بالقرب من مدينة طوكيو اليابانية يعيش شاب يدعى "ساتوشي يوماتسو"، كان يعرف خلال طفولته بالطفل المؤدب المحب للحياة، خلال مراهقته أصبحت عائلته تلاحظ بعض السلوكيات غير المرغوب بها داخل الأسرة اليابانية.
حاولت عائلته أن تعيده إلى رشده، لكن عندما أقدم ساتوشي على وشم ظهره اضطرت عائلته إلى التخلي عنه، وذلك بسبب سمعة الوشم في المجتمع الياباني، الذي يقتصر فيه الوشم على المجرمين والقتلة.
تَخَلِّي العائلة ونشأة المجرم
بعدما انتقلت عائلة ساتوشي إلى مدينة طوكيو، أكمل هذا الأخير دراسته الثانوية ومن ثَم دخل إلى الجامعة، بعد التخرج بدأ ساتوشي البحث عن عمل ليجد فرصة بإحدى دور الرعاية في مدينته، تمكن ساتوشي من إقناع مدير دار الرعاية وبدأ العمل.
في البداية لم يشعر أحد بشيء غير عادي، لكن مع مرور الوقت أصبح ساتوشي يتعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة الموجودين في دار الرعاية بشكل غير جيد؛ إذ تلقى على مدار سنوات العديد من الشكايات التي دفعت مديره إلى طرده من العمل.
بعد الطرد قام ساتوشي بكتابة رسالة ليقدمها بنفسه إلى أحد الوزراء اليابانيين الذي قدم إلى مدينة طوكيو، أصرَّ ساتوشي على الالتقاء بالوزير وإعطائه الرسالة بشكل شخصي، كان مضمون هذه الرسالة أنه يطلب من الوزير تغيير بعض النصوص في القانون.
زيادة على التعهد له بإسقاط الحكم على جريمة يريد تنفيذها بحق ذوي الاحتياجات الخاصة الذين اعتبرهم ساتوشي عالة على المجتمع ومصروفاً زائداً على اليابان التي لا تستفيد منهم بشيء.
حسب "BBC" لم يكترث الوزير لأمر الرسالة، بل سلمها إلى الشرطة التي قامت بإلقاء القبض على ساتوشي بعد يومين من الحدث ونقله إلى إحدى المصحات النفسية في المدينة للتأكد من سلامته العقلية، لم تتجاوز مدة جلوسه بالمصحة الأسبوعين، وأكد الأطباء سلامته العقلية.
خروج من المصحة والجريمة
بعد خروج ساتوشي من المصحة ذهب لزيارة عائلته، لكن لا تزال فكرة تنظيف اليابان من ذوي الاحتياجات الخاصة، كما يقول، تراود ذهنه، عند جلوسه في منزل عائلته قام ساتوشي بجمع عدد من السكاكين التي سيحتاجها لتنفيذ خطته.
بالإضافة إلى إحدى سيارات والده باللون الأسود التي استخدمها لكي يصل إلى دار الرعاية التي كان يشتغل بها في 26 يوليو/تموز 2016.
في تلك الليلة رصدت كاميرات المراقبة ساتوشي وهو يركن السيارة بالقرب من دار الرعاية، إذ أقدم على أخذ حقيبة مليئة بالسكاكين الحادة وتوجه إلى الفناء الخلفي لدار الرعاية، ومن ثم قام بكسر نافذة تسمح له بالدخول.
بحكم اشتغاله المسبق في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة كان ساتوشي يعرف المكان جيداً؛ ما مكنه من تجنب الكاميرات والحراس خلال تنفيذ جريمته.
خلال 40 دقيقة فقط تمكن ساتوشي من قتل وجرح 26 شخصاً من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين كانوا نائمين في تلك اللحظة، عند خروجه من دار الرعاية، تمكن أحد سكان المنطقة برؤيته، رغم أنه لم يكن في حالة هروب؛ إذ رصدته الكاميرا يخرج بكل أريحية وكأنه لم يقم بشيء.
قام الشخص بتبليغ الشرطة بأنه يشك في شيء وقع داخل دار الرعاية لكن إلى تلك اللحظة لم يكن هناك شيء أكيد، حسب جريدة "This Week In Asia"، قام ساتوشي بالتقاط صورة أمام باب دار الرعاية ونشرها على أحد مواقع التواصل الاجتماعي.
بعد 10 دقائق من الجريمة حضرت الشرطة إلى المكان لتتفاجأ بحجم الخسائر البشرية، إذ تسبب ساتوشي بقتل 19 شخصاً وأصاب 7 أشخاص بجروح بليغة؛ ما دفع دار الرعاية إلى طلب 26 سيارة إسعاف بشكل عاجل.
ساتوشي والتحقيقات
بعد بدء التحقيقات ذهب ساتوشي إلى مركز الشرطة وقدم نفسه، لكن لم تظهر عليه أي علامة على الندم أو التوتر، إذ شرح للشرطة كيف نفذ جريمته، بالإضافة إلى أنه يقول إنه قدم خدمة لليابان وساهم في خفض تكاليف رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة.
كما أخبر ساتوشي الشرطة بأنه أخبرهم بما كان ينوي القيام به قبل أشهر، والآن يطلب منهم أن يحكموا عليه بسنتين فقط من السجن، بالإضافة إلى تكلّفهم بمصاريف عملية التجميل قبل خروجه من السجن لكي لا يتمكن أحد من معرفته.
وأضاف أنه يطلب هوية جديدة، وذلك كاعتراف بالجميل الذي قدمه لليابان، إثر هذه الاعترافات قُدم ساتوشي إلى مصحة نفسية للتأكد من قواه العقلية وجواز محاكمته، بعد المعاينة الطبية لأكثر من طبيب تبين أن ساتوشي سليم عقلياً، وتجوز محاكمته بشكل طبيعي.
حكمت المحكمة في مارس/آذار سنة 2020 على ساتوشي بالإعدام، لكن لم تنفذ العقوبة إلى الآن؛ بسبب مطالبات بوقف عقوبة الإعدام في اليابان، وحسب نفس المصدر، يعد هذا الحدث أسوأ جريمة قتل في تاريخ اليابان.