لا يكتمل العرس المغربي دون طقوس جولة العروس فوق العمارية، وسط أهازيج وزغاريد الضيوف الحاضرين، الذين يعاملون العروس كأنها ملكة تُحمل فوق الأكتاف في ليلة عمرها.
العمارية هي هودج مغربي أصيل، يتم صناعة أساسها من العود أو المعدن، لكن تطريزها يكون بالذهب أو الفضة على حسب الإمكانيات المتاحة لصانعها، والطبقة الاجتماعية التي ستكتريها.
غالباً ما تكون العمارية ضمن أدوات الزينة التي تجلبها لحفل الزفاف "النكَافة"، وهي سيدة مع فريقها تتكلف بتزيين العروس في الحفل بالحلي والقفاطين المغربية، كما أنها تجلب 4 رجال يجولون بالعروس على العمارية بين الضيوف.
ما هي العمارية؟
تتعدد الروايات التاريخية عن أصل العمارية المغربية، إلا أن الرواية القريبة لصحيح أن هذا التقليد دخل قبل دخول الإسلام إلى المغرب الأقصى، حيث كانت توضع العروس في هودج مزين بأثواب خاصة، وتوضع فوق ظهر حصان تفاؤلاً بإنجابها طفلها البكر ذكراً.
وكانت عادة العمارية في بدء الأمر في القبائل الأمازيغية في المغرب قبل أن تنتقل إلى باقي البوادي والمناطق الحضرية، فتناقلتها الأجيال حتى أصبحت طقساً لا يُمكن الاستغناء عنه في الاحتفال بالعرس المغربي.
يقول الحسن الوزان، المشهور بليون الإفريقي، واصفاً أعراس مدينة فاس في كتابه "وصف إفريقيا": "عندما يذهب العريس ليأتي بالعروس إلى منزله، يقوم بإدخالها أولاً في صندوق خشبي مثمن الأوجه، مغطى بجميل الأقمشة من الحرير والبروكار، ويحمل الحمالون هذا الصندوق فوق رؤوسهم".
وجاء في الكتاب أن "الموكب يتألف من أصدقاء والد الزوجة، وأصدقاء الزوج، ومن قارعي الطبول والمزامير، والنافخين بالنايات، وحملة المشاعل العديدة، ويسير أصدقاء العريس في مقدمة الموكب حاملين مشاعلهم، أما أصدقاء والد الفتاة فيتبعون العروس".
والعادة، حسب ليون الإفريقي أن يمر موكب العروس من السوق الكبير ثم من قرب الجامع، وما أن يصل الموكب إلى السوق حتى يودع الزوج والد العروس وأهلها.
لا عرس بدون عمارية
يُحكى في قصة مغربية شهيرة أن المغاربة بعد الاستقلال من فرنسا بدأوا يحتفلون بأعراسهم بارتداء الفستان الأبيض، فتدخل الملك الراحل الحسن الثاني في زفاف شقيقته وطلب منها ارتداء القفطان المغربي.
قصة حرص القصر الملكي على الاحتفال بالأعراس وفق التقاليد المغربية الأصيلة جعلت المغاربة يقلدونها ويتمسكون بها، وحتى صور أعراس الأسرة الملكية تُظهر تشبثها بهذه التقاليد.
العمارية من بين التقاليد المغربية التي يحافظ عليها القصر الملكي ومعه المغاربة؛ إذ ظهر الملك محمد السادس في زفافه يجول محمولاً على الأكتاف في العمارية، كما أن حفيدة القصر، الأميرة لالة سكينة ظهرت أيضاً فوق العمارية في حفل زفافها.
وتركب العروس المغربية في العمارية على الأقل 3 مرات في حفل الزفاف، الأولى عند دخولها الأول للعرس، والثانية في فقرة الحناء، والثالثة في آخر الحفل، عندما ترتدي اللباس التقليدي الخاص بالمنطقة التي تنتمي لها.
ويختلف شكل العمارية من منطقة إلى أخرى في المغرب، فمنها من يصنعها من المعدن المطرز بالذهب أو الفضة، وآخرون يصنعونها من عود العرعار القادم من مدينة صويرة جنوب غرب المملكة.
وتصنع العمارية بشكل أساسي في مدينة فاس، عاصمة الأدارسة، والعاصمة العلمية للمملكة، حيث تتراص محلات صناعة وتطريز العماريات على أسوار مدخل المدينة القديمة.