لا شك أن فكرة اختيار مطعم فاخر لتناول وجبة العشاء تصحبها عدة معايير تختلف من شخص إلى آخر، فالبعض يبحث عن إطلالة خاصة كإطلالة البحر، والبعض الآخر يبحث عن لائحة طعام مميزة مقدمة من طرف طهاة مشهورين، أما فئة أخرى فتريد أن يتمتع المكان بهدوء أو موسيقى راقية.
لذلك فإن فكرة المطعم وخدماته عبارة عن تجربة فريدة وخاصة للزبون من المهم أن تستجيب إلى متطلباته، فما بالك إذا كان هذا المطعم يقدم لزوّاره أجواء خاصة تعود به لزمن ألف ليلة وليلة، داخل فضاءٍ تحوّل من "مصنع للسكر" إلى قصرٍ فاخر ومحطة لا بد من زيارتها عند حط الرحال في مدينة مراكش المغربية.
دار السكر.. من مصنع مهجور إلى مطعم خمس نجوم!
قبل أن يتحوَّل إلى قصرٍ خاص، ثم إلى مطعمٍ فاخر، كان دار السكر عبارة عن مصنع قديم للسكر، بُني في القرن السادس عشر ميلادي؛ حيث كانت بداية صناعة السكر في المغرب على يد السعديين، وكان هذا المصنع المتموقع نواحي مدينة مراكش، واحداً من بين المصانع الأخرى التي بُنيت في المغرب آنذاك.
لكن تراجع هذه الصناعة في المغرب في القرن 17، كان واحداً من بين الأسباب التي جعلت مصنع السكر هذا يغلق أبوابه، والذي ترك مهجوراً لأزيد من 400 سنة، عاد المصنع إلى الحياة سنة 2004، بعد تجديده مع الحفاظ على بعض بقاياه التي تميزه وتخبر عن تاريخه، وتحويله إلى قصر خاص، تنظم فيه حفلات خاصة ومرموقة، كالتي ينظمها مهرجان مراكش السينمائي الدولي احتفالاً بضيوفه، ومهرجان مراكش للضحك، وسهرات الماركة العالمية "ديور" التي كانت تقام في المغرب.
الشهرة الكبيرة التي حققها دار السكر في المغرب، خصوصاً بعد استقباله مشاهير عالميين وشخصيات مهمة، وانتشار صورهم داخل هذا المكان الخاص الذي أطلق عليه اسم "قصر دار السكر"، جعلت إدارة القصر تفتح أبوابها أمام العموم سنة 2016، وتحويله إلى مطعم خمس نجوم، يتميز بالديكور الذي يطغى عليه اللون الأحمر والأضواء الخافتة، لعيش أجواء مدينة مراكش المشهورة باسم "المدينة الحمراء"، نسبة للون الأحمر الذي يغطي جدرانها من أجل التقليل من شدة حرارة المدينة.
مشاهير العالم في دار السكر
لاحتضانه حفلات خاصة وأحداثاً فنية كبرى، أصبح دار السكر مركز تواجد الفنانين العالميين والمغاربة والعرب، أهم هذه الأحداث الفنية مهرجان مراكش الدولي الذي استضاف ابتداء من سنة 2004، السنة التي فتح فيها دار السكر أبوابه، نجوماً بأسماء وازنة، من بينهم المخرج الأمريكي مارتن سكورسيزي، والممثلتان المصريتان يسرا وليلى علوي، والهندية بريانكا تشوبرا.
ومن أبرز الأسماء التي زارت دار السكر وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، التي حضرت حفل العشاء مرتدية القفطان المغربي، وذلك خلال إحدى زياراتها الأخيرة للمغرب.
أما فيما يخص نجوم المغرب، فقد جمع دار السكر أشهر الفنانين خلال حفلات مختلفة، نذكر منها عرض أزياء المصممة والممثلة المغربية ليلى حديوي، التي استضافت كلاً من مجموعة الفناير، وخريجة "ذا فويس تركيا" كريمة غيث، والمصممة ليلى عزيز زوجة المنتج العالمي ريدوان.
العودة إلى زمن ألف ليلة وليلة.. تجارب خاصة لن تعيشها إلا في هذا القصر
قصر دار السكر ليس مجرد مطعم عادي لتناول وجبة العشاء، لكنه عبارة عن رحلة فنية وثقافية تنقلك من عالمٍ إلى آخر، وتجعلك تعيش تجارب خاصة وفريدة، بعيداً عن كل ما هو معتاد في المطاعم الأخرى، السبب الذي جعله يحصل على تقييم مرتفع في محركات البحث، وتعليقات أغلبها إيجابية.
لدار السكر قسمان مختلفان؛ الأول عبارة عن المطعم الرئيسي تقام فيه عروض مختلفة، منها عروض ألف ليلة وليلة مع موسيقى شرقية قديمة، وعروض مغربية تقليدية، تقدمها فرق خاصة بالمطعم، إضافة إلى فرق أخرى تؤدي الرقصات الإفريقية الشهيرة، ورقصات آسيوية وأخرى لاتينية؛ مما يجعلك تسافر بين الزمن والثقافات في ليلة واحدة.
والقسم الثاني من المطعم عبارة عن مساحة مفتوحة "تيراس" يكسوه الخضار والطبيعة في حال كنت من محبي الفضاءات المفتوحة، وهو فضاء مخصص لتقديم المشروبات.
رحلة بين مطابخ عالمية في مكان واحد
ستتمكن بلا شك من عيش رحلة مختلفة خلال زيارتك لقصر دار السكر، لكن هذه المرة من خلال تنوع المطابخ والوجبات التي يتم تقديمها في المطعم؛ حيث يتم تقديم وجبات شهيرة في لائحة الطعام تمثل المغرب، وأوروبا، آسيا، لتتمكن من اختيار الوجبة التي ستسافر بك إلى العالم الذي تريد.
وبما أن دار السكر متواجد في المغرب فإن المطبخ المغربي، متواجد بأشهر أطباقه، أهمها الكسكس وطاجين اللحم بالبرقوق، والسفة، والطنجية، هذه الأخيرة التي يتم تحضيرها حصراً في مراكش ولا ينصح بتناولها في أي مدينة أخرى غير المدينة الحمراء.