عام الانتصار الكروي بامتياز.. هذا هو العنوان العريض الذي يُمكننا وضعه إذا ما اخترنا أبرز حدث بين أحداث الرياضة والسياسة والمجتمع التي عاشها المغرب سنة 2022.
وعاش المغرب أحداثاً مختلفة خلال سنة 2022، منها ما هو مفرح أعاد البهجة للشعب الذي يُعاني كسائر دول العالم من آثار التضخم، التي أثرت على ارتفاع الأسعار، أيضاً عاش المغرب أحداثاً مأساوية كرحيل أسماء بارزة أحزنت الشعب.
المغرب في 2022.. سنة النصر الكروي
بدأ الاتحاد المغربي لكرة القدم منذ الأشهر الأولى لسنة 2022 بالاستعداد لتحقيق إنجازات كروية، سواء داخل المنتخب المغربي أم الأندية المغربية التي نافست في المسابقات القارية.
ففي شهر مارس/آذار 2022 خاض المغرب إقصائيات كأس العالم، واستطاع التأهل بعد تحقيقه الفوز على فريق الكونغو الديمقراطية، والذي تعادل معه في مباراة الذهاب وفاز عليه في الإياب.
بهذا الفوز الذي حققه المنتخب بقيادة المدرب البوسني وحيد خليلوزيتش، حجز المغرب مقعداً إفريقياً في كأس العالم الذي نُظم نهاية السنة في قطر.
مباشرة بعد إقصائيات كأس العالم، بدأت المشاكل تُقسم عناصر المنتخب المغربي، فارتفعت أصوات تُطالب برحيل المدرب وحيد خليلوزيتش، خصوصاً أنه السبب في غياب عناصر مهمة كحكيم زياش.
تجاهل الاتحاد المغربي لكرة القدم مطالب الشارع الكروي المغربي في البداية، وحاول لم شمل المنتخب لكنه فشل في الأخير، فاختار إنهاء عقد خليلوزيتش قبل أشهر قليلة من المونديال.
ورغم أن خليلوزيتش هو السبب في الوصول إلى كأس العالم، إلا أن الاتحاد الذي يقوده الرجل القوي فوزي لقجع فضل الاستماع لصوت الأغلبية وبدأ رحلة البحث عن مدرب جديد.
بعدها بأسابيع بدأ الحديث عن اسم وليد الركراكي ليقود المنتخب في نهائيات كأس العالم قطر 2022، فتم اختياره قبل أشهر فقط من المسابقة العالمية، لكنه نجح في كسب الرهان وحقق نتائج إيجابية
ولم يكن هذا هو الفوز الوحيد الذي حققه منتخب المغرب خلال سنة 2022، بل تجاوز الأمر ذلك عندما حقق نتائج تاريخية جعلته يُقارع عرين أكبر منتخبات العالم في المونديال.
واستطاع المنتخب المغربي أن يصل إلى نصف نهائي كأس العالم 2022، بعدما حقق انتصارات مستحقة على منتخبات قوية كبلجيكا وإسبانيا والبرتغال، هذه الأخيرة التي أقصاها في ربع النهائي.
لكن المغرب عاش، خلال 2022، أزمات، خصوصاً عندما أعلنت الحكومة رسمياً "حالة طوارئ مائية" بسبب الجفاف الذي عمّ أرجاء البلاد. وعم البلاد حزن عميق، بعدما توفي الطفل ريان في ثقب مائي جاف.
وقد أثار مشوار منتخب المغرب في المونديال موجة تعاطف وشعور بالفخر لدى كافة العرب، وهو ما تجسد في أجواء الفرحة في شوارع الدوحة ومدرجات ملاعبها، وكذا على منصات التواصل الاجتماعي.
ويوم الإثنين 19 ديسمبر/كانون الأول الجاري، صدر بيان للديوان الملكي يُعلن تخصيص "استقبال لأعضاء المنتخب الوطني لكرة القدم، وهو ما كان في اليوم التالي عندما خُصص استقبال جماهيري ضخم لحافلة الأسود.
