في حال تاه أحدهم بمفرده داخل غابات سيبيريا، فلا شك أنه سيشعر بخطر كبير؛ وذلك لأن المكان هناك يعتبر خطيراً للغاية، مع شدة برودة الجو، والمكان المليء بالحيوانات البرية، من بينها الذئاب والدببة.
لذلك فالبقاء على قيد الحياة هناك سيكون تحدياً كبيراً، حتى لأبناء المنطقة الذين اعتادوا العيش هناك.
لكن الطفلة الصغيرة كارينا تشيكيتوفا التي كانت تبلغ من العمر 3 سنوات فقط، تمكنت من البقاء على قيد الحياة، لمدة 11 يوماً، وحيدة بين الحقول والأنهار، إلى أن تم إيجادها بطريقة غريبة، في الوقت الذي ظن فيه الجميع أنها قد فارقت الحياة.
تاهت في الغابة ولم ينتبه لها أحد
في يوم 27 يوليو/تموز من سنة 2014 ، وفي إحدى القرى بمدينة سيبيريا الروسية، خرجت الطفلة كارينا شيكيتوفا، البالغة من العمر ثلاث سنوات، من المنزل برفقة كلبها نايدا، في غفلة من والدتها، بغرض اللحاق بوالدها، الذي كان متجهاً إلى العمل، إلى مكان بعيد عن القرية.
لم ينتبه الأب لطفلته الصغيرة، فسار في طريقه بخطواته المتسارعة، وفي تلك اللحظة ضلت كارينا طريقها، ووجدت نفسها تائهة رفقة كلبها في غابة تايغا، القريبة من منزلها.
لم تعرف الطفلة طريق العودة إلى منزلها، وبقيت عالقة داخل الغابة الخطيرة، وحيدة دون حماية، سوى حماية كلبها، الذي كان خير أنيس لها هناك.
بعد مرور أربعة أيام من اختفاء كارينا، لاحظت الأم أخيراً اختفاء طفلتها، وهناك قررت الخروج للبحث عنها، خصوصا أن زوجها لم يكن قد عاد بعد من عمله خارج القرية.
وبعد فشل عملية البحث، استعانت الأم بسكان القرية، الذين يعتبر عددهم قليلاً، فخرجوا مجتمعين على أمل العثور على كارينا، ودامت عملية البحث هذه لعدة أيام دون فائدة.
كما شاركت فرق إنقاذ احترافية في عمليات البحث هذه، بعد أن انتشر خبر اختفاء كارينا بين أهالي مدينة سيبيريا.
أكلت من التوت البري وشربت ماء النهر للبقاء حية
في الوقت الذي كانت فيه الأم تبحث عن طفلتها رفقة سكان القرية، كانت الطفلة كارينا شيكيتوفا تحاول البقاء على قيد الحياة، في الظروف القاسية تلك داخل الغابة في سيبيريا.
فقد أكلت من التوت البري الموجود في الغابة، وشربت من مياه النهر، لعدة أيام، كما أنها نامت بين أحضان كلبها، الذي كان فروه يساعدها في الحفاظ على دفء جسدها الصغير خلال الليل.
لكن في الوقت نفسه، لم تسلم كارينا من لسعات الحشرات بمختلف أنواعها، التي جعلتها تمرض وتصبح منهكة، إضافة إلى نقص الغذاء، وعدم حصولها على العناصر الغذائية اللازمة لاستعادة قوتها.
أنقذها كلبها من الموت
بعد أيام من البحث بالقرب من الأنهار والحقول القريبة من القرية، بدأ اليأس يحل محل الأمل في إيجاد الصغيرة كارينا شيكيتوفا.
وخوفاً من هجوم الحيوانات البرية عليهم، لم يدخل أهل القرية وفرق الإنقاذ إلى أعماق الغابة، معتبرين أن إمكانية بقاء الطفلة على قيد الحياة، في حال تاهت هناك، قليلة للغاية، فقرروا إيقاف البحث الذي لم تكن له أي نتيجة إيجابية.
لكن ما عجز عنه سكان القرية، استطاع الكلب تحقيقه، بعد أن قرر مساعدة صاحبته الصغيرة، التي أصيبت بعدة قرصات من الحشرات من حولها.
في اليوم التاسع، ركض الكلب مسرعاً في اتجاه مجهول، إلى أن وجد نفسه في القرية، لكن سكان القرية وبقية فريق الإنقاذ ظنوا أن الطفلة قد ماتت، مما دفع بالكلب إلى العودة.
لكن بسبب نباح الكلب المستمر، لحق سكان القرية به، إلى أن وصلوا إلى مكان تواجد كارينا، التي كانت تبدو عليها علامات المرض والتعب الشديد، بعد أن قاومت من أجل البقاء لمدة 11 يوماً، بدون أي مساعدة.
وفي حديث مع أحد الأشخاص الذين ساعدوا في إنقاذ كارينا، قال إنهم وجدوها جالسة بين الأعشاب، وجسدها بالكامل معرض لقرصات الحشرات، وبعد أن رأته مدت ذراعيها له، وطلبت الماء والطعام، ثم انفجرت في البكاء.
صنعوا لها ولكلبها تمثالاً تكريماً لشجاعتها
بعد إنقاذ كارينا، قادها أهل القرية إلى المستشفى، وهناك تمكن أهلها من لقائها مرة أخرى، بعد أن كانوا يظنون أنها ماتت بالفعل.
وبعد أن استعادت عافيتها، كانت قصة كارينا قد أصبحت مشهورة بين سكان سيبيريا، لقدرتها على البقاء على قيد الحياة، وتمكنها من إدارة نفسها بالرغم من سنها الصغيرة.
إذ تم تنصيب تمثال صغير لها ولكلبها نايدا، الذي كان السبب في بقائها على قيد الحياة، بالقرب من مطار المدينة.
فيما تمكنت كارينا من العودة إلى حياتها الطبيعية، ودخول مدرسة خاصة لتعليم الباليه، وهي في سن الثامنة؛ إذ كشف الكثير من التقارير الإعلامية أنها تمتاز بصحة جيدة، وبنية جسمانية قوية، جعلاها تتفوق بين زميلاتها في مدرسة الباليه.