أكدت فرنسا نيتها توزيع وسائل منع الحمل الطارئة مجاناً، في خطوة يُنظَر إليها على أنها محاولة لتعزيز حقوق المرأة، كردِّ فعل على إلغاء المحكمة العليا الأمريكية حق المرأة في الإجهاض، والذي كان يرمز إليه كشعار لحرية المرأة في العالم.
ففي إعلان أدلى به وزير الصحة فرانسوا براون، الأربعاء 21 سبتمبر/أيلول 2022، أكد أن هذه الخطوة إشارة ترهيب لدول الاتحاد الأوروبي المحافظة مثل بولندا، حيث الإجهاض شبه محظور، والمجر حيث يخضع لقيود، بحسب ما نشرته صحيفة The Times البريطانية، الخميس 22 سبتمبر/أيلول 2022.
جاء إعلان وزير الصحة الفرنسي تزامناً مع مخاوف بين النسويات من التحديات التي قد تتعرض لها حقوق المرأة في فرنسا إذا وصل شعبويون مثل مارين لوبان إلى السلطة. فقد ألغيت قضية "رو ضد وايد"، التي كرّست حقاً وطنياً في الإجهاض بأمريكا، بعد أن عيّن الرئيس ترامب ثلاثة قضاة في المحكمة العليا، ليؤمّن لنفسه أغلبية محافظة من 6 أصوات مقابل 3.
على الرغم من أنَّ 83% من الناخبين الفرنسيين يؤيدون الحق في الإجهاض، وفقاً لاستطلاع حديث، فإنَّ البلاد تحتفظ بأقلية صاخبة، معظمها من الكاثوليك المتشددين، الذين يعارضون ذلك بشدة. وتعتبر هذه القضية أكثر حساسية من الناحية السياسية مما هي عليه في المملكة المتحدة.
"حبوب الصباح التالي"
وتتوافر حبوب منع الحمل الطارئة، المعروفة باسم "حبوب الصباح التالي"، في الصيدليات بدون وصفة طبية، كما هو الحال في معظم الدول الأوروبية والمملكة المتحدة، لكن يتعين على النساء فوق سن الـ26 دفع ثمنها. وتتراوح التكلفة بين 3 يوروهات و20 يورو.
في مقابلة مع صحيفة 20Minutes، قال وزير الصحة الفرنسي فرانسوا براون، إنَّ الحبوب ستكون مجانية لجميع الأعمار اعتباراً من يناير/كانون الثاني 2023. وصرح: "علينا أن نحارب الصعوبات التي تواجه النساء في الحصول على وسائل منع الحمل".
فيما قالت كارولين ريبي، الرئيسة المشتركة لمراكز تنظيم الأسرة الفرنسية Planning Familial، إنَّ الإعلان كان غير متوقع، لكنه مرحَّب به. وأضافت: "هذه أخبار جيدة لتقدم حقوق [المرأة]".
لكن من الناحية العملية، حذَّرت كارولين من أنَّ الصيادلة غالباً ما يحجمون عن إعطاء حبوب منع الحمل الطارئة للنساء "أكثر من مرتين أو ثلاث مرات، لأنه لا يزال هناك سوء فهم واسع النطاق بشأن تأثيرها".
إضافة إلى ذلك، أعرب براون عن تأييده للتحركات الهادفة إلى إدراج الحق في الإجهاض، الذي أقرته فرنسا عام 1975، في الدستور. وهذا سيجعل من الصعب على أية حكومة شعبوية مستقبلية تقييد هذا الحق.
ووفقاً لمنظمة مراجعة سكان العالم، وصل معدل الإجهاض في فرنسا إلى 16.9 حالة إجهاض لكل 1000 امرأة تتراوح أعمارهن بين 15 و44 عاماً. وهذا هو ثالث أعلى معدل في أوروبا بعد السويد، التي سجلت معدل 20.2 حالة، و17 حالة في المملكة المتحدة.
وأكد وزير الصحة الفرنسي: "يجب أن نحمي هذا الحق الأساسي للمرأة"، كما قال: إنه مع تزايد تحفُّظ المجتمع الفرنسي بشأن هذه القضية و"إثارة مزيد من التساؤلات بشأن الحق في الإجهاض ببعض البلدان، من المهم أكثر من أي وقت مضى، وضع مسألة التربية الجنسية في قلب تفكيرنا".