عاشت الجزائر خلال سنة 2022 الكثير من الأحداث السياسية والاقتصادية والرياضية والثقافية، كان أبرزها على المستوى السياسي استضافتها القمة العربية التي أثير قبل وأثناء وبعد انعقادها الكثير من الجدل.
كما عرفت الجزائر مستجدات في المجال الاقتصادي جراء ارتفاع أسعار النفط والغاز، والمجال الرياضي إثر نكستي أمم إفريقيا والفشل في بلوغ المونديال، فضلاً عن المجالين الدبلوماسي والثقافي.
عام القمة العربية
لم يكن أشد المتفائلين يؤمن بأن القمة العربية ستُعقد في الجزائر فعلاً، لا سيما بعد تأجيلها من شهر مارس/آذار 2022 إلى أول نوفمبر/تشرين الثاني من السنة نفسها، فضلاً عن عمق الخلافات بين البلدان العربية في القضايا الجوهرية.
وقامت الخارجية الجزائرية بلقاءات ماراثونية مع نظيراتها العربية لتذليل الخلافات وضمان مشاركة نوعية للزعماء والملوك والرؤساء العرب.
وعنونت الجزائر قمتها بـ"قمة لم الشمل"، إذ مهدت لها بإرساء مصالحة بين الفصائل الفلسطينية انتهت بتوقيع "اتفاق الجزائر"، كما حاولت إعادة سوريا إلى الجامعة، لكن بعض الدول رفضت رفضاً قاطعاً عودة دمشق لشغل كرسيها.
ونجحت الجزائر في ضمان مشاركة جيدة حضرها جل القيادات العربية، كما استطاعت أن تنهي القمة ببيان ختامي أرضى جميع الأطراف.
وكان تنظيم القمة في الجزائر صاحبه تخوفات من الفشل بسبب الخلافات العربية حول سوريا وليبيا والسودان واليمن ولبنان وإيران وتركيا، لكن العمل في الكواليس ذلل الخلافات، واستطاع أن يضمن حداً أدنى من التوافقات.
ويرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الجزائر توفيق بوقعدة أن عقد القمة العربية وإتمام المصالحة الفلسطينية أهم حدثين في سنة 2022 بالنسبة للجزائر.
وأضاف بوقعدة في حديث لـ"عربي بوست" أن كثيرين شككوا في قدرة الجزائر على لم شمل العربي، لكنها نجحت في ذلك بغض النظر عن مدى تطبيق مخرجات القمة من عدمها.
عام الرخاء الاقتصادي
بعد 8 سنوات عجاف خسرت الجزائر فيها قرابة 70% من احتياطياتها النقدية جراء انهيار أسعار النفط، دبت الحياة مجدداً في الاقتصاد الجزائري مع الساعات الأولى للغزو الروسي لأوكرانيا.
فبعد أن كانت الجزائر نهاية 2021 تحاول أن تبدو متماسكة اقتصادياً وسط تداعيات الأزمة العالمية الناجمة عن جائحة كورونا، وصل احتياطي الصرف للبلاد لأول مرة منذ عقد إلى حدود 40 مليار دولار، مع عجز في الميزانية فاق 20 مليار دولار.
ما يعني أن الاحتياطي كان سيسد ثغرة العجز لسنتين فقط، لتواجه البلاد شبح الاستدانة من المؤسسات الاقتصادية العالمية مجدداً، وهي التي تخلصت من سطوتها قبل 20 عاماً.
كانت ومازالت الجزائر أحد أكبر المستفيدين من الغزو الروسي لأوكرانيا وتوتر علاقات بوتين بالغرب، حيث عوّل الأخير على الجزائر لتعويض جزء من الطاقة الروسية، ما جعلها تجني مليارات من الدولارات لم تجنها خلال 8 سنوات مضت.
وحسب وزارة الطاقة الجزائرية فإن مداخيل الجزائر من الغاز والنفط سنة 2022 فاقت 50 مليار دولار، بينما كانت في السنة التي قبلها 20 مليار دولار فقط.
ومع تضاعف مداخيل البلاد، وتوقع الحكومة الجزائرية أن يستمر الوضع لسنوات أخرى، أقرت ميزانية جديدة هي الأكبر في تاريخها بلغت 100 مليار دولار بغرض إنعاش الاقتصاد وإطلاق مشاريع استثمارية كبرى.
