة الأروع في العالم.. كانت رحلة رائعة وأسعدني أن أكون جزءاً منها".
ومع ذلك، فإن إزهار نبتة الجثة لا يدوم طويلاً؛ إذ قال كولتر، الإثنين: "ستختفي ظهيرة اليوم، وفي ظرف أسبوع أو نحو ذلك سينهار الهيكل بأكمله".
وبعد انهيار هيكل نبتة التيتان أروم، تدخل الدرنة الجوفية في حالة سكون لمدة عام تقريباً قبل أن تنمو مرة أخرى في شكل ورقة. ومرة كل بضع سنوات، تنمو لتصبح نبتة جثة جديدة.