بعد الأزمة الاقتصادية التي يواجهها لبنان منذ أكثر من عامين -وهي الأقسى في تاريخه- لجأ عددٌ من المواطنين إلى التهديد بالأسلحة، واحتجاز موظفي المصارف كرهينةٍ من أجل الحصول على ودائعهم.
احتجاز الرهائن تكرّر في أكثر من منطقة لبنانية، بين بيروت وعاليه؛ ويُمكن القول إن الخطة نجحت في معظم الحالات، إذا تمكن المقتحم أو المقتحمة من الحصول على جزءٍ كبير من وديعتهم من المصرف.
في الحالة اللبنانية تلك، لا يُمكن اعتبار ما يحصل أشبه بعمليات السطو، لأن الأموال التي يحصل عليها الأفراد هي أموالهم الخاصة التي عمدوا إلى تجميعها طوال سنوات. لكن، تعالوا نُلقِ نظرة على أكبر عمليات السطو على مرّ التاريخ في العالم، ونُخبركم أين ذهبت تلك الأموال.
مصفحة "دنبار".. أكبر عمليات السطو
قيمة السرقة: 18.9 مليون دولار.
في 12 سبتمبر/أيلول من العام 1997، نجح 6 رجال في تنفيذ أكبر عملية سرقة نقدية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، عبر السطو على مبلغ 18.9 مليون دولار من منشأة "دنبار" (Dunbar) في شارع ماتيو، وسط مدينة لوس أنجلوس.
تمّت عملية السطو بقيادة ألين بيس، الذي تبين أنه أسوأ "مفتش سلامة" عمل في شركة "دنبار للشاحنات المدرعة"، مع أصدقاء الطفولة: إريك، ويوجين، وفريدي، وتوماس، وتيري.
حدَّد بيس أماكن الكاميرات الخفية في "شركة دنبار" حتى يتمكن من تجنّبها، وجنّد خمسة من أصدقاء الطفولة لمساعدته في سرقة الخزنة. اقتحم الستة المكان، واعتدوا على اثنين من الحرّاس خلال استراحة الغداء، وخرجوا مُحمّلين بـ18.9 مليون دولار (ما يُساوي نحو 32 مليون دولار اليوم).
كاد بيس وأصدقاؤه أن يفلتوا من العقاب، لولا حماقة أحدهم (يوجين) الذي أقرض بعد عامين بعض الأموال المسروقة إلى صديقٍ (وهو سمسار) من دون إزالة الأحزمة النقدية الأصلية.
اتصل السمسار بالشرطة، واعترف يوجين بعملية السطو، مورّطاً أصدقاءه الـ5 الآخرين، و3 رجال آخرين كانوا قد ساعدوهم في غسل الأموال.
حُكم على بيس بالسجن لمدة 24 عاماً في العام 2001؛ كما حُكم على صديقه إريك بالسجن 17 عاماً، بينما حُكم على اللصوص الأربعة الآخرين بالسجن لمدة تتراوح بين 8 و10 سنوات.
سرقة بنك الشرق الأوسط البريطاني في بيروت
قيمة السرقة: 20 مليون دولار – 50 مليون دولار
في العام 1976، عندما كان لبنان في خضم حربٍ أهلية، قررت مجموعة من اللصوص الاستفادة من الفوضى.
وفي واحدة من أكبر عمليات السطو وأكثرها جرأة على الإطلاق، استخدمت المجموعة متفجرات لاختراق جدار كنيسة كاثوليكية ودخول بنك الشرق الأوسط البريطاني في بيروت، وسرقة مبلغ 31 مليون جنيه إسترليني، في حين تحدثت صحيفة Daily Mail البريطانية عمّا مجموعه 100 مليون دولار من العملات النقدية والسبائك الذهبية والمجوهرات.
تختلف الروايات حول حقيقة ما حدث في ذلك اليوم، لكن في روايته Cobra Gold المبنية على أحداث حقيقية، يكتب دامين لويس الآتي: "كل واحد من الجنود الثمانية المرتدين ثياباً ميليشياوية غير متشابهة، جُهزوا بأسلحة حربية غير متاحة لأحد في بيروت خلال ذلك الوقت. وهي عبارة عن رشاش M16 أمريكي الصنع، بندقية موصولة بقاذفة قنابل، مسدس وأسلحة أخرى.
