في كل عام يلتقي ملايين المسلمين في مدينة مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، حيث تمثل تلك الشعائر الضخمة تحدياً أمنياً ولوجستياً كبيراً.
لذلك في بعض الأحيان المؤسفة، شابت أيام الحج وبعض الفترات الأخرى حوادث ومآسٍ تسببت في مقتل الناس داخل الحرم والمناطق المرتبطة بالشعائر.
بداية من حوادث التدافع والدهس وصولاً لحالات إطلاق نار أو انتحار، فيما يلي نظرة على بعض الحوادث المميتة المتعلقة بالحج والحرم المكي حول الكعبة في مكة المكرمة.
حوادث الانتحار في عام 2018
انتحر شاب فرنسي بلغ من العُمر 26 عاماً، في المسجد الحرام في ٨ يونيو/حزيران عام 2018، وذلك بعد أن قفز من فوق سطح إحدى البنايات داخل الحرم.
وفي حالة الانتحار الثانية خلال أسبوع واحد، ألقى رجل بنغلادشي بنفسه من الطابق الأول إلى منطقة حول الكعبة، حيث كان المصلون يطوفون أو ينتظرون الصلاة، في 15 من ذات الشهر، وسقط على مصلٍّ سوداني في الخمسينيات من عمره كان في المكان، ما تسبب في إصابته بكسور وإصابات خطيرة تعافى منها لاحقاً.
وفي 25 أغسطس/آب، انتحر حاج آخر في المسجد الحرام بمكة المكرمة، ما جعله ثالث حادث من نوعه هذا العام فقط، وفقاً لموقع Gulf News.
وزعمت أسرته آنذاك أن الرجل العراقي كان يعاني من أزمة صحية بين الحين والآخر. وبشكل عام، لم يتم تحديد أسباب الانتحار الحقيقية لأي من هؤلاء الضحايا.
عام 2015
كان هذا العام من أبرز السنوات التي لاقى فيها الناس مصرعهم في مكة، إذ لقي في 11 سبتمبر/أيلول من هذا العام، في الفترة التي سبقت الحج، ما لا يقل عن 107 أشخاص مصرعهم، وأصيب ما يقرب من 400 بجروح عندما انهارت رافعة بسبب سوء الأحوال الجوية.
حيث اصطدمت رافعة مستخدمة في أعمال البناء والترميم بالمسجد الحرام في مكة المكرمة، أقدس الأماكن الإسلامية، متسببةً في انهيار للآلة على الحجاج المتواجدين في تلك المنطقة وحالة من الفوضى العارمة.
لم يتوقف الأمر عند ذلك فحسب، فبعدها بأسبوعين تقريباً، قُتل في يوم 24 سبتمبر/أيلول ما لا يقل عن 310 أشخاص، إضافة لإصابة المئات، في تدافع ضخم وحالة دهس واسعة النطاق وقعت في منطقة منى بضواحي مدينة مكة المكرمة أثناء تدافع الحجاج ضمن فعاليات شعائر هذا اليوم.
وبالرغم من تلك الأرقام المُعلنة للحادث، أشارت تقديرات أخرى إلى أن أعداد الوفيات في ذلك اليوم وحده تجاوزت 2400 قتيل، بحسب مجلة Vanity Fair.
ما يجعله الحادث الأكثر دموية في تاريخ كوارث الحج الطويلة.
عام 2006 وحوادث انهيار
ابتدأ هذا العام بحادث مؤسف أسفر عن مقتل العشرات بمدينة مكة المكرمة. ففي 6 يناير/كانون الثاني قُتل 76 شخصاً في انهيار فندق وسط المدينة نتيجة عوامل التعرية.
وبعدها بأقل من أسبوع، في 12 من ذات الشهر، لقي أكثر من 360 حاجاً مصرعهم في تدافع بمنطقة مِنى، حيث يقوم الحجاج برمي الجمرات.
وفي اليوم السابق لبدء الحج هذا الشهر، انهار مبنى مكون من 8 طوابق يُستخدم كنُزُل بالقرب من المسجد الحرام في مكة، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 73 شخصاً أيضاً.
حوادث متفرقة سنوياً
- في 1 فبراير/شباط عام 2004 تسبب حشد من الحجاج المتدافعون بمنطقة رمي الجمرات في مِنىَ بقتل حوالي 250 حاجاً وإصابة المئات في اليوم الأخير من مناسك الحج.
- وفي 11 فبراير/شباط عام 2003، توفي 14 آخرون بحسب صحيفة The Guardian البريطانية.