وأبدى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عدم رضاه الكامل عما تحقق من إنجازات اقتصادية خلال السنة المنقضية، واعداً بتحقيق قفزة كبيرة في السنة الجديدة.
وختمت الحكومة السنة بزيادات في الرواتب ومنح البطالة ومعاشات المتقاعدين للمرة الثالثة خلال 3 سنوات.
نكسة رياضية
وعاش الجزائريون سنة 2022 على المستوى الرياضي بالكثير من الحسرة، بسبب النتائج السلبية غير المتوقعة للمنتخب الوطني.
وكانت بداية السنة غير مبشرة لبطل إفريقيا 2019، حيث خرج من الدور الأول لأمم إفريقيا الكاميرون 2021 (أقيمت 2022)، بعد التعادل مع سيراليون ثم الهزيمة أمام غينيا الاستوائية والكوت ديفوار.
ولم يسجل محاربو الصحراء إلا هدفاً واحداً في البطولة، ليكونوا بذلك من أضعف المنتخبات في البطولة.
وبعد "كان الكاميرون" صب المنتخب الجزائري اهتمامه تجاه المباراة الفاصلة لبلوغ مونديال قطر 2022، وفاز الخضر في مباراة الذهاب ضد الكاميرون بهدف دون مقابل، لكنهم انهزموا في ملعب مصطفى تشاكر بالبليدة بهدفين لهدف، في آخر أنفاس المباراة وقعه المهاجم توكو إيكامبي.
ويرى الصحافي الرياضي بلال بوزيدي أن بداية السنة الرياضية في الجزائر لم تكن سعيدة بالنسبة للجزائريين، خاصة أنها تزامنت مع نكسة أمم إفريقيا بالكاميرون، حيث لم يقوَ المنتخب الوطني حتى على نيل أفضل مركز ثالث من بين المجموعات الستة.
وأضاف بوزيدي في حديث مع "عربي بوست" أن صدمة الفشل في بلوغ المونديال كانت شديدة، شعر بها كل من المواطن البسيط إلى كبار مسؤولي الدولة.
ووفق المتحدث ذاته، فإن باقي الرياضات لم تصنع الاستثناء خلال 2022، فكرة اليد لم تقوَ على مجاراة منتخبات كانت في وقت سابق يصعب عليها مواجهة الجزائر، فقد عانى المنتخب للتأهل إلى الدور الثاني من بطولة كأس إفريقيا بمصر، وخرج من دور ربع النهائي على يد البلد المضيف.
وختم بوزيدي حديثه بأن رياضات الملاكمة والجيدو والمصارعة وبعض الاختصاصات الأخرى، على قلتها، رفعت سقف الطموحات عالياً، وبقيت بنفس ثبات النتائج التي تابعها الجمهور الرياضي عن كثب خلال الألعاب المتوسطية بوهران.
واعتبر الصحافي الرياضي، الحدث الأبرز في الجزائر سنة 2022 هو تنظيم ألعاب البحر الأبيض المتوسط بوهران، وتحطيمها الرقم القياسي من خلال الحصول على 53 ميدالية، منها 20 ذهبية.
الثقافة.. الراي تراث عالمي
لا صوت يعلو على صوت "الراي" ثقافياً في الجزائر في 2022، فبعد محاولات متكررة تمكنت الجزائر من إدراج الأغنية ضمن التراث العالمي غير المادي بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والفنون (اليونسكو).
وقالت وزارة الثقافة الجزائرية إن الجزائر افتكت شهادة حاسمة باعتراف العالم بهذا النوع الموسيقي الثقافي، وتؤكد أصالته الجزائرية، بما يتمتع به من عراقة وشاعرية وتنوع موسيقي ورسالة محبة وسلام للإنسانية جمعاء.
كما اعتبرت الوزارة الحدث أكبر انتصار للثقافة الجزائرية منذ سنوات، مؤكدة أنها ستعمل على إدراج فنون جزائرية أخرى ضمن التراث العالمي غير المادي.
واعتبر الناقد والصحفي فيصل شيباني إدراج فن "الرأي" كتراث عالمي غير مادي أبرز حدث ثقافي في الجزائر، ليس في سنة 2022 فقط، بل في السنوات الأخيرة.
وأكد شيباني الذي تحدث لـ"عربي بوست" أن إدراج "الراي" لدى منظمة اليونسكو سيفتح الباب على مصراعيه لضم فنون جزائرية متنوعة أخرى، لتصبح هي الأخرى تراثاً عالمياً غير مادي.