في الوقت الذي كان فيه المراهقان نيك بوغو وراشيل لي، يحضران دروسهما في الثانوية خلال النهار بشكل عادي كبقية الطلاب، لم يكن ليخطر على بال أحد أنهما يتحولان إلى مجرمَين بعد حلول الليل.
فقد كان المراهقان مهووسين بالمشاهير وعالم الأضواء، الأمر الذي جعلهما يراقبان تحركات العديد من النجوم عبر عدة مواقع، ثم يقتحمان منازلهم في فترات غيابهم، بهدف سرقة ملابسهم ومجوهراتهم الخاصة.
استمرت عمليات السرقة لأقل من سنة، وفي تلك الفترة تطور الموضوع، وأصبح الأمر يتعلق بعصابة مكونة من عدة مراهقين، إلى أن تم كشف جرائمهم في الأخير، وإلقاء القبض عليهم.
صديقان جمعهما حب المشاهير والسرقة
بداية القصة كانت نهاية سنة 2007، وبالضبط في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، عندما تعرفت راشيل لي، وهي طالبة في إحدى ثانويات مدينة كالاباساس، وتنتمي لعائلة ميسورة مادياً، على صديق جديد يدرس في نفس الثانوية اسمه نيك بوغو، وكان القاسم المشترك بينهما هو حبهما الكبير للمشاهير والشهرة وعالم الأضواء.
وكان الصديقان، إضافة لمجموعة مراهقين آخرين، يتابعون أخبار المشاهير بشكل مستمر عبر منصة "Myspace"؛ حيث كانوا ينشرون صورهم وأخبارهم بشكل مستمر، كما هو الحال حالياً في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.
كان نيك يحاول التواصل بشكل مستمر مع عدد من هؤلاء المشاهير، من بينهم باريس هيلتون، وليندسي لوهان، لكن لم يتوصل للرد أبداً، في المقابل توصل بالرد من طرف شخص آخر كان صديقاً للمشاهير اسمه إيدن هيلتون.
وبعد فترة من التواصل، تمكن نيك من لقاء إيدن بعد عدة محاولات من الإقناع، فأصبح صديقاً له ولراشيل؛ إذ كان الغرض من التعرف عليه عن قُرب هو الوصول إلى المشاهير ولقائهم بشكل مباشر.
وفي نفس الوقت، إضافة إلى هوسهما بالمشاهير، كان الصديقان يجدان متعة في سرقة الأشياء الصغيرة، داخل المتاجر، ومحلات الملابس، بالرغم من توفرهما على المال، وعدم حاجتهما لها، لكن الأمر بالنسبة لهما كان عبارة عن مغامرة مسلية فقط لا غير.
سرقة منزل صديق المشاهير انتقاماً منه
في أحد الأيام، كشف إيدن هيلتون عبر حسابه على "Myspace" عن خبر سفره إلى جامايكا رفقة عائلته، وفي تلك اللحظة، قرر نيك وراشيل اقتحام منزله وسرقة بعض الأغراض منه، رغبة منهما في الانتقام منه، بسبب معاملته السيئة لهما، بالرغم من صداقتهم التي تطورت من العالم الافتراضي إلى الواقع.
وهذا ما حصل بالفعل، فبعد فترة قصيرة من رحلته، تسلّل الصديقان إلى المنزل في ساعات الليل المتأخرة، وقاما بسرقة مجموعة أغراض وصلت قيمتها إلى 40 ألف دولار.
وبعد عودة إيدن إلى المنزل، لم يلاحظ أنه قد تمت سرقته، الأمر الذي أعطى الصديقين ثقة كبيرة، ويقين أن عمليات السرقة من هذا النوع لن تشكل أي نوع من الخطر عليهما.
إذ قاما بإعادة الجريمة مرة أخرى، ودخلا منزل إيدن من جديد، بعدما نشر خبر سفره عبر نفس الموقع، لكن هذه المرة اكتشف تعرضه للسرقة؛ لأن نيك وراشيل سرقا منه حاسوبه الشخصي، الذي كان يستعمله بشكل مستمر، ومن المستحيل ألا يلاحظ عدم وجوده بين أغراضه.
قرر إيدن الحديث عن موضوع تعرضه للسرقة من خلال عدة منشورات عبر موقع"Myspace"، مشيراً إلى أن لديه شكوكاً حول الفاعل، الأمر الذي جعل نيك وراشيل يقرران التوقف عن سرقته خوفاً من الوقوع في المتاعب، لكن في نفس الوقت كانا يقومان بعمليات السرقة الصغيرة من المتاجر.
سرقة 2 مليون دولار من منزل باريس هيلتون
بعد مرور فترة طويلة على أحداث السرقة هذه، وفي منتصف سنة 2008، شاهدت راشيل منشورا على حساب النجمة باريس هيلتون، تعلن فيه عن تاريخ سفرها إلى مدينة لاس فيغاس من أجل حضور إحدى الحفلات هناك، فقررت العودة إلى عمليات اقتحام المنازل رفقة نيك، والتوجه إلى منزل هيلتون بغرض السرقة.
في يوم حفل باريس هيلتون، توجّه المراهقان إلى منزلها، الذي كان عنوانه متواجداً على الإنترنت، ثم دخلاه بكل بساطة، بعد أن وجدا المفتاح تحت سجاد باب المدخل.
