يعبدون البطل القومي الذي حارب الاحتلال الإسباني للفلبين.. اعتبروه المسيح الجديد وأسسوا ديانةً على اسمه

عربي بوست
تم النشر: 2022/09/12 الساعة 16:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/10/11 الساعة 09:03 بتوقيت غرينتش
أعضاء مجموعة ريزالستا خلال احتفالات يوم ريزال / Wikimedia Commons

بالنسبة لكثيرين في الفلبين، فإن احتفالات عيد الاستقلال تذكير بإنجاز الدكتور خوسيه ريزال الذي أحيا الروح القومية، والرغبة في التحرر في شعب تم اضطهاده لسنوات طويلة على يد المحتل الإسباني.
ومع ذلك، بالنسبة لمجموعة من الفلبينيين، فإن  مكانة ريزال تتجاوز مكانته كبطل قومي، فأصبح مركز ديانة جديدة يطلق عليها "ريزالستا"، يعتبر أتباعها خوسيه ريزال إلهاً، أو على أقل تقدير هو تجسد جديد للمسيح "ابن الله".

خوسيه ريزال كاتب قاوم الاحتلال الإسباني للفلبين

في 19 يونيو/حزيران 1861، وُلد خوسيه ريزال في مقاطعة لاغونا بالفلبين، ومنذ طفولته كان طالباً لامعاً وأتقن عدة لغات، وفي مرحلة الجامعة درس خوسيه ريزال الطب في مانيلا، وفي عام 1882، سافر إلى إسبانيا لإكمال شهادته في الطب.
وأثناء إقامته في أوروبا، كتب خوسيه ريزال عن التمييز العنصري الذي عانى منه الشعب الفلبيني تحت الحكم الاستعماري الإسباني لبلاده، وكتب رواية أدانت الكنيسة الكاثوليكية في الفلبين لترويجها للاستعمار الإسباني، والعديد من المقالات التي تدعم القومية الفلبينية، وبدأ حملة لتضمين ممثلين عن الشعب الفلبيني في صناعة القرار ببلادهم.

أحدثت الرواية والمقالات ضجة بين الجمهور، وألهبت حماسة الشعب الفلبيني للمطالبة بمزيد من الحقوق، فتم حظر الرواية في الفلبين. وبعد عودته للبلاد أنشأ ريزال جمعية سياسية دعت إلى تغيير الوضع في البلاد ولكن بطريقة سلمية.

خوسيه ريزال
خوسيه ريزال / Wikimedia Commons


ومع ذلك، استاء المسؤولون الإسبان ونفوا ريزال إلى جزيرة "مينداناو"، وبعد نفيه تحولت تلك الجمعية للعمل المسلح من أجل استقلال الفلبين، وعلى الرغم من أنه فقد التواصل مع أفراد الجمعية الآخرين، وشجب الحركة عندما أصبحت عنيفة وثورية، اتهمته السلطات الإسبانية بالتحريض على الفتنة.

وبعد محاكمة صورية، أُدين ريزال وأُعدم بالرصاص في ميدان عام في 30 ديسمبر/كانون الأول 1896، عن عمر يناهز 35 عاماً، وخلق إعدامه مزيداً من المعارضة للحكم الإسباني.

انتهت سيطرة إسبانيا على الفلبين في عام 1898، وأصبح ريزال رمزاً قومياً في الفلبين؛ لمساعدة البلاد على اتخاذ خطواتها الأولى نحو الاستقلال.

ظهور ديانة ريزالستا وعبادة خوسيه ريزال

على الرغم من أن الحكومة في الفلبين تحتفل بخوسيه ريزال وصنعت له التماثيل باعتباره بطلاً قومياً، ظهرت جماعات اعتبرت ريزال قديساً، وبعضها اعتبرته تجسيداً للمسيح، حتى وصل الأمر ببعضهم إلى اعتبار ريزال إلهاً، وأُطلق عليهم اسم ريزالستا.

يوجد نحو 200 مجموعة ريزالستا في الفلبين، أغلبهم بمدينة كالامبا، مسقط رأس ريزال، وتختلف معتقداتهم بشكل كبير، بعض هذه المجموعات هي منظمات شبابية غير حكومية تهدف إلى عيش مُثُل ريزال وتبني أفكاره، بينما بعضها روحي بطبيعته وخليط من الكاثوليكية والعقائد الشعبية لسكان الفلبين، وفي مركز تلك العقائد خوسيه ريزال رمزاً دينياً مقدساً.

خوسيه ريزال
إعدام ريزال / Wikimedia Commons

يعتقد العديد من هذه الطوائف أو الحركات الدينية أن ريزال ما يزال على قيد الحياة، وأنه سوف يعود مرة أخرى ويحرر أتباعه من الظلم والفقر، ويدعي العديد من هذه المجموعات أن المفتاح الوحيد للخلاص هو الانضمام لهم. 

وبالنسبة لبعض الكاثوليك الذين تحولوا إلى ريزالستا تمكنوا من إيجاد تقارب في العقيدة الكاثوليكية وتعاليم الريزالستا، فبقي استخدام الصليب والكتاب المقدس وتقديس السيدة مريم والسيد المسيح معهم.
لكن يتم استخدام إشارة الصليب الكاثوليكية مع بعض الاختلافات، وإضافة تماثيل ريزال وصوره في الكنائس الخاصة بالطائفة، أما صلواتهم فتبدأ في الساعة الـ8 صباحاً كل يوم أحد، وتنتهي في أوقات مختلفة. تتكون في الغالب من غناء ترانيم عن ريزالس وحياته، أو مقاطع من الكتاب المقدس، وفي نهاية كل قداس، يصطفون لتقبيل العلم الفلبيني.

الوصايا الـ4 بدلاً من الوصايا الـ10

عكس الكاثوليكية تسمح طوائف ريزالستا لكهنتها بالزواج، بشرط أن يخدموا في مجتمعهم 5 سنوات، ولا يتقاضى مسؤولو الطائفة رواتب ويعتمدون على تبرعات الأعضاء الميسورين.

أما الذكرى السنوية لميلاد خوسيه ريزال وإلى جانب ذكرى وفاته، فتعتبر أقدس التواريخ لديهم. في تلك المناسبات، تحتفل طوائف ديانة "ريزالستا" في طقوس خاصة، وبعد ذلك يتبادل الأتباع الزهور والأعلام وغيرها من الهدايا الصغيرة.

وعكس الديانة المسيحية التي تبدأ الاحتفال بأعياد الميلاد في 25 ديسمبر/كانون الأول، يحتفل الـ"ريزالستا" بعيد الميلاد في 3 أكتوبر/تشرين الأول، والذي يعتبرونه التاريخ الحقيقي لميلاد يسوع المسيح، كما يحتفلون بالأعياد الوطنية الأخرى، باعتبارها مناسبات مقدسة.

وإذا كانت الكنيسة الكاثوليكية لديها الوصايا العشر، فإن لدى "ريزالستا" ثلاث قواعد بسيطة: أحب الله والناس والمجتمع. في الآونة الأخيرة، أضافوا حب البيئة كأحد مبادئهم الجديدة.

تحميل المزيد