أعلن باحثون، مطلع سبتمبر/أيلول 2022، أن نهراً جليدياً ضخماً في القارة القطبية الجنوبية معرض لخطر الذوبان بمعدل أسرع مما كان متوقعاً في السابق، مهدِّداً كوكب الأرض بما سمّوه بـ"يوم قيامة وشيك".
وفي دراسة نُشرت بمجلة Nature Geoscience، قال الباحثون إن جبل ثوايتس الجليدي، الذي يشار إليه كثيراً باسم "جبل القيامة الجليدي"، ذاب بمعدل 1.3 ميل في السنة، على مدى 6 أشهر تقريباً، في الـ200 عام الماضية. بمعنى أنه بات يذوب بوتيرة أسرع بمرتين من المعدل الموثق سابقاً لسرعة ذوبانه بين عامي 2011 و2019.
وتشير نتائج الدراسة إلى حدوث لحظات من فوران التراجع السريع لكتلة الجبل الجليدي في القرنين الماضيين، وخاصة مؤخراً منذ منتصف القرن العشرين.
ويقول روبرت لارتر، الخبير الجيولوجي والمؤلف المشارك في الدراسة إن انحسار الجبل الجليدي هو علامة رهيبة ومقلقة للمستقبل والحياة على كوكب الأرض، حيث تستمر درجات الحرارة في الارتفاع حول الكوكب، ما يُسهم بدوره في ارتفاع معدلات منسوب البحر.
وخلص المؤلفون في البحث على أن "جبل ثويتس يتمسك اليوم بأظافره في الحياة، ويجب أن نتوقع رؤية تغييرات كبيرة على نطاقات زمنية متقاربة في المستقبل- حتى من عام إلى آخر- بمجرد أن يتراجع الجبل الجليدي عن حجمه الحالي".
ما هو جبل القيامة الجليدي؟
جبل ثويتس الجليدي هو كتلة ضخمة من الجليد، بنفس حجم ولاية فلوريدا في الولايات المتحدة أو بحجم المملكة المتحدة بأكملها. وهو يذوب ببطء في المحيط قبالة غرب قطب الأنتاركتيكا.
وقال باحثون في الجيولوجيا إن الجبل الجليدي حصل على لقبه المشؤوم بسبب الآثار "المخيفة" التي قد تنتج عن ذوبانه بالكامل، والتي يمكن أن ترفع مستويات البحار العالمية ما بين 3 و10 أقدام، أي من 0.9 إلى 3 أمتار كاملة تقريباً.
وبسبب تغير المناخ، تتراجع الكتلة المجمدة الهائلة للجبل الجليدي بشكل أسرع مرتين مما كانت عليه قبل 30 عاماً مثلاً، وبات يفقد حوالي 50 مليار طن من الجليد سنوياً، وفقاً لمنظمة Thwaites Glacier Collaboration الدولية التي تتابع تغيرات الجبل العملاق.
ويمتد نهر ثويتس الجليدي تحت سطح المحيط، ويثبت في موقعه بواسطة نقاط جبلية تمتد في قاع البحر تعمل على إبطاء انزلاق النهر الجليدي في الماء.
تُعرف أقسام قاع البحر التي تستحوذ على الطبقة السفلية لنهر جليدي باسم "نقاط التأريض"، وتلعب دوراً رئيسياً في مدى سرعة انحسار الجبل الجليدي.
دراسة مقلقة تهدد بغرق وشيك.. والسبب المناخ
في الدراسة الجديدة استخدم فريق دولي من الباحثين روبوتاً للغوص تحت الماء، لرسم خريطة لإحدى نقاط التأريض السابق ذكرها لجبل القيامة الجليدي، ووجدوا أن حافة قاع البحر البارزة التي تُعرف باسم "النتوء"، والتي يبلغ ارتفاعها حوالي 650 متراً تحت السطح، ذابت خلال القرنين الماضيين، بشكل دفع الكتلة الجليدية للنهر الجليدي للتراجع لأكثر من ضعف السرعة التي كان عليها.
ويقول الباحثون إن الخريطة الجديدة للنتوء السفلي الذي يسحب الجبل الجليدي ويثبته في المياه بشكل يمنع ذوبانه، بات تشبه "كرة بلورية" يمكنها في المستقبل أن تنفصل عن الجبل، وتقع في عمق 300 متر تحت سطح البحر. لافتين أن هذا قد يصبح السيناريو الأكثر احتمالاً في المستقبل إذا أذابت المياه الأكثر دفئاً أحشاء النهر الجليدي أكثر، وفقاً للبيان.
وقال مؤلف الدراسة المشارك، روبرت لارتر، عالم الجيوفيزياء البحرية في هيئة المسح البريطانية في القطب الجنوبي، في البيان الذي نشرته مجلة Live Science العلمية: "ثويتس يتمسك حقاً بأظفاره في الحياة اليوم، يجب أن نتوقع رؤية تغييرات كبيرة على فترات زمنية صغيرة في المستقبل على كوكبنا".
كما قال الباحث الرئيسي في الدراسة أليستر جراهام، عالم المحيطات الجيولوجي في جامعة جنوب فلوريدا الأمريكية، في البيان: "يبدو الأمر كما لو كنت تنظر إلى مقياس المد والجزر في قاع البحر". وأضاف أن الأخاديد اللافتة للنظر في قاع البحر اليوم هي أيضاً مدعاة للقلق.
الغطاء الجليدي الذي يحمي الحياة على كوكبنا في خطر
ويعد الغطاء الجليدي في غرب الأنتاركتيكا أحد أهم المواقع في العالم فيما يتعلق بتأثيرات تغير المناخ، وفقاً لموقع The Weather Network للمناخ.
هذا الغطاء الجليدي الهائل يفقد جليده بمعدل متسارع يوماً بعد يوم، نتيجة الاحتباس الحراري، وارتفاع معدلات درجات الحرارة العالمية نتيجة التلوث، ويرجع ذلك جزئياً أيضاً إلى تراجع الأنهار الجليدية التي "تثبت" الغطاء الجليدي، الذي يحفظ مناخ الأرض من الانهيار في مكانه.
فيما يشبه حلقة مفرغة من التأثيرات الخطيرة على الحياة على كوكب الأرض. وأكبر هذه الأغطية الجليدية وأوسعها نطاقاً هو جبل ثويتس الجليدي، أو جبل القيامة، الذي يقع على ساحل بحر أموندسن.