بعد إعلان وفاة الملكة إليزابيث بدأت مباشرة خطة "جسر لندن"، وهي الخطة التي وُضعت لترتيب وتحديد الأحداث التي ستعقب وفاة الملكة، وبالإضافة لخطة جسر لندن كانت هناك تفاصيل وبروتوكولات أخرى في جنازة الملكة إليزابيث متوارثة منذ قرون، تضمَّن بعضها إخبار النحل بوفاة الملكة وحضور تيس برتبة عسكرية.
إبلاغ النحل بخبر وفاة الملكة إليزابيث وهوية سيدهم الجديد
في تقليد غريب متوارث منذ قرون، قام مربّو النحل الملكي بإبلاغ عشرات الآلاف من النحل، بنبرة هادئة وبلغة إنجليزية، خبر وفاة الملكة إليزابيث الثانية، وإخباره بأن الملك الجديد هو تشارلز الثالث.
ووضع النحال الملكي شرائط سوداء على خلايا النحل في أراضي قصر باكنغهام، وبحسب الأعتقاد فإن هذا الإعلان سيضع النحل في "حالة حداد".
وقبل إخبار النحل بوفاة الملكة، على مربي النحل في القصر الذهاب إلى كل خلية والطرق على جانبها لجذب انتباه النحل، ثم أخباره بوفاة الملكة، ثم حثّ النحل على أن يكون جيداً مع "سيده الجديد".
الأصول الدقيقة لـ"إخبار النحل" غير معروفة، لكنها ربما تعود إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، حيث كان الاعتقاد السائد أن رفض مشاركة أخبار الأسرة مع نحلها يعني المجازفة بجلب "سوء حظ"، فأصبح تقليداً مستمراً؛ لأنه لم يكن أحد يرغب في المخاطرة بـ"الحظ السيئ"، المتمثل في موت النحل أو عدم إنتاج العسل، إذا لم يتبعوا هذا التقليد.
تيس برتبة عسكرية يشارك في جنازة الملكة إليزابيث وتتويج الملك تشارلز
بعد وفاة الملكة إليزابيث وإعلان تشارلز الثالث ملكاً بشكل رسمي في مدينة ويلز، جنوب غربي بريطانيا العظمى، كان لدى الكتيبة الثالثة من حراس "ذا رويال ويلش" (The Royal Welsh) الويلزية، عضو فريد من نوعه بين صفوف المشاركين، وهو تيس ملكي يحمل رتبة عسكرية بامتيازات خاصة.
إذ قبل الإعلان مباشرة، سار 26 رجلاً من الحرس في فوج، جنباً إلى جنب مع "شينكن الرابع"، التيس الأبيض رفيع المستوى، من وسط المدينة إلى القلعة الملكية لحضور التتويج.
وهو الحيوان الأحدث في سلسلة طويلة من أسلافه التيوس المشاركة في الفوج الويلزي الملكي، وهي الفرقة التي تتبنى الماعز في صفوفها منذ العام 1775.
ويحصل التيس صاحب المرتبة الرفيعة على رواتب ومستحقات خاصة؛ وعادة ما يتم استخدام الأموال لرعاية أماكن إقامته، وتصميم الزي العسكري الذي يظهر به في المناسبات الرسمية، علاوة على تكلفة الطعام.
ووفقاً لمتحف رويال ويلش، بدأت الكتيبة في القيام بذلك بعد أن ضل أحد التيوس طريقه في ساحة القتال خلال معركة "بنكر هيل" في حرب الاستقلال الأمريكية.
وحينها قاد التيس فرقة من جنود البنادق "Fusiliers" الويلزيين من الميدان، وتمكنوا من النجاة دون سقوط ضحايا، ومنذ تلك اللحظة احتفظت الفرقة بسلالات هذا الماعز من أجل جلب الحظ السعيد كتميمة رسمية.
تزعم قصة أخرى أن التقليد يعود إلى حرب القرم في خمسينيات القرن التاسع عشر، عندما قام جندي يعاني من انخفاض حرارة بالتدثُّر في ماعز صغير للحصول على الدفء.
وبحسب ما ورد في موقع iTV الإخباري، أصدر الماعز الصغير صوتاً لتحذيره من نشاط القوات الروسية القريب، التي كان الجيش البريطاني يقاتلها آنذاك، فأنقذه من الموت، ومن هنا جاء التقليد.
طابور انتظار لـ35 ساعة لإلقاء نظرة الوداع تخلله حالات تحرش وإغماء
على طول ضفاف نهر التايمز أخذ آلاف المشيعين أماكنهم للوقوف في طابور طويل للغاية، بهدف أن يلقوا نظرة أخيرة على الملكة الراحلة إليزابيث قبل دفنها.
ووفقاً لأولئك المشيعين، لا مانع من الوقوف لمدة 35 ساعة حتى يحين دورهم في النظر إلى الملكة، فهم ينظرون إلى "صفحة تُطوى من التاريخ".
