بعد قضاء ليلة عادية مع أصدقائها في 18 ديسمبر/كانون الأول 1994، عادت أليسون بوثا إلى شقتها في بورت إليزابيث، جنوب إفريقيا. ولكن بمجرد أن أوقفت الفتاة، البالغة من العمر حينها 27 عاماً، سيارتها حتى اقتحمها رجل يحمل سكيناً.
أمر المهاجم بوثا بالانتقال إلى مقعد مختلف، وحاصرها داخل سيارتها، ثم قادها لالتقاء شريكه. أخذ الخاطفان اللذان تم تحديدهما لاحقاً باسميْ "فرانس دو تويت" و"تيون كروجر"، بوثا، إلى منطقة مهجورة في ضواحي المدينة، ثم قاما باغتصابها، وحاولا قتلها لكيلا تفضح سرهما.
أليسون بوثا.. والاختطاف
ولدت أليسون بوثا في 22 سبتمبر/أيلول 1967 في بورت إليزابيث بجنوب إفريقيا، انفصل والداها عندما كانت في العاشرة من عمرها، وقضت بوثا معظم طفولتها مع والدتها وشقيقها.
في سنواتها الأولى، عاشت بوثا حياة طبيعية إلى حد ما، عملت كفتاة رئيسة في مدرسة "Collegiate" الثانوية للبنات في بورت إليزابيث، عندما أنهت تعليمها، أمضت بضع سنوات في السفر. وبعد أن عادت إلى المنزل، وجدت بوثا وظيفة كوسيط تأمين استمتعت بها.
بدت ليلة هجومها كأنها ليلة عادية على الأقل في البداية، إذ قضت بوثا بعض الوقت على الشاطئ مع أصدقائها، ثم أعادتهم إلى شقتها لتناول البيتزا والألعاب.
عندما غادر معظم المجموعة، قادت بوثا صديقتها إلى منزلها، ثم عادت إلى شقتها، لكنها لم تكن لتنجح في الدخول إليها.
قبل أن تنزل من سيارتها هاجمها شخص يحمل سكيناً في يده وأمرها أن تجلس في المقعد المجاور وألا تصرخ وإلا قتلها، وأضاف أنه لا يريد قتلها لكنه يريد أن يمر عند صديقه وأن يستخدم سيارتها ليس إلا.
بعد أن وصل إلى منزل صديقه تمكنت بوثا من معرفة اسميهما من خلال نقاشهما، لكن مع الوقت لاحظت أن السيارة تتجه إلى خارج المدينة، إذ قام الرجلان باغتصابها ثم حاولا قتلها؛ إذ طعناها أكثر من 30 مرة أغلبها على مستوى البطن. بالإضافة إلى محاولة ذبحها.
نجاة بأعجوبة وتشبث بالحياة
حسب "all" ترك المجرمون الفتاة ملقاة فوق الرمال، لكنها قررت أن تترك دليلاً على اسمي المجرميْن، إذ قامت بكتابة اسميهما فوق الرمل، بالإضافة إلى رسالة لوالدتها، لكن سرعان ما أدركت بوثا أنه قد يكون لديها فرصة للبقاء على قيد الحياة. من بعيد، كان بإمكانها رؤية المصابيح الأمامية تتلألأ عبر الأدغال. إذا تمكنت فقط من الوصول إلى الطريق، فقد يتمكن شخص ما من مساعدتها.
رغم الاعتداء الوحشي الذي تعرضت له بوثا، والذي يقال حسب المصدر إن رأسها كاد يفصل من جسدها، تمكنت من الوصول إلى الطريق لتحصل على مساعدة من أحد المارة، ومن حسن حظها كان طالباً في كلية الطب يدعى "تيار إيلرد" الذي اتصل على الفور بالإسعاف رغم أنه كان متأكداً من عدم نجاتها.
عند وصولها للمستشفى انصدم الأطباء من الحالة؛ إذ إن جروحها مليئة بالرمال، ما زاد من حدة العملية، لكنها تمكنت من تجاوز الأمر، كما أنها تذكرت كل شيء عن مهاجميها. وسرعان ما تمكنت من التعرف عليهما من صور الشرطة بينما كانت لا تزال في المستشفى، ما أدى إلى اعتقالهما، خاصة أن لديهما سوابق في الاعتداء على النساء.
اعترف المجرمان بجريمتهما، وأضاف أحدهما أنه انصدم من أنها لا تزال على قيد الحياة، وأن حياتها تسببت في فشل خطتهما المستقبلية بقتل فتاة أخرى.
حكم عليهما بثلاث مؤبدات سنة 1994، لكن رغم ذلك كانت بوثا لا تزال تعاني من الندوب الجسدية والنفسية من هذه المحنة، لهذا قررت أنها بحاجة إلى مواجهة ما حدث لها.
من ناجية من جريمة قتل إلى محفز اجتماعي
سرعان ما بدأت أليسون بوثا السفر حول العالم، وسردت قصتها في 35 دولة على الأقل. واحدة من أوائل النساء من جنوب إفريقيا اللواتي تحدثن علناً عن الاغتصاب في كل من وطنها وفي الخارج، وساعدت في إلهام الناجيات الأخريات للتقدم ورواية قصصهن أيضاً.
إذ قالت بوثا: "لقد وضعني الهجوم على هذا الطريق حيث أسافر حول العالم وأساعد في إلهام الآخرين".
منذ ذلك الحين، كتبت بوثا كتابين. وفي عام 2016، ظهرت قصة بقائها على قيد الحياة في فيلم أليسون. واليوم، لا تزال تُعتبر واحدة من أكثر المؤثرين في جنوب إفريقيا.
كما تمكنت بوثا من إنجاب طفلين؛ أولهما كان سنة 2003، رغم أن جل الأطباء أكدوا خطورة الحمل على صحتها بسبب الطعنات التي تعرضت لها من قبل، إذ اعتبرتها بوثا من النجاحات التي أرادت أن تثبتها، خاصة للمجرميْن اللذين حاولا قتلها.
سنة 2017 تغير القانون في جنوب إفريقيا؛ إذ أصبح يسمح للأشخاص المحكومين بالمؤبد قبل 2004 بالطعن في الحكم، آملين في رؤية الحرية مرة أخرى.
لكن بوثا وقفت وراء قضيتها لكيلا يتمكن مغتصباها من رؤية الحرية مرة أخرى، لأنهما خطيران على المجتمع.