بعد أن كان القاتل المتسلسل، الفرنسي تشارلز شوبراج، محكوماً بالسجن المؤبد في نيبال، إثر قيامه بعدة جرائم قتل بحق مجموعة من السياح، كانوا يزورون عدة دول في شرق آسيا، تمكن مؤخراً من معانقة الحرية، بعد أن استطاعت هيئة الدفاع تقديم التماس في قضيته، بسبب حسن السلوك وقضائه 75% من عقوبته الحبسية.
وكان لقب هذا القاتل، الذي عاش حياة مضطربة، ومليئة بالمشاكل العائلية، هو "الثعبان"، بسبب براعته في الهرب من السجن، والسفرة من دولة إلى أخرى، دون إلقاء القبض عليه خلال السفر، من أجل القيام بجرائم أخرى.
وكان آخر سبب في دخوله السجن، في نيبال، هو قتله سائحتين هناك، الأولى أمريكية، والثانية كندية، سنة 2003.
تشارلز شوبراج.. طفولة تعيسة قادته إلى الإجرام
ولد تشارلز شوبراج في مدينة سايغون الفيتنامية، سنة 1944، لأب هندي وأم فيتنامية، لكن والده رفض الاعتراف بأبوته، فاضطرت الأم للهجرة إلى فرنسا، بعد أن تزوجت هناك من ملازم في الجيش الفرنسي، مما جعله يحصل على الجنسية الفرنسية.
لكن شوبراج لم يحصل على تربية جيدة، الشيء الذي جعله يتورط في عدة أعمال غير قانونية، ابتداء من سنة 1962، من بينها سرقة السيارات، رفقة مجموعة من أصدقائه، وكذا سرقة المجوهرات، مما تسبب في دخوله السجن لفترات قصيرة والخروج منه بعدها، ليستأنف ما توقف عنه خلال فترة حبسه.
وبعد زواجه من فتاة فرنسية تدعى شانتال كومبانيون، وإنجاب طفلته الوحيدة، انتقل تشارلز شوبراج رفقة عائلته الصغيرة للعيش في الهند، سنة 1970، حيث سافر بطرق غير قانونية هرباً من السجن مرة أخرى.
وبعد الوصول إلى مدينة مومباي، أكمل تشارلز ما بدأه من أعمال غير قانونية، منها تهريب للأحجار الكريمة والمتاجرة بها، إضافة إلى سرقة أموال وجوازات سفر السياح الأجانب، زوار القارة الآسيوية.
هرب من السجن لأكثر من مرة!
بعد سنة واحدة من استقراره في الهند، تم إلقاء القبض على شوبراج خلال محاولته السطو على بائع مجوهرات، في أحد الفنادق الفخمة، لكنه تمكن من الفرار سنة 1973، بعد أن تظاهر بالمرض، ونقل إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وقام بعدها بالهروب إلى كابول رفقة عائلته، وهناك عاد إلى سرقة السياح مرة أخرى، لكنه اضطر للهرب مرة أخرى، بعد انكشاف أمره هناك.
وتنقل بعد ذلك بين عدة دول في القارة الآسيوية، حيث كان يقوم باستدراج ضحاياه، من أجل سرقتهم، وقتلهم، عن طريق التظاهر بمساعدتهم، أو بيع المخدرات لهمم، خصوصاً أولئك الذين ينتمون إلى حركة "الهيبي" الشبابية، التي ظهرت في أمريكا سنوات الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وذلك لأنه كان يشعر بكره كبير تجاههم.
لكنه في سنة 1976، عاد إلى الهند مرة أخرى، حيث استقر في مدينة نيودلهي، حاول الإطاحة بمجموعة من السياح الفرنسيين، رفقة ثلاث نساء متواطئات معه، بعد أن أقنعهم بتوظيفهم كمرشدين سياحيين. إذ قدم لهم حبوباً مسممة من أجل قتلهم، وسرقتهم بعد ذلك، لكن بعض هؤلاء السياح تمكنوا من الهرب والاتصال بالشرطة، التي ألقت القبض عليه، وحكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات.
لكنه تمكن من الهرب مرة أخرى، بعد أن قام بتنظيم حفل عيد ميلاد داخل السجن، ودعا إليه جميع الحراس والمساجين، وكان قد حقن مخدراً في جميع الأطعمة المقدمة، مما جعل الجميع ينام، ويهرب رفقة 4 أشخاص آخرين.
الإفراج عن "الثعبان" بعد 20 سنة من السجن
لكن بعد مرحلة الهرب هذه، لم يتم تحديد كيف وصل إلى نيبال، بعد أن قام بعدة جرائم أخرى، في مجموعة دول، من بينها تركيا واليونان، وتايلاند، وباكستان، والتي قتل فيها سياحاً آخرين، ليصل عدد الأشخاص الذين قتلهم إلى 20 شخصاً.
تقول بعض المصادر إنه هرب في الأخير إلى فرنسا بأوراق مزورة من جديد، حيث عاش لبضع سنوات هناك، قبل التوجه إلى نيبال سنة 2003.
وكان سقوطه الأخير، والذي جعله يدخل السجن للمرة الأخيرة، حينما قتل سائحتين، الأولى أمريكية الجنسية، والثانية كندية الجنسية، إضافة إلى ثبوت دخوله البلاد بجواز سفر مزور.
وتم الحكم عليه بالسجن المؤبد، بعد أن ثبتت عليه جرائم أخرى، بالرغم من نكران الكثير منها، لكنه اعترف ببعضها للكاتب الأسترالي ريتشارد نيفيل، الذي كتبت سيرته الذاتية سنة 2004.
وخلال السنوات الأخيرة، اشتهرت قصة الفرنسي تشارلز شوبراج، التي تم تحويلها إلى مسلسل حمل عنوان "الثعبان"، من طرف شركتي "بي بي سي"، ونتفليكس، سنة 2021.
وبعد قضائه ما يقارب 20 سنة من السجن، تم الإفراج عن القاتل المتسلسل الفرنسي، وذلك يوم 21 ديسمبر/كانون الأول 2022، بفضل هيئة الدفاع التي أشارت إلى أحقيته في استعادة حريته بعد قضاء 75% من مدة عقوبته الحبسية، في حال كان يمتاز بحسن السلوك.