الجاذبية ظاهرة طبيعية يصعُب تخيل النظام الكوني من دونها، فبسببها تدور الكواكب حول النجوم، وبسببها أيضاً نستطيع السير على سطح الأرض بثبات دون أن نطفوا عالقين في الهواء، لكن هل تساءلتم يوماً: كيف يتم حساب هذه الجاذبية في الأرض وفي الكواكب الأخرى، وأي من كواكب مجموعتنا الشمسية يتمتع بجاذبية أكبر؟
كيف تقاس جاذبية الكواكب؟
قبل أن نتحدث عن الكوكب الأكثر جاذبية في المجموعة الشمسية دعونا نشرح لكم باختصار كيفية تحديد مدى جاذبية الكوكب، في الواقع يتوقف ذلك على عاملين اثنين:
- كتلة الكوكب
- كثافة الكوكب
دعونا نبدأ مع كتلة الكوكب أولاً: هناك علاقة طردية بين الكتلة والجاذبية، فكلما زادت كتلة الكوكب زادت جاذبيته، وعلى العكس كلما كانت كتلة الكوكب أصغر كانت جاذبيته متواضعة أكثر.
وفقاً لذلك قد نفترض أن الكوكب الأكبر سيكون بالتالي صاحب الجاذبية الأكبر، وهذا صحيح إذا راعينا أيضاً عامل الكثافة، فلكثافة الكوكب دور كذلك في تحديد مدى جاذبيته، فقد يكون لدينا كوكب ضخم الكتلة لكن جاذبيته أقل من المتوقع، وذلك لأنه ببساطة منخفض الكثافة.
والآن بعد أن اتفقنا على العوامل التي تحدد مدى جاذبية الكوكب دعونا ننتقل إلى كيفية قياس الجاذبية على الكواكب الأخرى.
في الواقع، تُشكل الأرض أسس فهمنا لقوة الجاذبية في الكواكب الأخرى، لهذا ولتحديد جاذبية كوكب ما من الأسهل لنا أن نقارنها ببساطة مع جاذبية الأرض.
ويمكن حساب قوة الجاذبية على كوكبٍ ما عن طريق حساب معدل سقوط الأجسام بفعل تسارع الجاذبية، ويصل معدل تسارع الجاذبية على الأرض إلى 9.81 متر في الثانية المربعة.
ما يعني أن الجسم الساقط سيسقط بسرعة 9.81 متر في كل ثانية، بافتراض غياب مقاومة الهواء. وتجدر الإشارة هنا إلى كواكب العمالقة الغازية التي ليس لديها سطحٌ صلب، حيث تُعرف الجاذبية على سطحها بأنها قوة جاذبية الطبقات العليا من غلافها الجوي.
فما هي مستويات الجاذبية لمختلف الكواكب في نظامنا الشمسي؟
الكوكب الأضخم
يعتبر المشتري أضخم كوكب في نظامنا الشمسي، ولهذا فهو صاحب أقوى مجال جاذبية بين جميع الكواكب أيضاً.
بينما تعتبر الشمس هي الجرم السماوي الوحيد الذي يفوق المشتري جاذبية. وتعد كتلة المشتري أكبر من الأرض بـ318 ضعفاً، لكن جاذبية سطحه ليست أقوى بـ318 ضعفاً، فبرغم كتلته الهائلة سنجد أن قوة الجاذبية على سطح المشتري أكبر من نظيرتها على سطح الأرض بضعفين ونصف فقط، تقريباً (24.8 متر لكل ثانية مربعة).
ويمتلك كوكب المشتري جاذبيةً منخفضة نسبياً مقارنةً بكتلته، لأنه ليس من الكواكب شديدة الكثافة، حيث يتألف المشتري في الأساس من عنصرين من أخف العناصر هما: الهيدروجين والهيليوم، إذ يتمتع الكوكب بكثافةٍ منخفضة وجاذبية سطحٍ أقل لأنه يتكون من عناصر خفيفة بالكامل تقريباً.
ما يعني أن الجسم الذي يزن 45 كيلوغراماً على الأرض سيزن 113 كيلوغراماً على المشتري، وفقاً لما ورد في موقع World Atlas الكندي.
