"ألم التعاطف" هو مصطلح يشير إلى الشعور بأعراض جسدية أو نفسية تحدث للشخص عند مشاهدة انزعاج وألم شخص آخر.
غالباً ما يتم التحدث عن مثل هذه المشاعر أثناء الحمل؛ إذ قد يشعر الزوج في بعض الحالات أنه يتقاسم أعراض وآلام زوجته الحامل نفسها. ويُعرف المصطلح الطبي لهذه الظاهرة باسم متلازمة كوفاد.
وعلى الرغم من أن متلازمة كوفاد ليست حالة صحية تستلزم التدخل الطبي، إلا أنها في الواقع شائعة للغاية ولها الكثير من التداعيات.
كيف يمكن للشخص أن يستشعر ألم الآخرين؟
وجد بحث حديث نُشر في المجلة الأمريكية لصحة الرجال أن ما بين %25 و72% من الآباء الذين ينتظرون مولودهم الأول في جميع أنحاء العالم، يعانون من متلازمة الكوفاد المسببة لألم التعاطف.
كما وجد بحث أن هناك حالات قصصية يعتقد الأفراد فيها أنهم يعانون من الألم في مواقف مختلفة. صحيح أن هذا الألم لا يشكل أي خطر، لكن الأمر يستحق التفكير في العلم للمساعدة في تفسير هذه الظاهرة.
يمكن أن يساعدك اختصاصي الصحة العقلية أيضاً في التعامل مع المشاعر التي قد تسبب لك آلام التعاطف.
تشير الأبحاث من جامعة برمنغهام البريطانية، إلى أنه من الممكن أن يشعر الآخرون بألم يتجاوز مجرد التعاطف عند الإصابة بتلك المتلازمة.
ففي عام 2009، كان لدى عالم النفس ستيوارت ديربيشاير 123 طالباً جامعياً ينظرون إلى مقاطع فيديو وصور لأشخاص يعانون من الألم.
أبلغ جميع المشاركين عن استجابة عاطفية بدرجات متفاوتة لما رأوه. حوالي 30% منهم شعروا بأعراض جسدية، مثل أحاسيس الطعن والوكز المبرح.
ومع ذلك، أكدت أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي أن المصابين بالمتلازمة أو حالة ألم التعاطف مع الغير تلك لم يكونوا يتخيلون فقط.
فقد كشفت صور الرنين بالفعل أن أجزاء الدماغ التي تعالج الألم الجسدي كانت نشطة تماماً كما لو كانوا يتعرضون للأذى الجسدي مثل المشاهد التي تعرضوا لها.
متى يختبر الناس الشعور بألم التعاطف؟
ترتبط آلام التعاطف بشكل شائع بمتلازمة كوفاد التي سبق أن لفتنا إليها، والتي تحدث عندما يعاني الشخص من العديد من الأعراض المطابقة لما يعانيه الزوج/الزوجة أو الشخص المقرب، بحسب موقع Guide Post للمنوعات.
ونظراً إلى ارتباطها غالباً مع الحامل، وإصابة الأزواج بها. يكون هذا الانزعاج أكثر شيوعاً خلال الثلث الأول والثالث من الحمل. ويُعتقد أن مشاعر التوتر، وكذلك التعاطف، قد تلعب دوراً محورياً في ذلك.
ومع ذلك، فإن ألم التعاطف لا يقتصر دائماً على الحمل؛ إذ يمكن أن تحدث هذه الظاهرة أيضاً لدى الأفراد الذين يمتلكون روابط عاطفية عميقة مع الأصدقاء وأفراد الأسرة الذين قد يمرون بتجربة غير سارة أو مؤلمة.
في بعض الأحيان، يمكن أن تحدث آلام التعاطف أيضاً بين الغرباء؛ على سبيل المثال، إذا رأيت شخصاً يعاني من ألم جسدي أو كرب نفسي كبير، فمن الممكن أن تتعاطف وتشعر بأحاسيس مماثلة لما يخوضه.
تشمل الأمثلة الأخرى الشعور بعدم الراحة بعد مشاهدة صور أو مقاطع فيديو لآخرين يعانون من الألم والمُعاناة.
هل هي ظاهرة حقيقية؟ وما أسباب حدوثها؟
على الرغم من عدم وجود حالة صحية معترف بها لهذه الظاهرة، إلا أن هناك قدراً كبيراً من البحث العلمي تناول متلازمة كوفاد المتعلقة بمشاعر ألم التعاطف مع الغير.
ومع ذلك، لا يزال السبب الدقيق لآلام التعاطف تلك غير معروف.
على الرغم من عدم اعتبارها حالة صحية عقلية أو نفسية، إلا أنه وبحسب موقع Healthline للصحة والمعلومات الطبية، يعتقد أن متلازمة كوفاد وأنواع أخرى من آلام التعاطف قد تكون نفسية.
وتشير بعض الدراسات إلى أن متلازمة كوفاد والأسباب الأخرى لآلام التعاطف قد تكون أكثر وضوحاً لدى الأفراد الذين يمتلكون تاريخاً من اضطرابات المزاج والحالات النفسية الأخرى.
آلام التعاطف والحمل
يمكن أن يسبب الحمل مجموعة متنوعة من المشاعر لأي زوجين، والتي غالباً ما تكون مزيجاً من الإثارة والتوتر والقلق والإجهاد. قد تلعب بعض هذه المشاعر دوراً في تطوير آلام التعاطف بين الزوج والزوجة.
يعتقد بعض الباحثين أن العوامل الاجتماعية والديموغرافية يمكن أن تلعب دوراً في تطوير متلازمة كوفاد. ومع ذلك، يجب إجراء المزيد من الدراسات على هذه النظريات.
الشخصية المتعاطفة بطبيعتها
يُعتقد أن التعاطُف يلعب دوراً أساسياً في تطوير متلازمة كوفاد وغيرها من حالات ألم التعاطف. قد يكون الشخص الأكثر تعاطفاً بشكل طبيعي مع مجريات الأمور والأشخاص من حوله أكثر عرضة للشعور بآلام الآخرين الفعلية عندما يشعرون بالألم أو عدم الارتياح البدني والنفسي.
على سبيل المثال، قد تتسبب رؤية شخص ما يتأذى في إحساس جسدي عند الشخص المصاب فور أن يبدأ في التعاطُف مع ألمه. قد تشعر أيضاً بتغيرات في مزاجك بناءً على ما يشعر به الآخرون من المقربين منك.
بينما لا تزال آلام التعاطف قيد البحث والدراسات، يُعتقد أن الأعراض تختفي بمجرد أن ينتهي مصدر الألم وعدم الراحة الذي يتعرض له الشخص. على سبيل المثال، قد تختفي أعراض متلازمة كوفاد عند الرجال من تلقاء نفسها بمجرد ولادة الزوجة لطفلها الجديد.
وفي كل حال، إذا كنت تعاني من ألم تعاطف متكرر كلما تعرضت لمصدر إزعاج أو ألم، أو كنت تعاني من تغيرات مزاجية طويلة المدى، فاستشر طبيباً في الصحة النفسية للحصول على المشورة المطلوبة.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.