على الرغم من محاولة الأمريكية تشاريتي لي التقرب من طفليها، باريس 14 سنة، وإيلا 4 سنوات، وإحاطتهما بالحب الكافي، إلا أن إدمانها على المخدرات جعلهما يرسمان صورة خطأً عنها، خصوصاً في مخيلة طفلها الأول.
هذا المراهق الأمريكي الذي عاش إلى جانب أم تحاول التخلص من إدمانها، لكنها كانت تفشل في ذلك كل مرة، كان عاشقاً لأفلام الجرائم، التي تحتوي على قدر كبير من المشاهد العنيفة والدم، ما جعله يتحول إلى مجرم، قتل أحب الناس إليه، وهي شقيقته الصغرى، فقط من أجل إيذاء والدته، انتقاماً منها.
حملت بطفلها الأول فعادت لها الرغبة بالحياة
بداية القصة عندما كانت تشاريتي لي، التي تعيش في ولاية تكساس الامريكية، تبلغ من العمر 6 سنوات، وقامت والدتها بقتل والدها، إلا أنها تمكنت من الحصول على البراءة، بعد أن استعانت بأفضل المحامين من أجل المرافعة في قضيتها.
ومنذ ذلك الوقت، تحولت حياة تشاريتي، التي عانت من قلة الاهتمام من والدتها التي قررت الزواج، وعدم رعايتها، لتتحول في سن المراهقة إلى مدمنة مخدرات.
وعندما وصلت سن 18، كانت تشاريتي تفكر في إنهاء حياتها، لكنها استعادت الرغبة في الحياة، عندما علمت أنها حامل، بعد علاقة مع حبيب سابق لها، فقررت التوقف عن الإدمان، لتصبح أماً صالحة لطفلها القادم.
وهذا ما حصل بالفعل، فقد تمكنت تشاريتي من تغيير حياتها إلى الأفضل، وتوقفت عن تعاطي المخدرات لمدة طويلة، حتى بعد إنجاب طفلها الذي أطلقت عليه اسم باريس، لكن الأمر لم يدم طويلاً، كما كانت تعتقد.
إدمان الأم حوّل الطفل إلى شخص عنيف!
عندما كبر باريس قليلاً، عادت الأم تشاريتي إلى إدمانها من جديد، خصوصاً أنها كانت تعيش العديد من المشاكل المادية، إذ إن هذا الأمر ترك أثراً سلبياً لدى الطفل، الذي كان يقابل والدته وهي منتشية من المخدرات، فبدأ الكره يتسلل إلى قلبه تدريجياً من ناحيتها.
ومن ناحية أخرى، كان باريس مدمناً على مشاهدة الأفلام التي تعرض جرائم القتل البشعة، كما أنه كان يحب شراء المجلات التي تعرض صوراً مشابهة.
وبسبب الضائقة المالية التي كانت تعيشها الأم، اضطرت للانتقال والعيش في منزل والدتها، على الرغم من علاقتهما السيئة، فكانت الجدة تحاول إسعاد حفيدها، من خلال شرائها للمجلات التي يحب، رغم أنها ليست موجهة للأطفال.
ومن هنا بدأ باريس بالتعبير عما في داخله، عن طريق رسومات دموية، كانت كلها تعبر عن جرائم، من بينها رأس مقطوع، أو سكين مليء بالدم، أو شخص يقوم بطعن شخص آخر.
لكن تشاريتي لم تهتم لكل هذه الرسومات العنيفة، ظناً منها أنها مجرد شخبطات طفولية، لا تحمل أية دلالات عميقة، أو أنها توحي بدرجة الكره الكبيرة التي شعر بها باريس.
إيلا الوافد الجديد على العائلة وأداة انتقام باريس من والدته
عندما وصل باريس لعمر 9 سنوات، حملت تشاريتي مرة أخرى من شخص آخر، وأنجبت طفلتها الثانية، التي أطلقت عليها اسم إيلا.
ومن أجل طفلتها، قررت الإقلاع عن الإدمان، والعودة إلى حياتها السابقة، لتتمكن من رعاية طفليها بشكل لائق، فقاومت المخدرات من جديد، ونجحت في ذلك.
وبعد أن جاءت إيلا إلى الحياة، أصبح باريس يحب أخته بشكل كبير، وكان يعاملها بأحسن الطرق، ويحيطها بحب غامر، لكن مشاعر الكره تجاه والدته لم تتغير أبداً، خصوصاً بعدما لاحظ أن اهتمامها أصبح ينصب بشكل أكبر في اتجاه الوافدة الجديدة على العائلة.
وكانت من بين جُمل الأم التي ظلت راسخة في عقل باريس هي تلك التي قالت فيها إنها يمكن أن تسامح على جميع أنواع الضرر، ما عدا إذا قام أحدهم بإيذاء أحد طفليها.