الجاذبية السطحية للعمالقة الغازية
ما الفارق بين قوة جاذبية مختلف الكواكب والأرض؟ لقد تحدثنا عن المشتري بالفعل، ولكن لا تزال هناك ستة كواكب أخرى في نظامنا الشمسي.
وإذا كنت تقف بطريقةٍ ما عند الطبقات العليا من الغلاف الجوي لكوكب زحل، فستشعر بجاذبية أقوى من الأرض بقليل، أما إذا قررت إسقاط جسمٍ من الأعلى فسوف يتسارع هبوطاً بمعدل 10.44 متر لكل ثانية مربعة.
ويعتبر سطح زحل صغيراً نسبياً بسبب انخفاض كثافته، كما هو الحال مع المشتري. بل إن زحل هو الكوكب الأقل كثافةً في نظامنا الشمسي بأكمله، لدرجة أن جاذبيته السطحية أقل من كوكب نبتون.
فيما يُعَدُّ كوكب أورانوس أكبر من الأرض بـ14.5 ضعف، لكن جاذبيته السطحية أقل من الأرض في الواقع. ويرجع سبب ذلك إلى الانخفاض النسبي لكثافة أورانوس، كما هو حال بقية العمالقة الغازية، ما يجعل جاذبيته السطحية أضعف من الأرض، وإذا قررت إسقاط جسم من أعلى سحب أورانوس، فسوف يتسارع هبوطياً بمعدل 8.69 متر لكل ثانية مربعة.
أما نبتون فهو أبعد الكواكب عن الشمس، وكتلته أكبر من الأرض بـ17 ضعفاً. ويتمتع نبتون بكثافةٍ منخفضة للغاية، لأنه عملاقٌ غازي، ما يعني أن جاذبيته السطحية منخفضة نسبياً.
وبالتالي سيسقط أي جسم من الغلاف الجوي العلوي لنبتون بمعدل 11.15 متر لكل ثانية مربعة، في غياب مقاومة الهواء. وبهذا تكون الجاذبية السطحية لنبتون أكبر من الأرض بـ1.14 ضعف فقط.
الجاذبية السطحية للكواكب الصخرية
يعتبر عطارد، أقرب الكواكب إلى الشمس، أصغر كوكب في نظامنا الشمسي والأقل كتلة؛ إذ تساوي كتلته 0.055 فقط من كتلة الأرض، لكن عطارد يتمتع بجاذبيةٍ سطحية قوية على نحوٍ مفاجئ بفضل كثافته المرتفعة، رغم كتلته الصغيرة.
وإذا وقفت على سطح عطارد فستشعر بقوة جاذبية تُقدر بـ3.7 متر لكل ثانية مربعة، أي نحو 0.38 من معدل الجاذبية السطحية للأرض.
أما أقرب الكواكب للأرض فهو الزهرة، ويملك نفس كتلة الأرض تقريباً، إذ يقدر حجم الزهرة بنحو 95% من حجم الأرض، و80% من كتلتها. ويصل تسارع الجاذبية على سطح الزهرة إلى 8.87 متر لكل ثانية مربعة، أي نحو 0.9 من الجاذبية السطحية للأرض، وتعتبر الجاذبية السطحية للزهرة أكبر قليلاً من نظيرتها على كوكب أورانوس.
بينما يتشابه كوكب المريخ مع الأرض على العديد من المستويات، لكنه يظل أصغر بكثير من حيث الحجم والكتلة، إذ تساوي كتلة المريخ نحو 0.1 فقط من كتلة الأرض، كما أن جاذبيته السطحية ليست أكبر من عطارد بفارقٍ كبير. ويعتبر المريخ من الكواكب الكثيفة إلى حدٍّ ما، ولهذا ستجد أن جاذبيته السطحية أكبر قليلاً مما قد تتوقعه؛ إذ ستشعر بجاذبية مقدارها 3.71 متر لكل ثانية مربعة على سطحه، أي نحو 0.38 من الجاذبية السطحية للأرض.