كشفت نتائج واحدة من أكبر الدراسات التي تتطرق إلى تجربة العمل 4 أيام في الأسبوع فقط، نتائج مذهلة، وقالت وكالة Bloomberg الأمريكية إن الشركات الـ33 المشاركة في الدراسة لن تعود إلى العمل بجدول الأيام الخمسة القياسي.
حسب تقرير الوكالة، الذي نُشر الأربعاء 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، قالت كبيرة الباحثين بالدراسة، جولييت شور، أستاذة الاقتصاد وعلم الاجتماع في كلية بوسطن: "تُعتبر هذه النتائج مهمةً؛ لأن عطلة نهاية الأسبوع التي تمتد ليومين لم تعُد كافيةً للناس".
تُعَدُّ هذه الدراسة هي الأولى بين سلسلةٍ من البرامج التجريبية التي تُنسقها منظمة 4 Day Week Global غير الربحية من نيوزيلندا، وتضمّنت عشرات الشركات في برامج تجريبية تستمر 6 أشهر.
نتائج العمل 4 أيام في الأسبوع
حيث جُمِعَت البيانات الأولية بشان العمل 4 أيام في الأسبوع من شركات ومنظمات تعمل في الولايات المتحدة، وأيرلندا، وأستراليا. وتتبعت البيانات أداء 969 موظفاً على مدار 10 أشهر، بالتزامن مع تقليصهم أسبوع العمل بنحو 6 ساعات في المتوسط ودون تغيير أجرهم.
جاءت مقاييس أداء المنظمات قوية، حيث ارتفعت الإيرادات بنحو 8% خلال فترة التجربة، بزيادةٍ بلغت 38% عن العام السابق، ما يُشير إلى نموٍ صحيّ خلال فترة التحوّل.
كما قيّمت المنظمات تأثير جدول العمل 4 أيام في الأسبوع على أنه إيجابي بمتوسط 7.7 من أصل 10 نقاط، رغم صعوبة قياس إنتاجية عدة شركات معاً. وتراجع غياب الموظفين من 0.6 يوم في الشهر إلى 0.4 يوم في الشهر، كما تراجعت الاستقالات قليلاً وزادت التعيينات بشكلٍ طفيف. فيما قيّمت الشركات التجربة الإجمالية بـ9 درجات من أصل 10.
إذ أنهت شركة Kickstarter مثلاً برنامجها التجريبي في سبتمبر/أيلول، وقررت تبني جدول الأيام الأربعة بصفةٍ دائمة لموظفيها البالغ عددهم نحو 100 موظف.
كما قال جون ليلاند، رئيس الاستراتيجية في الشركة: "لا شك في أننا شهدنا معدلات مشاركة أعلى من الموظفين، لدرجة أنها كانت أعلى من أي معدلات سجلناها على الإطلاق".
أضاف: "كما سجّلنا معدلات أعلى على صعيد الاحتفاظ بالموظفين وسرعة وسهولة التوظيف، وكانت هذه العوامل من أكثر العوامل تأثيراً على إنتاجيتنا الكلية. ولا شك في أن مزايا العمل 4 أيام في الأسبوع كبيرة، ولا تُقارن بالمجهود الهامشي الذي تتطلبه المشاركة في هذا التغيير".
نقاط ضعف الدراسة
لكن إحدى نقاط ضعف الدراسة تكمن في أن جميع المنظمات المذكورة اختارت المشاركة، ما يعني أن قيادتها كانت منحازةً بالفعل لفكرة العمل 4 أيام في الأسبوع.
الفكرة أعجبت حتى الموظفين الذين رفضوا المشاركة في البداية. فيما صرح 97% من المشاركين بأنهم يريدون الاستمرار في جدول الأربعة أيام عمل. وأبلغ الموظفون عن تراجع معدلات ضغوطات العمل، والاحتراق الوظيفي، والأرق، والإرهاق، ومشكلات النوم.
بينما زادت معدلات ممارسة الموظفين للتمارين بـ24 دقيقة أسبوعياً، لتبلغ أهداف التمرين المُوصى بها من جانب منظمة الصحة العالمية. وأبلغ الموظفون المشاركون في تجربة العمل 4 أيام في الأسبوع، كذلك عن تراجع درجة التضارب بين وقت العمل ووقت العائلة، وتراجع المناسبات التي يعودون فيها إلى المنزل منهكين وغير قادرين على تأدية الواجبات المنزلية.
من الجدير بالذكر أن وقت الفراغ الإضافي لم يُستخدم للحصول على وظيفةٍ ثانية، بل خصصه الموظفون لهواياتهم، ومهامهم المنزلية، ورعايتهم الذاتية.
يُذكر أن غالبية الشركات المشاركة في الدراسة كانت تميل إلى فئة الشركات الصغيرة ذات فرق الموظفين الأكثر شباباً، والذين يتراوح عددهم بين 10 و400 موظف تقريباً.
توسيع البحث على شركات أكبر
لكن الباحثين قالوا إنهم يجرون محادثاتهم مع شركات كبرى وأكثر شهرة بفرق موظفين يتراوح بين 1000 و35000 موظف، وذلك من أجل المشاركة في البرامج التجريبية بشأن العمل 4 أيام في الأسبوع لعام 2023.
شملت الدراسة مجموعةً متنوعة من المنظمات التي شملت المجال التقني (36%)، وشركات الخدمات المهنية (27%)، والمنظمات غير الربحية (9%). فضلاً عن مجالات أخرى مثل الفنون، والصناعة، والبناء، والتعليم، والغذاء، والرعاية الصحية، وتجارة التجزئة.
من المثير للاهتمام أن الموظفين لم يُبلغوا عن أي زيادة في كثافة العمل. إذ جرى إعداد برنامج تخطيط مسبق قبلها بشهرين، مع إقامة ورش لتقليل عدد ساعات العمل بإلغاء المهام التكرارية وغير الضرورية وغير الفعالة، بدلاً من العمل بأقصى طاقةٍ ممكنة.
فيما تبنت غالبية الشركات جدول العمل لأربعة أيام، بينما اختارت نسبةٌ أصغر جدول العمل لخمسة أيام بعدد ساعات أقل.
واقترح البحث كذلك أن أسبوع العمل لمدة أربعة أيام قد يكون مفيداً للبيئة. ولم يحاول الباحثون إجراء إحصاء بيئي شامل، لكن عدد الساعات التي قضاها الموظفون في التنقل بالمواصلات إلى مقر العمل تراجع بنحو ساعةٍ أسبوعياً في المتوسط، بينما تراجعت نسبة المتنقّلين بالسيارات بنحو 4%. كما أظهرت دراسات سابقة وجود علاقةٍ بين ساعات العمل وانبعاثات الكربون.
في أعقاب البرامج التجريبية، قال الموظفون إنهم يريدون علاوات مقابل العودة إلى العمل بنظام الخمسة أيام. إذ صرح 42% منهم بأنهم سيحتاجون لزيادةٍ في الأجور تتراوح بين 26% و50%، بينما قال 13% منهم إن العودة لنظام الخمسة أيام تتطلّب زيادةً تتجاوز الـ50% في أجورهم.
فيما قال 13% منهم إن المال لن يكفي لإقناعهم بالعودة إلى أسبوع العمل لـ40 ساعة. وكتب أحد الموظفين في استطلاعٍ للدراسة: "يُعادل أسبوع العمل لأربعة أيام زيادةً بنحو 25% في الراتب من وجهة نظري".