بعض الموجودين في الطابور قدموا من اسكتلندا خصوصاً لوداع الملكة، وعند سؤال الكثيرين منهم عن سبب مجيئهم كان الجواب: "لتقديم الاحترام للملكة".
وكان من أشهر الشخصيات في "طابور النظرة" نجم الكرة الإنجليزية السابق، ديفيد بيكهام، الذي لم يمانع الانتظار في الطابور نحو 12 ساعة، من أجل رؤية نعش الملكة إليزابيث الثانية، الذي وُضع في قاعة وستمنستر القديمة بلندن.
وبدا قائد مانشستر يونايتد السابق منهكاً بسبب طول فترة وجوده في الطابور، وذكرت صحيفة mirror، أنه وقف اعتباراً من الساعة الثانية من صباح الجمعة 16 سبتمبر/أيلول 2022، ووصل إلى نعش الملكة إليزابيث بعد مرور 12 ساعة.
ولم يخلُ ذلك الطابور من حوادث استدعت تدخل الشرطة، حيث قالت شرطة لندن إنها وجهت إلى شاب تهمتين متعلقتين باعتداءات جنسية، الجمعة 16 سبتمبر/أيلول 2022، بعد أن أبلغت امرأتان عن تعرضهما للاعتداء في حديقة يصطف بها الناس في طابور المعزين الراغبين في إلقاء نظرة الوداع على نعش الملكة إليزابيث.
كما شهد الطابور حالات إغماء وصلت لأكثر من 400 حالة أثناء انتظارهم في الطابور، ودعت السلطات البريطانية المعزين لارتداء ملابسهم بسبب انخفاض درجات الحرارة.
وحثت الحكومة البريطانية المواطنين، السبت 17 سبتمبر/أيلول 2022، على عدم السفر للانضمام إلى طابور المنتظرين، لإلقاء نظرة الوداع على نعش الملكة إليزابيث الثانية، إذ إن تدفق الكثيرين يعني أن الناس سيضطرون للوقوف في الطابور لمدة 24 ساعة على الأقل للوصول إلى مكان النعش.
الملكة إليزابيث أشرفت على ترتيبات جنازتها قبل موتها
مراسم الجنازة التي ستستمر لـ11 يوماً منذ يوم وفاة الملكة إليزابيث، في الـ8 من سبتمبر/أيلول إلى 19 من الشهر نفسه، تشمل العديد من الإجراءات والترتيبات، قامت بوضعها الملكة شخصياً قبل وفاتها.
كما أكد قصر باكنغهام أن الملكة إليزابيث الثانية أشرفت رسمياً على وضع خطط ليوم جنازتها، مع إضافة بعض الترتيبات والمعزوفات المنتجة خصيصاً ليوم الجنازة.
ووضعت لمساتها الشخصية من أجل ترتيبات جنازتها، حيث طلبت عزف معزوفة جنائزية من تأليف عازف الناي الخاص بها، فضلاً عن جوانب أخرى استشيرت بها في حياتها.
سيحضر الجنازة، التي ستنطلق يوم 19 سبتمبر/أيلول، أفراد القصر الملكي، وسياسيون والقادة الدوليون، حُضِّرت أسماؤهم بعد استشارة الملكة، بالإضافة إلى 200 شخص تم تكريمهم في عيد ميلادها، من بينهم بعض الأسماء التي أسهمت في التصدي لوباء كورونا في بريطانيا.
ورافق النعش طول أيام مراسم دفن الملكة إليزابيث تاجُ الإمبراطورية، الذي يعد أفخم القطع الملكية عملاً وأكثرها حضوراً في المناسبات والمراسم، وكان آخر ظهور لتاج الإمبراطورية، في مايو/أيار الماضي، فقد اتُّخذ رمزاً لحضور الملكة، عندما افتتح الأمير تشارلز البرلمان في غياب والدته.
واستُخدم تاج "الدولة الإمبراطوري" أكثر من أي تاج آخر، إلا أن ذلك لم ينتقص من مهابته شيئاً، فهو مصنوع من الذهب ومرصع بـ2868 ماسة، و17 حجر ياقوت، و11 قطعة زمرد، و269 لؤلؤة، و4 ياقوتات.
كما أن بعض مكونات التاج استدعت جدلاً كبيراً بعد أفول الإمبراطورية البريطانية، مثل ماسة "كولينان"، أكبر ماسة خام عُثر عليها على الإطلاق، والتي استُخرجت من مستعمرة ترانسفال في جنوب إفريقيا عام 1907.
من جانب آخر، كان حساب على تويتر باسم "Africa Archives"، غرّد قبل وفاة الملكة إليزابيث قائلاً: "تمتلك الملكة أكبر ألماسة مقطوعة في العالم، تُعرف باسم النجم العظيم لإفريقيا. وهذه الجوهرة، التي تزن 530 قيراطاً، سُرقت من جنوب إفريقيا في عام 1905 بعد استخراجها. وتُقدّر قيمتها بـ400 مليون دولار".