يعد اكتشاف صخرة فضائية غريبة من خارج كوكب الأرض في الصحراء الكبرى بمصر أول دليل على الأرض لنوع نادر من المستعرات العظمى.
موقع Livescience الأمريكي قال في تقرير نشره الجمعة 20 مايو/أيار 2022، إن التركيب الكيميائي لحجر Hypatia، الذي اُكتشف لأول مرة في مصر عام 1996، يشير إلى أنه قد يحتوي على غبار وغاز كان يحيط ذات مرة بنوع هائل من المستعرات العظمى، وهو الانفجار المذهل لنجم محتضر.
ووفقاً للموقع الأمريكي فإن المستعرات العظمى من النوع Ia تحدث عادةً داخل سحب الغبار حيث يشترك قزم أبيض، أو قشرة ذابلة لنجم منهار، في مداره مع نجم أكبر حجماً وأصغر عمراً لا يزال لديه بعض الوقود ليحرقه.
ويستخدم القزم الأبيض الأصغر حجماً والأكثر كثافة جاذبيته الهائلة لانتزاع بعض وقود النجم الأصغر سناً، والذي يتغذى عليه بلا هوادة، ويمد النجم الأصغر ليأخذ شكل قطرة الدموع.
وينتهي فعل تغذي نجم على الآخر في النهاية بالتدمير المتبادل، مع نمو القزم الأبيض مصاص الدماء بشكل كبير بما يكفي لتشتعل التفاعلات النووية في جوهره، وبعد وميض ساطع مفاجئ، ينفجر انفجاراً مستعراً هائلاً يقذف المحتويات المشعة لكلا النجمين إلى الخارج لتختلط وتندمج مع الغبار.
وعلى مدى مليارات السنين، كان هذا المزيج من الغبار والغاز سيتحول إلى مادة صلبة، كما يقول الباحثون، ليشكل في النهاية الجسم الأم الذي أتت منه Hypatia في وقت قريب من ظهور نظامنا الشمسي لأول مرة.
يقول جان كرامرز، المؤلف الرئيسي للدراسة، وعالم الكيمياء الجيولوجية بجامعة جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا، في بيان: "بمعنى ما، يمكننا القول، إننا أمسكنا بانفجار مستعر من النوع Ia أثناء حدوثه، لأن ذرات من الانفجار التقطتها سحابة الغبار المحيطة، والتي شكلت في النهاية الجسم الأم لهيباتيا".
من أين أتت الصخرة؟
ولمعرفة من أين أتت الصخرة، أجرى الباحثون تحليلاً كيميائياً لعينة صغيرة من حجر هيباتيا باستخدام تقنيات غير مدمرة. وكشفت هذه النتائج أن الصخرة تحتوي على كميات منخفضة بشكل غير عادي من السيليكون والكروم والمنغنيز- وهي عناصر نادرة في النظام الشمسي الداخلي- بينما تحتوي أيضاً على مستويات عالية بشكل غير طبيعي من الحديد والكبريت والفسفور والنحاس والفاناديوم بالنسبة للأجسام الموجودة في جوارنا الكوني.
يقول كرامرز: "وجدنا نمطاً ثابتاً لوفرة العناصر الشحيحة يختلف تماماً عن أي شيء في النظام الشمسي، سواء بدائي أو متطور. والأجسام الموجودة في حزام الكويكبات والنيازك لا تتطابق أيضاً مع هذا".
وأتت نتائج المزيد من الاختبارات، التي قارنت تركيزات عنصر الصخور مع تلك التي نتوقع رؤيتها في منطقتنا الفضائية، بنتائج أكثر إثارة للدهشة؛ فلم يكن الحجر حتى من ذراعنا في المجرة، وكان يحتوي على الكثير من الحديد، والقليل جداً من السيليكون، وتركيز منخفض جداً من العناصر الأثقل من الحديد التي جاءت من انفجار قزم أحمر منفرد (مستعر أعظم من النوع الثاني).
تفسير آخر حول أصل الصخرة
ولم يترك البحث الشامل لبيانات النجوم والنمذجة الفريق دون تفسير آخر محتمل لأصل الصخرة غير المستعر الأعظم من النوع Ia، والذي من شأنه أن يفسر تركيزات العناصر غير العادية للحجر.
وتتناسب نسب ثمانية من أصل 15 عنصراً حللها الباحثون (السيليكون والكبريت والكالسيوم والتيتانيوم والفاناديوم والكروم والمنغنيز والنيكل) بشكل وثيق مع التركيزات المتوقعة لانفجار قزم أبيض.
وقال كرامرز: "إذا كانت هذه الفرضية صحيحة، فإن حجر هيباتيا سيكون أول دليل ملموس على الأرض لانفجار مستعر أعظم من النوع Ia. وعلى نفس القدر من الأهمية تقريباً، يُظهر الحجر أن حزمة شاردة من الغبار من الفضاء الخارجي يمكن أن تندمج بالفعل في السديم الشمسي الذي تشكل نظامنا الشمسي منه، دون أن تختلط به تماماً".
لكن الشكوك لا تزال قائمة. ستة من عناصر الحجر- الألومنيوم والفسفور والكلور والبوتاسيوم والنحاس والزنك- موجودة بتركيزات تتراوح من 10 إلى 100 ضعف ما هو متوقع للمستعر الأعظم من النوع Ia.
ويعتقد الباحثون أن هذا يمكن أن يشير إلى أصول المستعر الأعظم كنجم عملاق أحمر حافظ على مكوناته الأصلية أكثر مما توقعته النماذج.
قال كرامرز: "بما أن نجماً قزماً أبيض يتكون من عملاق أحمر يحتضر، فقد ورث حجر هيباتيا هذه النسب للعناصر الستة من نجم أحمر عملاق. وقد لوحظت هذه الظاهرة في النجوم القزمة البيضاء في أبحاث أخرى".
وقد نشر العلماء النتائج التي توصلوا إليها حول الصخرة الغريبة في العدد القادم من مجلة Icarus.