تُعدُّ شركة ديزني إحدى أشهر المؤسسات الثقافية في أمريكا وعلى مستوى العالم، بداية من رسوم ميكي ماوس المتحركة، وصولاً إلى الجميلة والوحش وسنو وايت والأقزام السبعة، شاهد الجميع، أو على الأقل سمع عن روايات وقصص أفلام ديزني.
وغالباً ما يُنظر إلى ديزني على أنها شركة صديقة للأسرة وأخلاقية تماماً ولا تمثل أي شيء يمكن أن يسيء إلى أي شخص أو قد يؤذي صحة الطفل النفسية. لكن هل ننظر بعمق كافٍ في مفاهيم تلك الأفلام؟
لماذا قد تكون ديزني ضارةً بالأطفال؟
في حين أن الأطفال الصغار قد يرغبون في مشاهدة التلفزيون في وقت متأخر من الليل أيام العطلة، وحرصاً على عدم تعرضهم لمشاهد عنيفة أو لا تناسب أعمارهم، يلجأ الآباء، على الأغلب، إلى أفلام ديزني.
من هذه الأفلام، عادة ما يحصل الأطفال على انطباعاتهم الأولى عن الطريقة التي يُفترَض أن يتصرف بها الرجال والنساء، والقيمة وراء الصداقات، وحقيقة الخير والشر وطبيعة الحياة.
يوضح موقع Sundial أنه في فيلم "الجميلة النائمة" على سبيل المثال، إحدى أميرات ديزني النموذجيات الأشهر على الإطلاق، يكمن الكثير والكثير من المفاهيم الخاطئة.
عندما تكون الأميرة صغيرة جداً، تلعنها ساحرة مؤذية تُدعى أورورا، ولذلك تموت الأميرة الجميلة في عيد ميلادها السادس عشر عندما تدق الساحرة بإصبعها.
لاحقاً بعض الجنيات الطيبات يستخدمن سحرهن الجيد لتغيير اللعنة لتجعلها تنام فقط في سبات عميق إلى حين يأتي حبها الحقيقي ليقبِّلها.
وبالطبع، يأتي الأمير وينقذ أورورا ويقبلها ليوقظها. يتزوجون ويعيشون في سعادة دائمة. هذا هو اختصار الفيلم المخصص للأطفال.
ما قد يغفله البعض أن الصورة النمطية في الفيلم للأميرة الجميلة الفاتنة ذات الشعر الأشقر وتقاسيم الوجه الدقيقة التي تحظى باهتمام جميع من حولها، هو الغاية التي يجب أن تطمح إليها الفتيات.
علاوة على ترميز الشر دوماً على أنه شخص قبيح ولديه ملامح حادة مخيفة، وأن الحبيب وفتى الأحلام هو دائماً المنقذ والنهاية المثالية السعيدة.
فيما يلي بعض أشهر أفلام ديزني، ولماذا عليك ألا تدع أطفالك الصغار يكبرون وهم يشاهدونها. علاوة على التأثير السلبي المترتب على مشاهدة هذه الرسوم وبناء معتقدات قد تظل مع الطفل لبقية حياته.
بياض الثلج والأقزام السبعة 1937
بلغت قيمة ديزني 152 مليار دولار في 2018، ولكن في عام 1937 كان أول فيلم رسوم متحركة مبني على قصة الأخوان جريم لرواية بياض الثلج (سنو وايت) والأقزام السبعة عملاً جريئاً ومحفوفاً بالمخاطر.
حقق نجاح الفيلم المفاجئ حينها نجاحاً تاريخياً على الرغم من أن الشرير هو مخلوق قبيح معادٍ للنساء الجميلات.
الملكة في الفيلم تغذيها الغيرة السامة بسبب رقة جمال سنو وايت أو بياض الثلج. حتى أن شعار السيدة الشريرة في الفيلم هو "من هي أجمل الفتيات جميعاً يا مرآتي؟"، وهو المفهوم غير الصحي على الفتيات الصغيرات، لأنه يثير لديهن فكرة أننا نحن النساء يجب أن نواجه بعضنا البعض لكي نفوز بلقب "الأجمل" و"الأفضل".