- قبلها في 2001، وتحديداً في 5 مارس/آذار، أدى تدافع بمنى خلال اليوم الأخير من شعائر الحج إلى مقتل 35 حاجاً.
هذه الأرقام الضخمة من الوفيات نتيجة التدافع سبق أن تم توثيقها قبل الألفية الثانية، حيث كانت الأعداد أكبر بكثير في بعض الحالات.
- في عام 1998، ففي 9 أبريل/نيسان، قُتل أكثر من 118 شخصاً وأُصيب 180 آخرون في تدافع بمنى.
- وفي 15 أبريل/نيسان أيضاً، لكن عام 1997، قُتل 343 حاجاً في حريق نشب بمدينة الخيام في منطقة مِنىَ، حيث يبيت الحجاج، وقد تفاقمت تداعيات الحريق بسبب الرياح العاتية، ما تسبب كذلك في إصابة أكثر من 1500 جريح.
- في 24 مايو/أيار من عام 1994 قُتل 270 حاجاً آخرين في تدافع خلال طقوس رمي الجمرات في منى، وهو حادث تنسبه السلطات إلى تفاقم أعداد الحجاج في الموقع خلال الساعة نفسها.
- وأخيراً، في 2 يوليو/تموز عام 1990، تدافع عدد ضخم من الحجيج في نفق بمنى، بعد إصابتهم بحالة من الذعر بسبب عطل في نظام التهوية، ما أدى إلى وقوع أحد أكبر حوادث التدافع في المملكة، مسبباً قتل 1426 حاجاً معظمهم من دول آسيا.
قتلى إثر إطلاق نار على تظاهرات إيرانية
في 10 يوليو/تموز 1989 قُتل شخص وأُصيب 16 آخرون في هجوم مزدوج حدث في المسجد الحرام. وعلى إثره أدين 16 شيعياً كويتياً بارتكاب الجريمة وتم إعدامهم بعد أسابيع.
وفي 31 يوليو/تموز 1987، قمعت قوات الأمن السعودية مظاهرة غير مصرح بها للحجاج الإيرانيين، وعلى إثرها قُتل أكثر من 400 شخص بينهم 275 إيرانياً، بحسب الأرقام الرسمية.
وتوضح صحيفة New York Times أن الاشتباكات اندلعت آنذاك في وقت تزايد فيه التوتر بسبب حرب الخليج، وتصاعد الأصولية الإسلامية، مقابل مساعي الولايات المتحدة لمرافقة ناقلات النفط الكويتية عبر الخليج الفارسي.
وبدأت الاشتباكات عندما احتشد حجاج إيرانيون بعد صلاة ظهر الجمعة لتظاهرة سياسية ممنوعة من قبل السلطات السعودية.
وهتف الحجاج: "الموت لأمريكا! الموت للاتحاد السوفييتي! الموت لإسرائيل"، حاملين صور آية الله الخميني. قبل أن تتدخل قوات الأمن السعودية لفض التظاهرة ما أسفر عن سقوط قتلى.
وقال بيان سعودي رسمي إن 402 شخص قتلوا ذلك اليوم، بينهم 275 إيرانياً و85 مواطناً سعودياً ورجل أمن، و42 حاجاً من جنسيات أخرى.
الجهيمان وحادث احتلال الحرم المكي
في 20 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1979، تحصَّن مئات المسلحين المعارضين للحكومة السعودية داخل المسجد الحرام، واحتجزوا عشرات الحجاج كرهائن. والحصيلة الرسمية للهجوم والقتال اللاحق هي 153 قتيلاً و560 جريحاً وفقاً للإحصاءات الرسمية.
في اليوم الأول للحادثة، توضح BBC News أن 200 رجل اختلطوا مع الحجاج في الحرم المكي، بقيادة واعظ يبلغ من العمر 40 عاماً يدعى جهيمان العتيبي.
وعندما انتهى الإمام من الصلاة دفعه جهيمان وأتباعه جانباً واستولوا على الميكروفون، قبل أن يعلنوا الجماعة السلفية المحتسبة (JSM) التي أدانت ما اعتبرته انحطاطاً للقيم الاجتماعية والدينية في المملكة العربية السعودية إبان عهد الملك خالد بن عبد العزيز، طالبين البيعة لشخص يُدعى محمد بن عبد الله القحطاني، صهر جهيمان، بزعم أنه "المهدي المنتظر".
وقد احتجزت المجموعة عدداً من المصلين رهائن إلى أن حررتهم القوات السعودية بعد أسبوعين من الاحتجاز، وانتهى الأمر بمقتل المهدي المزعوم وعدد من رفاق جهيمان الذي أُعدم لاحقاً هو وبقية رفاقه.