عندما يتعلق الأمر بالتمارين وممارسة الرياضة، فإن الحكمة التقليدية دائماً ما تميل إلى الاعتقاد أن المزيد دائماً أفضل؛ لكن الحقيقة أن هذا ليس صحيحاً بالضرورة.
إذ يقوم العلماء بشكل مستمر بتقييم الضرر المحتمل الذي يمكن أن يحدثه القيام بالكثير من التمارين الرياضية إذا لم تسمح لنفسك بالحصول على وقت كافٍ للراحة.
وتشير الأبحاث الحديثة إلى أن ممارسة الرياضة بكثافة عالية قد تضعف عمل الخلايا في الجسم بشكل عام. بالإضافة إلى ذلك، تبحث دراسات في سبب الإفراط في ممارسة الرياضة في حدوث كسور إجهادية ومشاكل الأرق وقلة النوم ومشاكل أخرى.
الكثير من الرياضة قد يهدد صحتك
يقول مارك باتاكي، اختصاصي فسيولوجيا التمارين وأستاذ الطب المساعد في Mayo Clinic: "يمكن أن تكون التمارين ضارة بشكل كبير جداً".
صحيح أن ممارسة الرياضة باستمرار تعمل على بناء كثافة العظام، وتكافح ضمور العضلات، وتحمي من الأمراض المزمنة. ومع ذلك، من الأهمية بمكان تحديد مستوى شدة ومعدلات الراحة التي تحصل عليها.
لا يمكن للعلماء أن يقولوا على وجه اليقين حتى الآن ما هو المقدار المناسب من التمارين لكل شخص، فهي قد تختلف وفقاً لحالة الجسم.
إذ من المحتمل أن تختلف حسب العوامل المتباينة من شخص لآخر بما في ذلك العمر والجنس ومستوى اللياقة البدنية.
الهدف الأساسي من التمارين الرياضية
إذا كان هدفك هو تحسين صحتك وتقليل مخاطر الإصابة بمجموعة من الحالات الصحية المترتبة على ضعف اللياقة البدنية مثل مرض السكري إلى أمراض القلب والسرطان، فإن ممارسة التمارين الرياضية المعتدلة إلى القوية لمدة 2.5 إلى 3 ساعات أسبوعياً ستمنحك الغالبية العظمى من الفوائد الجسدية التي تطمح إليها.
ولكن بمجرد أن تتجاوز الخمس ساعات في الأسبوع أو نحو ذلك، فأنت لا تمارس الرياضة من أجل الصحة، بل تتمرن من أجل تحسين الأداء.
تقول كريستين ديفنباخ، عالمة التمرينات وفقاً لصحيفة New York Times، إنه عندما تتمرن من أجل الأداء -سواء كان ذلك لزيادة قوتك في صالة الألعاب الرياضية أو الجري في ماراثون أو تحسين قدراتك في لعبة التنس- فمن الممكن أن تضغط على جسمك أكثر من اللازم؛ ما يمكن أن يرتد عليك، مضيفةً أن الهدف من التدريب بالنسبة للرياضيين هو إحداث ما يسمى بالاستجابة التدريبية. فأنت تتمرن، ويستجيب جسمك من خلال أن تصبح أكثر رشاقة وقوة وسرعة.
لا تحدث هذه التحسينات أثناء التمرين نفسه، ولكنها تحدث أثناء فترة التعافي. وذلك عندما يقوم جسمك بإصلاح الضرر الناجم عن التمارين الشاقة، مثل التمزقات الدقيقة في ألياف العضلات، وإجراء تكييفات الجسم، مثل زيادة الميتوكوندريا المنتجة للطاقة في خلاياك.
علامات تخبرك أنك تمارس الكثير من الرياضة
هناك العديد من العلامات التي قد تشير إلى أنك تمارس الرياضة بشكل مفرط وأشد من قدرة جسمك.
على الرغم من أن أي من العناصر الموضحة أدناه وحدها قد لا تكون مدعاة للقلق، فإن ظهور العديد من الأعراض دفعة واحدة قد يؤشر لمخاطر صحية محتملة:
ألم العضلات لفترات طويلة
على الرغم من أن آلام العضلات الناتجة عن التمرينات الرياضية أمر طبيعي، إلا أن هذا الشعور يجب أن يكون عرضياً ومؤقتاً، وليس متكرراً ودائماً، ويجب ألا يستمر لأكثر من يومين، أو ثلاثة أيام على الأكثر بعد التمرين.
الأرق وصعوبة النوم
يوضح موقع Cleveland Clinic للصحة والمعلومات الطبية، أنه سواء كنت لا تنام جيداً أو كنت تواجه صعوبة في النوم على الإطلاق، يمكن أن يكون الأرق علامة على ممارسة الكثير من التمرينات التي تفوق قدرة الجسم، في حين أنك عندما تقوم بتمارين رياضية تناسب جسمك، فهذا يعزز النوم والاستغراق العميق.