وبعد الدخول، صُدما من كثرة الملابس والأحذية والمجوهرات، والمقتنيات الثمينة الموجودة داخل المنزل؛ إذ قاما بسرقة الكثير منها، ولم يتم كشف أمرهما.
بعد نجاح عملية السرقة هذه، قررا العودة عدة مرات، رفقة مجموعة من أصدقائهما، وذلك خلال فترات غياب باريس هيلتون، التي كانت تكشف عنها دائماً عبر نفس الموقع.
وقد وصل عدد المرات التي دخلت فيها عصابة المراهقين هذه إلى منزل هيلتون إلى خمس مرات، ووصلت قيمة الأشياء التي تمت سرقتها إلى ما يقارب مليوني دولار.
إلا أن عملية السرقة الخامسة جعلت المجموعة تقرر التوقف عن دخول المنزل، بعد أن قام أحد أصدقائهما بسرقة مجموعة مجوهرات وملابس كانت قد اشترتها هيلتون من فترة قصيرة، وكانت تستعملها في تلك الفترة؛ مما جعلها تبلغ الشرطة من أجل فتح تحقيق حول ما حصل.
لائحة جديدة بأسماء الضحايا من المشاهير
بعد أن أصبح الدخول إلى منزل باريس هيلتون مستحيلاً، قررت العصابة تغيير ضحيتها، ووضع لائحة بأسماء عدة فنانين يعيشون في ولاية كاليفورنيا، ليكون الوصول إليهم سهلاً.
فكانت الضحية الموالية هي الممثلة أودرينا باتريدج، التي أعلنت مشاركتها في حفل الأوسكار؛ ما يعني أنها لن تكون متواجدة بالمنزل في تلك الليلة، فتوجهوا إليه بشكل جماعي، وسرقوا منه المجوهرات والمال وأغراضاً ثمينة أخرى، وصلت قيمتها إلى ما يقارب 30 ألف دولار أمريكي.
لكن عملية السرقة هذه لم تمر مرور الكرام، لأن منزل أودرينا كان محاطاً بكاميرات المراقبة، فقامت بنشر الفيديوهات عبر مختلف منصات التواصل المتاحة في ذلك الوقت، وشاركتها مع الشرطة من أجل فتح تحقيق في القضية، لكن لم يتم القبض عليهم مرة أخرى، لأن وجوههم لم تكن واضحة في التسجيلات.
وبالرغم من أن قضية سرقة منزل المشاهير أصبحت معروفة في الإعلام، إلا أن راشيل لم تتوقف، وأكملت خطتها بعد أن طلبت من نيك الاستمرار في السرقة، والتوجه إلى منازل مشاهير آخرين.
فكانت ميشا بارتون هي الضحية الموالية، وسرقا مقتنيات بقيمة 130 ألف دولار من منزلها، ثم الممثل أورلاندو بلوم، الذي سرقوا من منزله علبة مكونة من 10 ساعات روليكس، وملابسه الخاصة، وقدراً كبيراً من المال.
لم تتوقف راشيل هنا، فقررت السفر إلى مدينة لوس أنجلوس من أجل سرقة منزل ليندسي لوهان، والتي كانت تعتبر نجمة صف أول في أمريكا حينها، وبعد ذلك توجها إلى منزل ميغان فوكس، وسرقا منها كذلك المجوهرات والمال والملابس.
وفي اليوم الموالي من عملية السرقة هذه، توجه أفراد عصابة المراهقين، التي يترأسها نيك بوغو وراشيل لي إلى الثانوية، وشرعا في الحديث عن تفاصيل السرقة لبعض أصدقائهما، إلا أن شخصاً جديداً من بين طلاب الثانوية كان متواجداً بينهم، وسمع حديثهم، فقام بالتبليغ عنهم للشرطة، التي شرعت في عملية التحقيق بشكل مباشر.
انتهاء عمليات السرقة بالسجن
خلال التحقيق مع نيك بوغو، وراشيل لي، لم تتمكن الشرطة من الوصول إلى أي شيء يدينهما، خصوصاً أنهما استمرا في نكران الجُرم المنسوب إليهما، إضافة إلى عدم وجود أي شيء من المسروقات في منزلهما، وذلك لأنهما كانا يبيعان نسبة كبيرة منها لشخص يدعى "جوني الخطير"، فيما يحتفظان ببقية المسروقات في منزل جدة نيك.
لكن بعد أشهر من التحقيقات، والضغط الذي كان يعيشه نيك من طرف الشرطة والإعلام، بعد أن أصبحت قضيتهم مشهورة في جميع الولايات الأمريكية، قرر الاعتراف وكشف تفاصيل الجرائم التي قام بها، سواء بشكل ثنائي رفقة راشيل، أو بشكل جماعي رفقة بقية أصدقائه.
وفي بداية سنة 2009، ولأن أفراد العصابة كانوا تحت السن القانونية من أجل الحكم عليهم بالسجن لمدة طويلة، البعض منهم سجنوا لسنة واحدة فقط، والبعض الآخر تم الحكم عليهم بالعمل بدون مقابل.وفي سنة 2013، تم إصدار فيلم يحمل عنوان "Bling Ring"، يحكي القصة الكاملة لأحداث جرائم السرقة هذه، والتي تمت على يد مجموعة مراهقين، مهووسين المشاهير.