خلف قائد المجموعة، ظهرت واجهة البنك البريطاني BBME الذي كان يعتبر في ذلك الوقت أحد أقدم المصارف العاملة في لبنان. عندما أدار قائد المجموعة ظهره، انهمرت 40 قنبلة على مدخل المصرف، فاتحة باباً للمجموعة، أوصلهم إلى الردهة خلال دقائق".
لكن أحداً لم يفكر بالطريقة التي ستُفتح بها الخزائن، من دون تدمير محتوياتها. لذلك، احتلت العصابة المنطقة المحيطة بالمصرف ليومين متتاليين، بينما أتت بخبير أقفال من إيطاليا.
انتهت العملية، وفق الرواية، بثلاث شاحنات مليئة بسبائك الذهب، النقود والمجوهرات، التي بلغت قيمتها ما يتراوح بين 30 و100 مليون دولار، أي ما يساوي مبلغاً هائلاً بالنسبة إلى اليوم، في واحدة من أكبر عمليات السطو في التاريخ.
ويُخبر الكتاب أن شارع المصارف في باب إدريس، الذي استقبل البنك البريطاني يومها، كان جزءاً من تلك المساحة غير المحسوبة على أحد في وسط بيروت.
غياب حقيقة ما حصل في ذلك اليوم أسهم في توالد القصص خلال 40 عاماً من الزمن. أغرب تلك النظريات تلك التي تحدثت عن تحالف بين ميليشيا الكتائب مع ميليشيا لبنانية أخرى، لتقاسم أرباح سرقة البنك.
ونظرية أخرى أصرّت على ارتباط القوات الجوية البريطانية SAS بما حدث. وهو تفصيل كان قد ذكره الكاتب دامين لويس في روايته، وأثيرت ضجة حوله من قِبل جهاتٍ معارضة للنظام البريطاني.
ورغم أن أكثرية الصحف الغربية وجهت أصابع الاتهام إلى منظمة التحرير الفلسطينية، فإن ما أشيع يومها في بيروت هو أن فصيلاً فلسطينياً مقرّباً من المنظمة هو المسؤول عن العملية، ومنظمة التحرير لم تعرف سوى لاحقاً بما صُنّف يومها أكبر سرقة في التاريخ.
سرقة بنك كاليفورنيا المتحدة
قيمة السرقة: 30 مليون دولار
هي واحدة من أكبر عمليات السطو أيضاً.. ففي العام 1972، قام إميل دينسيو -وهو مُجرم محترف من ولاية أوهايو الأمريكية- بتجميع عصابة من ستة لصوص (من أفراد عائلته وأصدقاء) ونقَلَهم جوّاً إلى كاليفورنيا، حيث استأجروا منزلاً ريفياً وخططوا لسرقة أحد المصارف، بعدما سمعوا عن طريق الخطأ أن الرئيس ريتشارد نيكسون يحتفظ فيه بصندوقٍ يحتوي على ملايين الدولارات.
استخدم الطاقم الديناميت من أجل الدخول إلى قبو المصرف، بمساعدة خبير إنذار لعب تمكن من نزع سلاح الإنذار، وسرقوا ما قيمته 30 مليون دولار من النقود والأشياء الثمينة.
هرب الفريق المؤلف من 6 أشخاص بعد تنظيفٍ دقيق، مسح خلاله كلّ الأدلة الممكنة. وبينما تم تنفيذ عملية السطو بشكلٍ مثالي، ارتكب اللصوص عمليةً مماثلة في أوهايو بعد بضعة أشهر.
فقام مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) بربط عمليتَي السطو، وكشفت التحقيقات في سجلات النقل أن خمسة من أفراد العصابة كانوا قد سافروا إلى كاليفورنيا في رحلةٍ واحدة مُستخدمين أسماءهم الخاصة. كما تعرّفت الشرطة على المكان الذي استأجره اللصوص للتخطيط لعمليات السطو.
لم يعثر التفتيش الدقيق الذي قام به رجال الشرطة داخل المنزل في البداية على أي دليل، حتى فحصوا غسالة الأطباق وتبيّن أن اللصوص نسوا تشغيل الغسالة قبل عودتهم إلى أوهايو. فسمحت بصمات الأصابع بإصدار أوامر اعتقالهم.
