عندما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في عام 2018 أن "الفضاء مجال قتال حربي"، لم يتخيل أحد أنه في العام التالي سيعلن عن إنشاء فرع مستقل جديد في القوات المسلحة الأمريكية، أطلق عليه اسم "قوة الفضاء الأمريكية".
وعلى الرغم من أن شعار تلك القوة يبدو مشابهاً للغاية لشعار أفلام الخيال العلمي، وكان هناك الكثير من السخرية من أزيائهم ومن الفكرة برمتها، لكن في الحقيقة مهمة "قوة الفضاء الأمريكية"، لا تقل أهمية عن أي من فروع القوات المسلحة الأمريكية الأخرى.
"قوة الفضاء الأمريكية" وحروب الفضاء
على الرغم من أسمها، لكن مهمة "قوة الفضاء الأمريكية"، لن تكون مواجهة المخلوقات الفضائية أو السفر إلى مجرات أخرى، ومواجهة التهديد العسكري من حضارات فضائية أخرى، ولكن لحماية مصالح الولايات المتحدة على الأرض من الفضاء وحماية مصالحها في الفضاء.
اعتبارًا من ديسمبر/كانون الأول 2019 أصبحت فرعاً مستقلاً من الجيش الأمريكي، ولديه رئيس العمليات الفضائية الخاص به، وهو عضو في هيئة الأركان المشتركة.
مهمة قوة الفضاء الأساسية هي تشغيل الأقمار الصناعية العسكرية الأمريكية والدفاع عنها، والمحطات الأرضية التي توفر الاتصالات والملاحة ورصد الأرض، مثل الكشف عن الصواريخ. وتوفير إنذار مبكر على التهديدات المحتملة لاتخاذ الإجراءات الدفاعية.
وأيضاً تشغيل شبكة نظام تحديد المواقع العالمي، أو GPS ، التي تم تطويرها في الأصل من قبل القوة الجوية الأمريكية، ولكنها أصبحت متاحة للجمهور.
كما توضح قوة الفضاء الأمريكية على موقعها الرسمي حول أهمية وجودها:
"الوصول غير المقيد إلى الفضاء أمر حيوي للدفاع الوطني. أنظمة الفضاء منسوجة في نسيج طريقتنا في الحياة. يؤثر الفضاء على كل جزء من حياتنا اليومية تقريباً وهو أساسي لنظامنا الاقتصادي.
على سبيل المثال، لا تعمل الأقمار الصناعية على تشغيل تقنية GPS التي نستخدمها يومياً فحسب، بل تتيح لنا تصفح الويب والاتصال بأصدقائنا، وتمكين المستجيبين الأوائل من التواصل مع بعضهم البعض في أوقات الأزمات، ومعاملات السوق المالية العالمية ، وحتى السماح لنا باستخدام بطاقات الائتمان في محطات الوقود".
وتمتلك القوة الفضائية في ترسانتها "جهاز تشويش" أرضي يمكنه منع إرسال أقمار العدو الصناعية. ويعتقد أيضاً أن لديها قدرات فضائية هجومية أخرى.
وتتضمن مهمة أخرى من مهامها تتبع الحطام الفضائي، مثل الأقمار الصناعية التي لم تعد تعمل وغيرها من "النفايات الفضائية" والتي يمكن أن تتداخل مع المركبات الفضائية الأخرى أو تهدد حياة رواد الفضاء.
شعار قوة الفضاء الأمريكية ومقترح دونالد ترامب لتصميم ملابسهم
كانت فكرة القوات المسلحة الأمريكية المسؤولة عن مهام الفضاء كانت موجودة منذ التسعينيات، عندما بدأت الولايات المتحدة الاعتماد على الأقمار الصناعية أثناء القتال البري في حرب الخليج، وكذلك في عام 2001، نظرت لجنة برئاسة وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد في الاقتراح.
لكنها لم تطبق بشكل رسمي حتى وصول دونالد ترامب، إلى السلطة، وفي 2018 ترامب، البنتاغون لبدء التخطيط للفرع الجديد، "يجب أن تكون لدينا هيمنة أمريكية في الفضاء".
وتم إنشاء الفرع رسمياً بموجب قانون وقع عليه ترامب في 2019، وبدأت السخرية من المشروع برمته منذ بداية الإعلان عن تصميم شعار قوة الفضاء الأمريكية، الذي بدا لحد كبير شبيهاً بشعار قوة الفضاء في مسلسل الخيال العلمي "Star Trek"
لكن قيادة "قوة الفضاء الأمريكية" عندما طرحت الشعار الرسمي دافعت عن التصميم، مشيرة إلى أن الشكل المثلث تم استخدمه في شعارات الفضاء منذ وقت بعيد يعود إلى عام 1961، قبل سنوات من ظهور مسلسل "Star Trek" لأول مرة.
لكن السخرية والمقارنة لم تتوقف على الشعار فحسب بل حتى مع الفيديو الدعائي للقوة الفضائية نفسها،
حيث ظهر الزي الرسمي لأفرادها شبيهاً لحد كبير بأزياء مسلسلات الخيال العلمي الخاصة بالفضاء، على عكس الأزياء التي يرتديها معظم أفراد القوات المسلحة الأمريكية، وأفراد الجيش الأمريكي بكل فروعه.
ذكر موقع military أن ترامب أخبر ذات مرة كبار المسؤولين العسكريين أن السيدة الأولى ميلانيا ترامب "يجب أن تساعد في تصميم زي القوة الفضائية بسبب إحساسها بالموضة الذي لا تشوبه شائبة".
لديها الآن 16000 فرد ، يُعرفون باسم "Guardians" أو "الحراس"، وهي تسمية أخرى أثارت سخرية بسبب الشبه بينها وبين اسم فيلم عالم مارفل السينمائي، "Guardians of the Galaxy".
الأصغر بين القوات المسلحة الأمريكية ولن يقوم بايدن بإلغائها
على الرغم من الفضاء الواسع، لكن قوة الفضاء الأمريكية تعتبر أصغر فرع عسكري مستقل في القوات المسلحة الأمريكية، كمثال يبلغ حجم سلاح مشاة البحرية ما يقرب من 180 ألف فرد، بينما لا يتجاوز عدد أفراد قوة الفضاء الأمريكية 16 ألف فرد.
ومع أن البعض يطالب بإلغاء قوة الفضاء ودمجها مع القوة الجوية، لتقليل الميزانية العسكرية، أو لكونها قراراً صدر عن ترامب.
ما يقرب من ثلاثين مجموعة دعت الرئيس بايدن لإلغاء الفرع الناشئ، من بين تخفيضات مقترحة أخرى في الميزانية العسكرية. لكن السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، جين باساكي، حسمت مسألة ما إذا كان الرئيس بايدن سيفكك الفرع السادس والأحدث من الجيش.
قائلة إن الإدارة "لن تعيد النظر في قرار إنشاء القوة الفضائية التي أنشأها دونالد ترامب".