وجابت هذه الحافلة بعض شوارع العاصمة الرباط حتى وصلت القصر الملكي، حيث استقبل العاهل المغربي محمد السادس عناصر المنتخب الوطني برفقة أمهاتهم.
ووشح العاهل المغربي محمد السادس مدرب النخبة الوطنية وليد الركراكي واللاعبين ورئيس الاتحاد المغربي لكرة القدم فوزي لقجع بالأوسمة الملكية.
ليس المنتخب فقط
النصر الكروي للمغرب في 2022 لم يقتصر فقط على إنجاز أسود الأطلس في المونديال، فقبله استطاع فريق الوداد البيضاوي المغربي أن يُحقق نصراً مستحقاً على النادي الأهلي المصري في دوري أبطال إفريقيا.
وفي 30 من مايو/أيار 2022 فاز الوداد المغربي بهدفين نظيفين مقابل لا شيء على النادي الأهلي، في مباراة كبيرة أُقيمت بملعب محمد الخامس وسط مدينة الدار البيضاء.
وقبلها بـ10 أيام تُوجت نهضة بركان بلقب كأس الكونفدرالية الإفريقية (كاف)، بعد فوز على أورلاندو بيراتس الجنوب إفريقي بالضربات الترجيحية في المباراة النهائية التي جرت في مدينة أويو النيجيرية.
سقوط الطفل ريان في بئر ضيقة
وإذا كان للمغرب في سنة 2022 نصيب من الفرح، فقد كان الحزن أيضاً حاضراً، ولعل أبرز الأحداث الأليمة التي عاشتها المملكة خلال السنة التي نُودعها سقوط الطفل ريان في بئر جافة قرب منزل أسرته بقرية شمالي البلاد.
حادث الطفل ريان تفاعل مع قصته العالم بأسره، كانت من بين الأحداث المأساوية المرتبطة بسنة 2022، إذ أعلن الديوان الملكي وفاته في 5 فبراير/شباط 2022 بعد بقائه عالقاً أكثر من 100 ساعة في بئر ضيقة.
وأخرجت فرق الإسعاف الطفل ريان، ليل السبت 5 فبراير/شباط 2022 ميتاً، وفق ما أعلن بيان للديوان الملكي، مضيفاً أن العاهل محمد السادس قدم تعازيه لوالدي الطفل في اتصال هاتفي "بعد الحادث المفجع الذي أودى بحياته".
وتابع الملايين في مختلف أنحاء العالم تلك الأزمة لحظة بلحظة عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وواكبوا الجهود المضنية لإنقاذ الطفل ريان من البئر الضيقة، وفجرت معاناته مشاعر الحزن، وأسالت الدموع.
مصالحة تاريخية مع إسبانيا
أما سياسياً، فأبرز ما طبع السنة هو الانتصار الدبلوماسي بعودة العلاقات بين الرباط ومدريد، بعد إعلان هذه الأخيرة دعم مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب لإنهاء نزاع الصحراء.
خلال عام 2022، تحديداً منذ تاريخ 7 أبريل/نيسان 2022، عادت المياه إلى مجاريها بين المغرب وإسبانيا، وتم استئناف التعاون وفتح مرحلة جديدة من الشراكة على "أساس أكثر صلابة".
وخطوة المصالحة هذه أتاحها تغيير إسبانيا موقفها من نزاع الصحراء لصالح المغرب، إذ جاء في البيان المشترك أيضاً، أن إسبانيا تعتبر "المبادرة المغربية للحكم الذاتي التي قدمها المغرب هي الأساس الأكثر جدية وواقعية".
تبنِّي مدريد هذا الموقف الجديد جاء في منتصف مارس/آذار 2022، متخلية بذلك عن حيادها التقليدي، ما فتح الباب أمام تطبيع علاقاتها مع المغرب، وإنهاء أزمة دبلوماسية حادة استمرت نحو عام على خلفية استضافة إسبانيا زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية لتلقي العلاج على أراضيها.
