تقول دراسة جديدة إن الاعتقاد السائد بأن البشر يحتاجون إلى شرب 8 أكواب من الماء يومياً ليست مفيدة وضرورية لسلامة الجسم كما كنّا نعتقد، بل إن هذه الكميات قد تؤدي لأضرار صحية عديدة.
وكشفوا أنه بدلاً من ذلك تختلف متطلبات واحتياجات شرب الماء حسب الفرد وعدد من الشروط الأخرى.
دراسة عملاقة للتأكد من احتياج الجسم للماء
وجدت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Science أن كمية المياه التي يحتاجها الناس تختلف بشكل كبير، وفقاً لطبيعة جسم كل شخص.
وأوضح الباحث وأستاذ علوم التغذية الأمريكية دايل شولر، أحد الذين شاركوا في الدراسة: "لم يدعم العلم أبداً فكرة الحصول على 8 كؤوس كمبدأ أساسي مناسب، فقط لأن الأمر كان يختلط بين إجمالي كميات السوائل والمياه التي نحصل عليها، من خلال المشروبات والطعام الذي نتناوله".
وتُعد تلك الدراسة هي أدق وأشمل بحث عن الماء وجسم الإنسان حتى الآن. أسهم فيها أكثر من 90 باحثاً لقياس معدل الاستهلاك اليومي للمياه لأكثر من 5600 شخص من 26 دولة، تتراوح أعمارهم من 8 أيام إلى 96 عاماً.
بحث جديد ونتائج صادمة
وجد البحث أن استهلاك المياه يختلف بشكل كبير في جميع أنحاء العالم وفقاً للبيئة وطبيعة جسم الناس، حيث تتراوح المتوسطات اليومية من حوالي أربعة إلى 25 كوباً في اليوم، وفقاً للحالة.
ووفقاً للدراسة الجديدة فإن احتياجات الماء القصوى كانت للرجال في العشرينيات من العمر، بينما تظل متوسطة بالنسبة للنساء من سن 20 إلى 55 عاماً، ولكنها تختلف فقط بحوالي كأسين في المتوسط بين كل جنس، حيث يحتاج الرجال إلى المزيد بسبب طبيعة الجسم وقدرات الحرق.
وقد أسهم مستوى النشاط البدني والحالة الرياضية واللياقة البدنية في حدوث فروق بين مستويات استهلاك الماء، تلتها الاختلافات الجنسية، ثم مؤشر التطور الفردي والعمر.
إذ كلما انخفض مؤشر التطور البشري لبلد ما زادت نسب المياه التي يستهلكها الشخص في يوم واحد، حيث يتمتع الصيادون وجامعو الثمار والمزارعون في الدول النامية باستهلاك أكبر من المياه عن هؤلاء العاملين في الاقتصادات الصناعية.
وذلك لأن مضاعفة الطاقة التي يبذلها الشخص كل يوم ستؤدي بالتبعية إلى زيادة معدل استهلاك المياه المتوقع بنحو 4 أكواب.
كما أن حوالي 50 كيلوغراماً إضافياً من وزن الجسم سيتطلب استهلاك حوالي 3 أكواب يومياً، علاوة على أن زيادة الرطوبة بنسبة 50% في بيئة الشخص تدفعه لاستهلاك مقدار كوب واحد تقريباً أكثر من غيره.
خرافة شرب 8 أكواب من الماء بمختلف الظروف
في النهاية لم تقدم الدراسة عدداً مقترحاً من أكواب المياه التي يجب أن يستهلكها الإنسان العادي يومياً، وذلك لأن هناك الكثير من الشروط والمتغيرات.
اعتمدت الدراسات السابقة لاستهلاك المياه إلى حد كبير على المتطوعين ومحاولات القياس الذاتي لاستهلاك الماء والغذاء. كما كان يتم القياس وفقاً لعينات من الموظفين في بيئات محددة، لا تعبر عن المتغيرات الأخرى في بيئات الحياة والعمل.
وبحسب موقع Healthline للصحة والطب، شُرب الكثير من الماء يمكن أن يسبب آثاراً جانبية تبدأ من التهيّج البسيط والاضطرابات المحدودة، وصولاً إلى الأضرار المهددة للحياة، إذ يمكن أن يؤدي شرب الماء بكثرة إلى اختلال توازن الشوارد في الجسم.
ومعادن أساسية مثل البوتاسيوم والصوديوم والمغنيسيوم في الجسم تساعد في تنظيم كل شيء يتعلق بكفاءة الأعضاء الداخلية، بداية من وظائف كليتيك، وصولاً إلى وظائف القلب.
لذلك إذا كنت تستهلك الكثير من الماء فقد لا يكون هناك ما يكفي من هذه الشوارد في جسمك، للحفاظ على مستوى وكفاءة العمل بالشكل الصحيح.
أعراض تناول الماء الزائد
عندما تشرب الكثير من الماء قد تعاني من تسمم الماء، أو التسمم العام، أو اضطراب وظائف المخ.
وبحسب موقع WebMD للصحة والطب، يحدث هذا عندما يكون هناك الكثير من الماء في خلاياك، بما في ذلك خلايا الدماغ، ما يؤدي إلى تضخمها وإتلاف كفاءتها الطبيعية.
وعندما تنتفخ الخلايا في الدماغ فإنها تسبب ضغطاً، وقد تبدأ في تجربة أعراض جانبية مثل:
- الارتباك.
- النعاس.
- الصداع.
- التشوش.
- الغثيان.
- صعوبة التنفُّس.
- ألم العضلات.
وبالتالي إذا زاد هذا الضغط عن المعدل المتوسط فقد يتسبب في حالات صحية خطيرة مثل ارتفاع ضغط الدم أو انخفاض معدل ضربات القلب.
كذلك قد يؤدي شرب الماء بكثرة لحدوث حالة تسمى نقص صوديوم الدم، الذي يساعد في الحفاظ على توازن السوائل داخل وخارج الخلايا.
وعندما تنخفض مستوياته بسبب وجود كمية كبيرة من الماء في الجسم، تدخل السوائل داخل الخلايا، ثم تنتفخ الخلايا، ما يعرّضك لخطر الإصابة بنوبات صرع أو الدخول في غيبوبة أو حتى الموت.