في الوقت الذي سافر فيه الأمريكي ويليام سلاتيري، رفقة اثنين من أصدقائه، إلى إحدى جزر كوستاريكا، من أجل ممارسة هوايتهم المفضلة، وهي القفز بالمظلات، لم يكن يتوقع أن هذه الرحلة ستتحول إلى مأساة حقيقية.
وبعد أن كان الأصدقاء الثلاثة يستعدون للقفز من الطائرة من أجل الاستمتاع، تحول الأمر إلى كابوس، بسبب تغير أحوال الطقس المفاجئ على ارتفاع 2400 متر فوق سطح البحر.
وعلى الرغم من محاولة العودة إلى الجزيرة، فإن ربان الطائرة لم يتمكن من مواجهة العاصفة، فكانت النتيجة سقوطها في البحر، ليكون ويليام الناجيَ الوحيد من السقوط، في قصةٍ تفاصيلها غريبة ومثيرة للدهشة.
رحلة إلى كوستاريكا من أجل القفز بالمظلات
كان الأمريكي ويليام سلاتيري، البالغ من العمر 34 عاماً، من عشاق رياضة القفز بالمظلات، أو القفز الحر، وكان منخرطاً في مركز خاص بهذه الرياضة، إذ كان يقوم بالقفز الحر من الطائرات المخصصة لذلك كل أسبوع، ووصل عدد القفزات التي قام بها إلى 8 آلاف قفزة.
وخلال سنواتٍ انخراطه في مركز القفز بالمظلات، تعرف ويليام على شخصين يشاركانه درجة الحب نفسها لهذه الهواية، وهما ماني وجيمي، فقرروا في بداية صيف سنة 2005 التوجه إلى إحدى جزر كوستاريكا، من أجل الاستمتاع بالأجواء هناك، والقفز لأول مرة في مكان جديد بعيداً عن المكان الذي اعتادوا القفز منه في أمريكا.
بعد الوصول والاتفاق مع مركز القفز في كوستاريكا، استعد الأصدقاء الثلاثة من أجل التحليق في اليوم الموالي، لكن ويليام وعلى غير عادة، كان قلقاً بشكل كبير، وكان يتفقد معداته باستمرار، خوفاً من حدوث أي مشاكل خلال القفز.
عاصفة حوّلت رحلة القفز الحر إلى مأساة
في صباح اليوم الموالي، توجه ويليام وأصدقاؤه إلى مركز القفز الحر، وكانت كل الأمور الأمنية على ما يرام.
ركبوا الطائرة ذات الحجم الصغير، إلا أنها كانت أصغر من تلك التي اعتادوا ركوبها في أمريكا، ولم تكن مساحتها الداخلية كافية لجلوسهم بشكل مريح، خصوصاً أن ويليام كان ذا وزن زائد.
أقلعت الطائرة متوجهة إلى المكان المخصص للقفز، وبعد مدة قصيرة من التحليق، تحول الجو فجأة إلى عاصفة قوية، حيث حاول قائد الطائرة تجاوزها والاستمرار في رحلته، إلا أن الأمر كان صعباً عليه، فقرر العودة، وإلغاء عملية قفز الأصدقاء الثلاثة.
وفي طريق العودة اشتدت العاصفة، وبدأت الطائرة تدور حول نفسها متجهة للسقوط نحو البحر، وفي تلك اللحظة قرر الأصدقاء القفز والاستعانة بالمظلات من أجل التحليق، في محاولة للنجاة، وهذا ما حصل بالفعل، إلا أن خطتهم لم تسر على النحو المرغوب.
فقد جرفت الرياح أحد الأصدقاء في اتجاه معاكس، وفيما فقد الشخص الثاني الوعي بعد السقوط، تمكن ويليام سلاتيري من السقوط في البحر.
لكن خيوط المظلة تشابكت حوله، داخل البحر، وكادت تخنقه، إلا أنه حاول التعامل معها بذكاء، والتحرر منها، للتمكن من السباحة.
قناديل البحر كادت تتسبب في وفاته
بعد صعوده إلى سطح الماء، تخلص ويليام من ملابسه الثقيلة، للتمكن من السباحة بسرعة، خصوصاً أن اليابسة كانت على مرأى عينيه، فظن أن الوصول إليها والنجاة سيكونان أمراً سهلاً.
حاول ويليام السباحة في اتجاه الشط، لكن تيار البحر كان يسحبه إلى الاتجاه المعاكس، وكلما حاول السباحة مرة أخرى، كان يجد نفسه في أعماق البحر.
بعد أن حل الظلام، شعر ويليام بالتعب والعطش الشديدين، فحاول الحفاظ على قليل من الطاقة المتبقية لديه، والسباحة من حين لآخر؛ لكيلا تشل حركته من البرد داخل البحر.
لكنه، وخلال السباحة في أحد الاتجاهات المجهولة، وجد نفسه بين كم هائل من قناديل البحر، التي شرعت في مهاجمته، ولسعه في جميع أطراف جسده، فكلما حاول الهرب منها، وجد نفسه بين مجموعة قناديل أخرى.
لم يخرج ويليام من مجموعات قناديل البحر هذه إلا بعد أن تعرض جسمه لعدد كبير من اللسعات، سببت له جروحاً وحروقاً خطيرة.
وهنا توقع أن تهاجمه أسماك القرش، التي تشم رائحة الدم من مسافات بعيدة، إلا أنه عوض أسماك القرش، لقي أمامه غصن شجرة، اعتبره طوق نجاة اتكأ عليه، وفقد الوعي، إلى أن حل صباح اليوم الموالي.
الصدفة أنقذت حياته
فتح ويليام عينسه في اليوم التالي، فوجد نفسه في مكان قريب من اليابسة من جديد، إذ قرر المحاولة مرة ثانية والسباحة في اتجاه الشاطئ، إلا أن الأمر كان صعباً من جديد، خصوصاً أنه لم يستطع التفريط في غصن الشجرة ذي الوزن الثقيل، وكان يحاول السباحة به.
قرر ويليام الاستسلام وعدم المحاولة من جديد، خصوصاً بعد أن بدأ يهلوس، ويرى أشياء غير موجودة من حوله.
وفي تلك اللحظات شاهد قارب صيد صغيراً يمر من جانبه فظن أنه خيال، لكنه كان يقترب منه بالفعل فقرر الصراخ لمحاولة لفت انتباه من فيه، وهو الأمر الذي حصل بالفعل، وتم إنقاذه من طرف الصيادين الذين كانوا مارين من تلك الجهة من الجزيرة بالصدفة.
بعد وصوله إلى البر، تواصل الصيادون مع الإسعاف، وتم نقل ويليام إلى المستشفى على وجه السرعة، حيث تم إسعافه، ومكث في المستشفى عدة أيام قبل العودة إلى دياره.
وبعد ذلك علم أن أصدقاءه وقائد الطائرة قد ماتوا، وأنه كان الناجي الوحيد من هذا الحادث المميت.