فاختار هذه الجملة لتكون نقطة الضعف التي سوف ينتقم بها من والدته، وكانت الضحية هي أكثر شخص يحبه، أخته الصغرى إيلا.
17 طعنة بطيئة.. قتل أخته بطريقة بشعة
في الرابع من شهر فبراير/شباط 2007، وقبل منتصف الليل، اتصل باريس بالشرطة باكياً، للتبليغ عن مقتل أخته الصغرى طعناً بالسكين، وقال في اتصاله إنها غارقة في بركة من الدم، ويصعب إسعافها، لأنها ماتت فعلاً.
وفي الاتصال نفسه، اعترف باريس بأنه من قام بقتل أخته الصغرى، لكن الشرطة حاولت توجيهه من أجل إسعافها، للحاق بالأمل البسيط في عودتها إلى الحياة، إلا أنه لم يقم بأي مجهود من أجل ذلك، على الرغم من أنه ادعى محاولة إسعافها.
وفي الوقت الذي توجهت فيه الشرطة لإبلاغ الأم في مكان عملها، حيث كانت تعمل نادلة في مطعم في الفترة الليلية، توجه فريق آخر إلى منزل العائلة، الذي كانوا قد انتقلوا إليه حديثاً، بعد تحسن وضع تشاريتي المادي، فوجدوا إيلا جثة هامدة، وسط بركة من الدماء، بعد تعرضها لـ17 طعنة بطيئة بالسكين، كان الهدف وراءها هو تعذيبها قدر الإمكان، قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة.
عادت تشاريتي إلى المنزل مذعورة، بعد أن تم إبلاغها أن طفلتها الصغيرة قد تعرضت للأذى، دون الكشف عن تفاصيل الواقعة، لكنها دخلت في صدمة كبيرة، عندما شاهدت إيلا ميتة، وعلمت أن قاتلها هو باريس، الأخ الذي كان يحيط أخته بقدر كبير من الحب طيلة السنوات الأربع الماضية.
وبعد التحقيق معه، قال باريس إنه لم يكن واعياً لحظة ارتكابه الجريمة، إذ إنه استيقظ من نومه، ليرى إيلا على هيئة شيطان، ما دفعه لطعنها طعنات متكررة، من أجل التخلص من هذا الشيطان.
لكن الحقيقة كانت مختلفة تماماً، وهي التي صرح بها لوالدته بعد لقائها به بعد انتهاء عملية استجوابه، مشيراً إلى أن ما فعله كان بدافع الانتقام منها، وذلك لأنه يعي أن أكثر ما يمكن أن يؤذيها هو إصابة أحد طفليها بمكروه، فما بالك أن يكون أحدهم ميتاً، والثاني سجيناً!!
السجن 40 عاماً لباريس المصاب بمستوى عالٍ من السيكوباتية
لم يتمكن المراهق الأمريكي باريس من إخفاء الحقيقة عن الشرطة كثيراً، واعترف في نهاية التحقيق أنه كان ينوي الانتقام من والدته، وكانت الطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هي قتل أخته الصغيرة، على الرغم من حبه الكبير لها، إذ إنه كان في صراع طويل بين مشاعر الكره والحب، وانتصر الجزء المظلم منه في الأخير.
ليس هذا فحسب، بل إنه كان يخطط لقتل والدته كذلك، بعد عودتها من العمل، لكنه تراجع عن الأمر، لأنه فكر في أن الموت لن يحقق لها درجة العذاب التي يريدها لها، لكن وفاة ابنتها ستكون مصدر ألم طوال الحياة.
بعد كل هذه التصريحات، تم عرض باريس على عدة أطباء نفسيين، والذين أجمعوا على أنه يعاني درجة عالية من السيكوباتية، وأن الأمر كان ينمو ويتفاقم كلما كبر في السن، خصوصاً أن طريقة قتله لأخته، وتعذيبه لها بالضرب قبل ذلك، يوحيان بأنه كان من الممكن أن يتحول إلى قاتل متسلسل.
وفي يوم 14 من شهر أبريل/نيسان 2007، حكم على باريس بالسجن 40 سنة، وهو أقصى حكم يقدم من المحكمة الأمريكية، أي إنه لن يعانق الحرية إلا عندما يصل إلى سن 54.
وعلى الرغم من كل اعترافاته، التي تظهر حقده تجاه والدته، إلا أن تشاريتي لم تتوقف عن زيارة باريس، الذي عنفها أكثر من مرة خلال هذه الزيارات، إلى أن اضطرت الشرطة لوضعهما في غرف معزولة بالزجاج عند مواعيد الزيارة.
وفي تصريحاتها للإعلام، قالت الأم إنها لن تتوقف عن زيارة ابنها مادامت تحبه، وعندما يقل هذا الحب، أو يتلاشى من قلبها، فإن قدمها لن تطأ باب السجن مرة أخرى.