وقد أدى ذلك إلى اعتقال وإدانة جميع اللصوص، إلى جانب استعادة معظم المسروقات أيضاً.
سرقة بنك نورثرن في أيرلندا
قيمة السرقة: 41 مليون دولار
قبل أسبوع من عيد الميلاد عام 2004، ارتدى لصوص في بلفاست – شمال أيرلندا ملابس ضباط شرطة ودخلوا منازل اثنين من مديري مصارفها. احتجزوا عائلتيّ المديرَين كرهائن، وأجبرت المديرَين على الذهاب إلى العمل كالمعتاد في اليوم التالي.
عندما انتهى يوم العمل، سمح المديران للصوص بالدخول إلى المصرف، حيث سرقوا حوالي 26.5 مليون جنيه إسترليني وعملات أجنبية إضافية، في أكبر عملية السطو على البنوك في التاريخ الأيرلندي.
أغرب ما في هذه السرقة أن القضية ما زالت من دون حلّ، وحتى الآن لم يُعتَقَل سوى شخص واحد بتهمة غسل الأموال!
البنك المركزي البرازيلي.. أكبر عمليات السطو
قيمة السرقة: 71.6 مليون دولار
اعترف كتاب غينيس للأرقام القياسية بسرقة البنك المركزي لعام 2005 في فورتاليزا البرازيلية، باعتبارها أكبر عملية سطو على المصارف في العالم اجتهد منفّذوها للحصول على غنيمتهم.
ومن أجل سحب الأموال من البنك المركزي، أقامت عصابة -مؤلفة من 25 عضواً- مشروعاً مزيّفاً حمل عنوان تنسيق الحدائق. وأمضت العصابة نحو ثلاثة أشهر في حفر نفقٍ بطول 256 قدماً يؤدي إلى قبو المصرف.
وبمجرد دخولهم، سرقوا عدة حاويات كانت تحتوي على 160 مليون ريال برازيلي (بقيمة 71.6 مليون دولار في عام 2005). أُلقِيَ القبض على ثمانية أشخاص فقط، واستُرِدَّ 20 مليون ريال فقط.
السطو على مستودع Securitas
قيمة السرقة: 83 مليون دولار
نُفِّذَت إحدى أكبر عمليات السطو في التاريخ البريطاني عام 2006، في مستودع شركة خدمات أمنية في "كنت". قام رجل من الداخل بتصوير الجزء الداخلي من مستودع Securitas، ثم اختطف رجال يرتدون أقنعة مُتقنة مدير الفرع واحتجزوا عائلته كرهينة.
اقتاده اللصوص إلى المستودع، وأجبروه على السماح لهم بالوصول إلى أقفاص النقود. استغرقت العملية نحو 7 ساعات، وسرق الطاقم حوالي 83 مليون دولار.
لكن وعلى الرغم من تنكّرهم الذكي، أُلقِيَ القبض على بعضهم، وأصبح فنان المكياج الذي صمّم الأقنعة شاهداً رئيسياً في القضية.
سرقة وديعة نايتسبريدج الأمنية
قيمة السرقة: 97 مليون دولار
فاليريو فيشي، الذي كان مطلوباً بالفعل لأكثر من 50 عملية سطو مسلّح في إيطاليا، كاد أن يرتكب الجريمة المثالية في لندن عام 1987.
دخل هو ومساعده إلى أحد البنوك وطلبا استئجار صندوق ودائع آمِن. عندما دخل الرجال إلى القبو، أخرجا البنادق واعتديا على مدير البنك والحراس.
بعد وضع لافتة "مُغلق" على أحد أبواب المصرف، سمحوا لبعض الأصدقاء بالدخول، وفتحوا أكبر عددٍ ممكنٍ من صناديق الأمانات، وسرقوا الملايين من الأموال النقدية والأشياء الثمينة في واحدة من أكبر عمليات السطو في التاريخ.
ووفقاً لموقع Money Wise، فرّ فيشي إلى أمريكا الجنوبية، ولكن أُلقِيَ القبض عليه في النهاية، عندما عاد إلى إنجلترا لشحن سيارته الفيراري إلى منزله الجديد.