لذلك قد يسبب الفيلم مشاعر بالغيرة والحسد أو عدم الثقة بالنفس عند الفتيات في عمر مبكر، وفقاً لخبراء علم النفس نقلاً عن موقع Practical Parenting للتربية.
الجميلة والوحش 1991
قصة الجميلة والوحش، التي كُتبت لأول مرة في عام 1740 من قِبَل الفرنسية مدام دي فيلنوف، هي قصة ذات إيحاءات جنسية ومعايير مختلطة، سواء في نسخته القديمة القوطية بالأبيض والأسود، أو في نسخته الجديدة المنقحة.
ففي عام 1991، عينت ديزني ليندا ولفرتون لتكون أول كاتبة سيناريو تكتب شخصية لأفلام ديزني المتحركة، بحسب صحيفة The Independent البريطانية.
وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها، فإن الفيلم في جوهره يدور حول استسلام الجميلة لمتلازمة ستوكهولم في الحب، وهي عندما يبدأ الضحية في التعاطف مع الجاني والميل له، وذلك بعدما بدأت الجميلة التي تم أسرها من قبل أمير متعجرف لعن أن يعيش كوحش دميم الخلقة.
وبالتالي فالفيلم يدور حول فكرة أن النساء يجب أن يتعاطفن مع "الوحوش" على أمل تغييرهم. كما قد يشوه مفاهيم الصواب من الخطأ عند الأطفال الذكور، بعدما رأوا أن البطل الوحش الذي اقترف جريمة باختطاف الفتاة وحبسها في منزله، يمكنه في النهاية أن يحظى بالحب والسماح بدون عقوبة.
فيلم سندريلا 1950
تأتي رواية سندريلا الشهيرة التي كُتبت لأول مرة في القرن السابع عشر على يد القصّاص الفرنسي تشارل بيرو، قبل أن تتحول لأحد أفلام ديزني للرسوم المتحركة في 1950، على رأس قائمة الأفلام التي يجب حظر مشاهدتها بالنسبة للأطفال الصغار، والفتيات بصورة خاصة.
فالقصة بشكل مباشر تجعل السلبية هي الطريق الوحيد لتقبُّل الحياة مع الشخص الظالم، وأنه لا سبيل للنجاة إلا من خلال الأمير الثري والوسيم الذي سينقذ المشهد.
كما يرسم صورة سلبية لزوجة الأب التي جسدها في أم أنانية وقاسية واستغلالية تشعر بالغيرة وتبحث عن المال.
تعلّمهم التمييز العنصري
تم اتهام بعض أفلام ديزني بأنها غير حساسة عنصرياً وتروِّج للصورة النمطية السلبية عن العرقيات والجنسيات المختلفة.
على سبيل المثال، يتم تصوير فتاة أمريكية من أصل إفريقي تُدعى "زهرة عباد الشمس" (Sunflower)، على أنها عبدة لأسيادها القوقازيين في فيلم "Fantasia".
وبالمثل، فإن الأغنية الافتتاحية الأصلية في فيلم علاء الدين وياسمينة، يتجسد فيها العربي على أنه شخص بربري، وأن الحياة في الشرق الأوسط تعني الصحراء والجمال والسجاجيد الطائرة.
مقاييس جمال غير واقعية
وبسبب أفلام ديزني، تكبُر الفتيات الصغيرات ولديهن الرغبة في أن يصبحن أميرات جميلات. وعادة ما تكون أميرة ديزني النموذجية طويلة ونحيلة ذات بشرة شاحبة ناصعة البياض وشعر طويل أشقر.
وفقاً لموقع Baby Gaga التربوي، يصور هذا شكلاً من أشكال الجمال يمكن أن يفسد عقول الفتيات، اللائي قد لا يعتقدن أنهن جميلات إذا لم يكنَّ يشبهن الأميرات اللواتي يرونهن على الشاشة.
علاوة على ذلك، تنضج الفتيات ويصبحن راشدات وهن يتخيلن الوقوع في الحب على طريقة "القصص الخيالية"، وبالتالي تنتظر الأمير الساحر ليأتي لإنقاذها.
وبشكل عام، من الضروري النظر بعين النقد لكل ما يستهلكه الطفل من محتوى، فقد يكون هذا هو الفيلم الذي سيرسم طريقة تفكيره ورؤيته للعالم خلال حياته.