عادة ما تشتهر الجزر بأنها مقاصد سياحية شهيرة، ذات طبيعة خلابة ومميزة، بجوار أنها كانت وما زالت دائماً عنصراً يلهب خيال الكُتاب حول العالم، ومحوراً للعديد من الأعمال الأدبية والسنيمائية المرتبطة بالمغامرة والاستكشاف والغرائب.
وربما قد نعتقد أن الأمور الخيالية الغريبة المرتبطة بالجزر هي دائماً محض خيال أو أساطير، ولكن الأمر في الواقع ليس كذلك؛ فكوكب الأرض لا يزال يخبئ لنا العديد من الأسرار الغامضة والمفاجآت الغريبة، والأمثلة على هذا تتجلى في مجموعة من الجزر الغريبة والمثيرة للدهشة حول العالم، نستعرضها لكم في هذا التقرير.
من أغرب الجزر في العالم: جزيرة جيولا الملعونة
على بعد أمتار قليلة من أكبر شواطئ نابولي الإيطالية؛ يمكنك أن ترى جزيرة جيولا الصغير، عبارة عن كتلتين من اليابسة يتصلان معاً بجسر حديدي، وتقبع فوق قمة أحد أجزاءها فيلا بيضاء شامخة، ولكنها مهجورة.
والسبب وراء تسمية جيولا يعود لفترات بعيدة تمتد لعشرات بل مئات السنين، فقد سجلت العديد من المصادر حوادث ارتبطت بكل من زار الجزيرة أو عزم على تحدي "النحس" الملازم لها؛ مثل حوادث القتل والانتحار أو الغرق، والإصابات بالحمى، وحتى الذهاب إلى السجن والمصحات العقلية.
كما سُميت أيضاً جزيرة اللا عودة وجزيرة الطاعون، وهو الاسم الذي ربطته الكثير من التفسيرات بما حدث على هذه الجزيرة قديماً أثناء فترات وباء الطاعون، وكانت الجزيرة بمثابة مقابر جماعية مفتوحة كان السكان المحليون يلقون جثث الموتى فيها، بجوار شواهد تؤكد أنها كانت تحتوي أحد المصحات العقلية التي كان يتم تعذيب النزلاء فيها.
جزيرة الأفاعي
على بعد 32 كيلومتراً تقريباً من الساحل الجنوبي للبرازيل تقع تلك الجزيرة الغريبة المسماة A Queimada Grande، والتي تتبع مقاطعة "ساو باولو" البرازيلية الشهيرة.
هذه الجزيرة الملقبة بجزيرة الأفاعي هي الوحيدة في العالم التي تسكنها أنواع من الأفاعي لا توجد في أي بقعة في العالم سوى هذه الجزيرة، وهي ثعابين Bothrups insularis المعروفة أيضاً باسم أفعى رأس الرمح الذهبية، وتوصف بأنها أكثر الثعابين سُمّية في قارتي أمريكا الشمالية والجنوبية.
الجزيرة تحتوي اليوم على قرابة 3000 ثعبان، وهو فقط العدد الذي بقي من قرابة نصف مليون ثعبان استعمرت الجزيرة قديماً ومنذ اكتشاف الأوروبيين لأمريكا الجنوبية، ويصف العديد من الخبراء هذه الجزيرة بأنها ليست فقط موطناً أصلياً لثعابين رأس الرمح الذهبية؛ ولكنها كانت تعيش في كل شبر من أراضي الجزيرة، ولا يمكن لأي كائن العيش عليها سواها.
العديد من التفاسير طُرحت حول غرابة طبيعة هذه الجزيرة، وكان أبرز هذه التفاسير أن هذه الفصيلة من الثعابين نجت بعد العصر الجليدي؛ لأن الجزيرة معزولة تماماً، ولم تكن هناك حيوانات أخرى في سلسلة الغذاء تتغذى عليها.
ومن بين الأساطير الشائعة عن الجزيرة أيضاً أن حراس المنارة الوحيدة عليها كانوا يفرون من خدمتهم بعد أن تهاجمهم الثعابين هجوماً منظماً وشاملاً بهدف طردها؛ اليوم أغلقت حكومة البرازيل هذه الجزيرة حماية لهذا النوع النادر من الأفاعي، واتقاءً لخطرها أيضاً.
جزيرة القيامة
تعرف أيضاً باسم جزيرة الفصح Easter Island، وهي واحدة من أشهر الجزر وأكثرها غموضاً في العالم حتى اليوم، وتقع قرابة سواحل "تشيلي" في أمريكا الجنوبية، وأكثر ما يجعل هذه الجزيرة واحدة من أغرب الجزر على الإطلاق هو التماثيل الغامضة التي اكتشفت عليها.
جزيرة القيامة أو جزيرة الفصح اكتشفت في حوالي 1772 من قبل بعثة أوروبية كان على رأسها المستكشف الهولندى "جاكوب روجيفين"، والذي كان أول من سجل وجود العشرات بل المئات من التماثيل الضخمة الغريبة التي تتراوح ارتفاعاتها بين 10 و12 متراً، وأوزانها تتراوح بين 70 و75 طناً، بعضها مدفون طولياً حتى الرأس، وجميعها تحمل النمط ذاته من الملامح التي تتميز بوجوه طويلة غريبة وأنوف مستعرضة.
