على مدى حوالي مئة عام، ظلت المومياء المصرية الصغيرة التي صُنفت خطأ باعتبارها "صقراً محنطاً"، والتي يقل وزنها عن كيلوغرام واحدٍ، قابعة في خزانة بجامعة كورنيل،
لما كانت تحمل ملصقاً بوصفٍ خاطئٍ يصفها بأنها "صقر محنط" أو "مومياء صقر"، فلم تجذب الكثير من الاهتمام قبل أن تلتقطها طالبة دراسات عليا لفحصها، وبعد ذلك كُشف النقاب عن المومياء الغامضة وعُرفت بأنها لأبو منجل، الطائر المقدس الذي استخدمه المصريون القدماء.
مومياء مصرية قديمة
كارول آن بارسودي، طالبة الدراسات العليا في علوم الآثار، قالت خلال حديثها مع منصة Cornell Chronicle التابعة لجامعة كورنيل: "لا يقتصر الأمر على أن هذا كان في يوم ما كائناً حياً استمتع الأشخاص الذين عاصروه بمشاهدته وهو يتجول عبر المياه. بل إنه كذلك كان، ولا يزال، شيئاً مقدساً، وشيئاً دينياً". وذلك وفق ما نقل تقرير نشره موقع All That's Interesting الأمريكى يوم الإثنين 9 مايو/أيار 2022.
لعبت الصدفة دوراً في تعثر كارول لأول مرة بالمومياء في إطار بحوثها. وأملاً في دراسة كيفية دمج التكنولوجيا في معارض المتحف، تواصلت مع فريدريك غليتش، أمين متحف مجموعات الأنثروبولوجيا التابع لجامعة كورنيل.
حيث نبهها غليتش لزوجٍ من المومياوات الصغيرة التي تستقر في خزانة منذ حوالي 100 عام. كانت إحداها ممتلئة بأغصان الشجر، فيما كانت الأخرى لطائر.
كان كلاهما عازماً على عدم إزعاج المومياء. وأرادا أن يستخدما التكنولوجيا لدراستها دون إتلافها.
الدمار يلحق بالآثار القديمة
قال غليتش: "غالبية الآثار تكون مدمرة. بمجرد أن تنقب عن شيء، فلا يمكن أن تعيد المكان إلى سابق عهده. وبمجرد أن تكشف الغطاء عن مومياء، لا يمكن أن تجمعها مرة أخرى".
لذلك جلبا "مومياء الصقر" إلى كلية الطب البيطري. قالت شبكة CNN إن فحص الأشعة المقطعية هناك كشف عن أن الطائر كان ذكر أبو منجل، وليس صقراً. ليس ذلك فقط، بل إن عمره يتراوح بين 1000 و3000 عام، بجانب أن بعضاً من أنسجته الرخوة لا تزال سليمة.
كان المصريون القدماء يقدمون أحياناً هذه الطيور ذات السيقان الطويلة قرابين إلى الإله الأسطوري تحوت، الذي كان يصور برأس أبو منجل ويمثل في الأساطير القديمة إله القمر والحساب والكتابة والتعلم. وقد أشار موقع Live Science إلى أن الملايين من هذه الطيور عُثر عليها في مدينة الموتى المصرية.
رأس الطائر ملتوٍ
لكن ألغازاً كبيرة كانت تحيط بمومياء أبو منجل التي عُثر عليها في كورنيل. بادئ ذي بدء، اكتشف الباحثون أن رأس الطائر كان ملتوياً ووضع عكس اتجاه جسمه، وهو السبب وراء الشكل غير الاعتيادي للمومياء. كذلك أزيل القفص الصدري وعظام القفص الصدري، وهي بحسب Cornell Chronicle، كانت "ممارسة غير شائعة".
الأكثر من هذا أن كارول لم تكن متأكدة تماماً من الطريقة التي انتقل بها من مصر إلى مدينة إثاكا بولاية نيويورك الأمريكية، التي تحتضن جامعة كورنيل.
في بداية الأمر، ظنت أن مومياء أبو منجل جاءت في صحبة مومياء بشرية أخرى تسمى بينبي (Penpi) وصلت إلى الجامعة في عام 1884. لكن اتضح أن بينبي وصلت بدون قطع أثرية أخرى.
من أجل معرفة المزيد عن الطائر، تأمل كارول أن تقارن الحمض النووي للمومياء بالحمض النووي الخاص بطيور أبو منجل الأخرى التي عُثر عليها في المقابر المصرية، مما قد يساعد على تقليص نطاق البحث عن المدة الزمنية التي عاش خلالها والمكان الذي عاش فيه.