تكثر العزائم والولائم في شهر رمضان، وحتى مع غيابها تتكبد النساء عناء تحضير المائدة الرمضانية يومياً، ويقضين وقتاً إضافياً في المطبخ لإعداد الطعام وهن صائمات، لكن تعبهن هذا لا يذهب هباءً في بلاد المغرب العربي؛ إذ يجازين عليه بما يسمى "حق الملح".
ما هو "حق الملح"؟
يقدِّر الرجال في بلاد المغرب العربي تعب نسائهن خلال شهر رمضان بطريقة خاصة؛ إذ تقتضي التقاليد أن تتزين المرأة في أول أيام العيد، وتبخر منزلها وترتبه، قبل أن تستقبل زوجها العائد من صلاة العيد، وتقدم له فنجان قهوة، إلى جانب حلويات العيد.
لكن هذا الفنجان لا يرد خالياً، بل يضع في الزوج بعد أن ينتهي من شربه، خاتماً أو سواراً من الذهب أو الفضة حسب استطاعته.
ويطلق على هذه الهدية الرمزية اسم "حق الملح"، وهي بمنزلة شكر وامتنان للمرأة التي عملت في إعداد الطعام لعائلتها طوال شهر رمضان.
ومن الممكن أن تكون هذه الهدية عبارة عن حناء على سبيل المثال، أو قطعة قماش يطلق عليها في الجزائر اسم "محرمة الفتول".
ولا تزال هذه العادة القديمة منتشرة إلى اليوم في بعض المناطق في الجزائر وتونس والمغرب.
لماذا سميت بهذا الاسم؟
أما الملح في بلاد المغرب العربي فيشير إلى "العِشرة"، بمعنى أن هذه الهدية هي بمنزلة اعتراف بحق العِشرة، ويقال: إن فلاناً "أكل ملحي"، بمعنى أنه دخل بيتي وأكل من طعامي، لكن الأهم من ذلك أن أصبح واحداً من أفراد العائلة.
ويقال أيضاً: إن هذه العادة سميت بهذا الاسم لاضطرار الزوجة في بعض الحالات، إلى تذوق درجة ملوحة الطعام وهي صائمة على طرف لسانها دون بلعه، حرصاً منها على أن تكون ملوحة الطعام معتدلة.
حق الملح.. عادة عمرها 500 عام
تشير بعض الدراسات التاريخية إلى أن هذه العادة ولدت في الجزائر قبل 5 قرون مضت؛ إذ يقال: إنها انتقلت إلى الجزائر وتونس خلال زمن وجود العثمانيين هناك، ومنها انتقلت إلى المغرب.
في تونس لا تزال هذه العادة قائمة، لكن تختلف هدية حق الملح من زوج لآخر؛ ففي عام 2021 أصبح أحد الأزواج حديث مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن أهدى لزوجته في أول أيام العيد، سيارة، بدلاً من قطعة ذهب بوصفها "حق الملح".