والأكثر إثارة للدهشة في بناء هذه التماثيل الغامضة هو طرق بنائها والمادة المستخدمة فيها؛ فبخلاف أوزانها غير العادية التي تجعل بناءها أمراً شاقاً على حضارة بدائية أو سكان بدائيين؛ أيضاً قال بعض علماء الآثار إن طريقة صنع التماثيل الضخمة غالباً كانت عبر تعريض الرماد البركاني للضغط الشديد ثم نحت الكتل الكبيرة منه، وهو أمر لا يزال يثير الدهشة؛ لأن الكتل البركانية المتحجرة ثقيلة ويصعب نقلها، ناهيك عن نحتها.
كما تنتشر بين عشاق نظرية المؤامرة أطروحة تفيد بأن تماثيل جزيرة الفصح أو القيامة ليست من صنع البشر نظراً لغرابة تفاصيلها الجسمانية، وربما قد تكون من صنع كائنات فضائية متطورة زارت الجزيرة في أزمان بعيدة.
جزيرة بالميرا
هذه الجزيرة تتمتع بشواطئ بديعة، وطبيعة لا تضاهى، وتتمتع أيضاً بسُمعة مرعبة؛ فهي من أكثر الجزر التي ارتبطت باللعنات وكنوز القراصنة المدفونة، والاختفاءات الغامضة.
تقع جزيرة بالميرا قرابة تجمع جزر هاواي الاستوائية على سواحل قارة أمريكا الشمالية والتابعة رسمياً للولايات المتحدة الأمريكية، اكتشفت عام 1789 بواسطة البحار الأمريكي "إدموند فانينج" أثناء رحلته بصحبة طاقم إحدى السفن الأمريكية المتجهة إلى آسيا.
منذ ذلك الوقت تحولت الجزيرة إلى مرسى للسفن العابرة في المحيط الهادئ، ولكن ذاع صيتها عندما انتشرت عنها أخبار بين البحارة تقول إنها ملعونة ولا يمكن أن يغادرها أحد، وساهم في انتشار الأسطورة رواية سجلتها العديد من المصادر حول إحدى سفن القراصنة الفارة من أمريكا الجنوبية بعد سرقتها كنزاً هائلاً من الذهب الذي يعود لحضارة الإنكا، وتحطم السفينة على شواطئ بالميرا وظلوا على سطحها مدة عام كامل ثم ماتوا واحداً تلو الآخر بعد أن دفنوا كنزهم في مكان مجهول عليها.
سُجلت أيضاً العديد من الحوادث الغامضة على الجزيرة، من بينها سيطرة الجيش الأمريكي عليها بالكامل أثناء الحرب العالمية الثانية، واعتقال كل طواقم السفن التي تحاول الاقتراب، بجوار حوادث مسجلة لطائرات سقطت فجأة أثناء التحليق على مجال الجزيرة الجوي دون أية أعطال تذكر، وكان آخر الحوادث الغامضة في سبعينيات القرن الماضي، عندما اختفى زوجان ذهبا لقضاء عطلتهما ولم يعثر لهما أو أمتعتهما على أي أثر.
جزيرة العرائس
هذه الجزيرة المكسيكية وصفت بأنها واحدة من أكثر الجزر غرابة وإثارة للهلع على الإطلاق، فالجزيرة تمتلئ بالكامل على أشجارها وجدران أكواخها وعمدانها الخشبة بعرائس أو أجزاء من عرائس بلاستيكية مخيفة الشكل.
الجزيرة الصغيرة في منطقة "سوتشيميلكو" Xochimilco المليئة بالعرائس وأجزاء اللعب المخيفة والمثيرة للقشعريرة صارت واحدة من أكثر الجزر التي نُسجت حولها الأساطير، فلا أحد يعرف حتى اليوم يقيناً كيف وصلت تلك العرائس إلى الجزيرة، ومن الذي وضعها.
ومن بين الأساطير الشعبية المنسوبة لها تلك الخاصة بمالك الجزيرة القديم، وهو ثري مكسيكي اسمه "جوليان سانتانا بييرا"، والذي قيل إنه شاهد فتاة صغيرة تغرق في إحدى القنوات المائية على الجزيرة وفشل في إنقاذها، ومُذاك الوقت وعقب وفاة الفتاة فوجئ بآلاف العرائس التي تلقيها الأمواج على شواطئ الجزيرة، لدرجة أنه لم يعرف ماذا يفعل بها سوى تزيين الجزيرة بها، وأسطورة أخرى تقول بأن هذه الجزيرة كانت سجناً للنساء والفتيات قديماً، وكن يتعرضن للاغتصاب والقتل عند محاولاتهن المتكررة للفرار، وهو ما أصاب الجزيرة بلعنة العرائس.
جزيرة فولكان بوينت
هذه الجزيرة في أرخبيل الفلبين واحدة من أغرب الجزر في العالم أيضاً، والسبب ببساطة هو جغرافيتها شديدة التميز، فمثلاً إذا وصف أحدهم الجزيرة لك فربما تصيبك الحيرة من الوصف؛ فهي جزيرة على بحيرة بداخل بركان داخل جزيرة بداخلها بحيرة!
وببساطة يمكن شرح الطبيعة الغريبة للجزيرة بأنها جزيرة كبيرة في وسط بركان خامد أسفل المياه، وفي قلبها بحيرة كبيرة، وفي منتصف هذه البحيرة جزيرة أصغر، والجزيرة الأصغر في منتصفها بحيرة صغيرة.
نعم ربما لا يزال الوصف غامضاً أو محيراً؛ لذا فأفضل حل هو رؤية صور هذه الجزيرة للحصول على أفضل نتائج ممكنة.