مضى قرابة 100 عام منذ صنع علماء الآثار البريطانيون التاريخ واكتشفوا المقبرة المفقودة للملك العظيم توت عنخ آمون في مصر.
إذ حلَّ العالم هاورد كارتر أثناء البحث في وادي الملوك- حيث دُفِنَ فراعنة مصر العظام- السؤال العتيق بشأن مكان دفن الملك الصبي، وحجز العالم البريطاني لنفسه مكاناً في كتب التاريخ لكنَّه لم يفعل ذلك وحده، بل ساعده عددٌ لا يُحصى من الخبراء المحليين والعمال المصريين المهرة، ولم يحصل أيٌّ منهم على أي تقدير.
معرض يرصد رحلة اكتشاف مقبرة توت عنخ أمون
في حين تغيَّر الوضع منذ ذلك الحين، وبات معرض جديد بجامعة أوكسفورد البريطانية، يُسلِّط الضوء على عشرات المصريين الذين ساعدوا كارتر، جاهزاً للاحتفال بالذكرى المئوية في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 وذلك وفق تقرير نشرته صحيفة Express البريطانية يوم السبت 11 يونيو/حزيران 2022.
فيما تحققت العديد من الاختراقات البحثية بشأن توت عنخ آمون منذ اكتشاف المقبرة لأول مرة، بما في ذلك بعض الاكتشافات الكبرى في المقبرة.
فعند فتح مقبرة توت، اكتشف كارتر بقايا مُحنَّطة لشخصين صغيرين، طفلين، لكن آنذاك، لم تكن تقنية تحليل الحمض النووي موجودة، لذا جرى تخزين البقايا بعيداً وبطريقة آمنة.
مُنِحَت البقايا الرمزين "317a" و"317b" وكان لكلٍّ منهما مجموعة من الأكفان الداخلية والخارجية على شكل مومياء، متطابقتان تقريباً في التصميم لكن مختلفتان في الحجم.
أسرار مهمة توت الأخيرة
جرى استكشاف البقايا خلال وثائقي قناة Smithsonian الذي يحمل عنوان "أسرار: مهمة توت الأخيرة" (Secrets: Tut's last Mission).
حيث أذهلت تحليلات الحمض النووي اللاحقة الباحثين؛ لأنَّها بيَّنت أنَّ البقايا تعود لبنتين، وهما على الأرجح ابنتا توت عنخ آمون.
فيما وُلِدَت كلتاهما ميتتين (جهيضتين)، إحداهما بعمر 4 أشهر تقريباً والأخرى شبه مكتملة.
من جانبها، قالت الأستاذة سليمة إكرام، وهي عالمة مصريات بالجامعة الأمريكية في القاهرة: "كان هناك معدل وفيات عالٍ بين المواليد والأطفال في العالم القديم وهذا ليس مفاجئاً". وأضافت: "لكن من غير الطبيعي أنَّه جرى تحنيطهما بعناية وتكفينهما ولفِّهما ووضعهما في هذين التابوتين ووضعهما في مقبرة أبيهما".
كما أشار الراوي في الفيلم الوثائقي: "المومياوتان الصغيرتان تمثلان اكتشافاً نادراً للغاية". وفي حين لا توجد طريقة لتفسير سبب دفن الفتاتين إلى جانب توت، قالت عالمة المصريات د. جويس تيلديسلي إنَّه قد يكون هناك طريقة بسيطة للنظر إلى الأمر، مُشيرةً إلى أنَّ الفتاتين كانتا بوليصة تأمين.
مقابر القدماء المصريين
كان قدماء المصريين حريصين للغاية على ضمان نجاحهم في الدخول إلى العالم الآخر، ولم يكونوا يعتمدون على شيء واحد فقط لحمايتهم في رحلتهم.
من جانبها، قالت د. تيلديسلي: "كان توت عنخ آمون ثرياً للغاية، وكان بإمكانه أن يحفر مقبرة لابنتيه متى أراد ذلك. لذا، فإنَّ حقيقة أنَّه جرى الاحتفاظ بجثتيهما ودُفِنَتا معه تشير إلى أنَّ السبب ربما ليس عملياً فقط، بل هنالك دافع طقوسي لوجودهما هناك أيضاً".
يذكر أنه في الفن والثقافة المصرية القديمة، كان كثيراً ما يجري تصوير الإناث باعتبارهن "الحماة" وكن يقفن إلى جانب آبائهن كشخصيات تشبه الحراس، وفي حين أنَّ الملك توت عنخ آمون قد يكون أشهر الفراعنة، فإنَّ الوضع لم يكن على هذا النحو دوماً.
حيث تم نسيانه إلى حدٍّ كبير بمرور الزمن، ولم يُمَس قبره نسبياً بسبب طبيعته التي لا تثير الإعجاب، فبالنظر إلى كونه ملكاً، كان قبره صغيراً وغير لافت نسبياً.