التعب المزمن
إذا كنت تجد نفسك متعباً باستمرار، وخاصة إذا كنت مرهقاً بشدة خلال التدريبات، فلن يتم تزويد جسمك بأدوات الاسترداد التي يحتاجها لتأثير التمارين الرياضية المعززة للطاقة.
انخفاض الأداء واللياقة البدنية
المسار الصحي هو الذي تشعر فيه مع كل تمرين بأن قوتك وقدرتك على التحمل تتزايد وتصبح أكثر مرونة.
وبالتالي فإن الشعور بأنك تتراجع ومستواك ينحدر إلى الوراء، سواء كان ذلك يعني عدم القدرة على الثبات أو إيجاد القوة على التحمل أكثر، فهو علامة مؤكدة على المبالغة في ممارسة التمارين الرياضية.
الشهية المتغيرة
يجب أن يؤدي التمرين الجيد إلى شعورك بالرغبة في الحصول على وجبتك التالية. وبالتالي إذا كنت تقوم بإفراط في التدريبات الرياضية، فقد لا تشعر بالجوع وحتى بالغثيان.
وعلى العكس من ذلك أيضاً، فإن الإفراط في التدريبات الرياضية قد يجعلك جائعاً بلا توقف، وترغب في الحصول على وجبة كل ساعة.
لذلك في الحالتين، قد تكون تمارس الكثير من الجهد أكثر مما يحتاجه جسمك، بحسب مجلة Nutrients.
ضعف المناعة
تعتبر التمارين المعتدلة أمراً رائعاً لجهاز المناعة لديك. على العكس من ذلك، فإن الإفراط في ممارسة الرياضة يمكن أن يجعل من الصعب على جهازك المناعي أن يعمل بشكل جيد، وقد تواجه المزيد من نزلات البرد والإنفلونزا والضعف العام.
وبذلك يكون هذا تحذيراً لك بضرورة تقليل تمريناتك الرياضية.
الالتهاب المستمر
يختلف الأمر هنا عن التهاب العضلات، فقد يكون الالتهاب الجهازي سبباً لأمراض أكبر مثل السرطانات والتهابات الكلى وغيرها؛ لذلك من المهم عدم الخروج عن السيطرة وتجاوز قدرة احتمالك.
الاكتئاب وتدهور الصحة النفسية
تعتبر التمارين الرياضية معززاً للمزاج الجيد، ولكن الكثير منها يمكن أن يجعلك تشعر بالحزن أو الخمول باستمرار والرغبة في النوم طوال الوقت.
عندما لا تتمكن هرموناتك من تنظيم نفسها بشكل صحيح بسبب الإفراط في التدريبات الرياضية، فإن المواد الكيميائية الخاصة بالسعادة في الدماغ لا يمكنها القيام بوظائفها أيضاً.
المعاناة من الإصابات المتكررة
يشير موقع Byrdie للمنوعات إلى أنك إذا تعرضت للإصابة من التدريبات الخاصة بك على الرغم من الحفاظ على لياقتك البدنية وعدم التدريب بما يتجاوز قدراتك المعروفة، فقد يكون هذا هو السبب.
اكتساب الوزن الزائد
عند الإفراط في التدريب، يكون جسمك في حالة إجهاد مزمن.
هذا الأمر قد يؤدي إلى إفساد هرمون التوتر في الجسم (الكورتيزول)، الذي يتعارض مع عملية التمثيل الغذائي لديك، والتي ستؤدي بالتبعية إلى زيادة الوزن وتراكم الدهون في الجسم، بحسب مجلة Shape.
معدل ضربات قلبك خارج عن السيطرة
إذ كنت تعاني من "ضربات" شديدة لنبض القلب أثناء وقت الراحة، فمن المحتمل أنك تقوم بالإفراط في ممارسة التدريبات الرياضية.
أما إذا كان جسمك يعمل وقتاً إضافياً لتلبية احتياجات تدريباتك الشديدة، فقد يتغير معدل ضربات قلبك أثناء الراحة أيضاً.
عادة، يكون الاختلاف كبيراً بما يكفي بحيث لا تحتاج إلى جهاز مراقبة معدل ضربات القلب لملاحظته.
لكن فائدة أدوات تتبع معدل ضربات القلب عالية التقنية أنها تقيس أيضاً تقلب معدل ضربات القلب، والتي يمكن أن تنخفض نتيجة الإفراط في التدريب.
على سبيل المثال، إذا كنت في حالة استرخاء وتشعر بأن قلبك يتسارع، فقد يشير ذلك إلى أنك تمارس الرياضة بشكل مفرط أو تعاني من اضطرابات القلق.
وبشكل عام، قم بالاستعانة بخبير التدريبات الرياضية لمعرفة ما يحتاجه جسمك من تمرينات رياضية؛ لكي لا تتجاوز احتمال جسمك وتسبب لنفسك الآثار الجانبية التي لا تُحمد عُقباها.