غياب الملك عن قمة الجزائر
قبل انعقاد القمة العربية في الجزائر في أول نوفمبر/تشرين الثاني 2022، كان السؤال المطروح على وسائل الإعلام المغربية والجزائرية هو: هل سيُشارك ملك المغرب محمد السادس في القمة؟
مشاركة العاهل المغربي الملك محمد السادس.
وكانت الجزائر قطعت علاقاتها مع الرباط منذ أغسطس/آب الماضي بسبب ما وصفته بـ"الأعمال العدائية" ضدها، فيما أعرب المغرب عن أسفه إزاء هذا القرار، ورفض "مبرراته الزائفة".
غير أن وزير الشؤون الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، قطع الشك باليقين، عندما أعلن في تصريحات صحافية، أن الملك يتعذر عليه حضور القمة لاعتبارات إقليمية، وأعطى تعليماته للوفد المغربي بالعمل البنّاء رغم عدم حضوره.
ودعا العاهل المغربي الملك محمد السادس، الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، إلى زيارة المغرب من أجل "الحوار"، وفق بوريطة، لكنها دعوة لم تتلقّ أي رد إيجابي من الأطراف الجزائرية إلى اليوم.
وكانت الجزائر تراهن على حضور العاهل المغربي بالجزائر في القمة العربية الـ31 تحت شعار "لم الشمل"، بعد تأجيل طالها لثلاث سنوات، خصوصاً أن قصر المرادية كان يريد إنجاح القمة وضمان تمثيل رفيع لها.
حالة طوارئ مائية رسمية
بعد توالي سنوات الجفاف في كل مناطق المغرب، أعلنت الحكومة رسمياً في الصيف الماضي "حالة طوارئ مائية"، عندما أطلقت حملة لتوعية المواطنين بضرورة الحد من تبذير المياه.
ودعا العاهل المغربي الملك محمد السادس، المغاربة لترشيد استهلاك المياه، مؤكداً في خطابه بمناسبة افتتاح البرلمان، أن المغرب أصبح يعرف "وضعية إجهاد مائي هيكلي"، ويمر بمرحلة جفاف صعبة "هي الأكثر حدة منذ أكثر من ثلاثة عقود".
قبل ذلك، تعالت أصوات الناشطين وجمعيات حماية البيئة، تطالب بـ"منع زراعات دخيلة"؛ وعلى رأسها فاكهة الأفوكادو والبطيخ الأحمر، التي تستنزف الفرشة المائية، في ظل تراجع حقينة السدود، وانخفاض حاد في مستوى المياه الجوفية.
رحيل المناضلة "ماما الشنا"
في 25 سبتمبر/أيلول الماضي رحلت الناشطة الاجتماعية المغربية، والمدافعة عن حقوق الأمهات العازبات عائشة الشنا، إلى دار البقاء، عن عمر ناهز 82 عاماً.
وبرحيل "ماما عيشة"، كما تحب النساء اللواتي يلجأن إليها مناداتها، طويت صفحة أبرز الوجوه الحقوقية المدافعة عن حقوق النساء، وبشكل خاص الأمهات العازبات وضحايا الاغتصاب اللائي وجدن فيها على امتداد نحو 40 سنة الحضن الدافئ الذي يحتضهن ويحن عليهن، في مواجهة نبذ المجتمع ورفضه لهن.
على امتداد أربعة عقود من الزمن، عملت الشنا على الدفاع عن الأمهات العازبات، وتوفير الدعم والمأوى لهن، باعتبارهن ضحايا المجتمع والقانون، وعن الأطفال المتخلى عنهم أو في وضعية صعبة.
وفي عام 1985 أنشأت الشنا "جمعية التضامن النسوي"، للعناية بالأمهات العازبات، وتقديم المساعدة القانونية والاقتصادية والنفسية لهن، علاوة على توعية النساء بخطورة العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج. وألفت الراحلة كتاب "ميزيريا" باللغة الفرنسية، هو في الأصل شهادات وحكايات لعشرات الضحايا من النساء.