عند اختلاف الفصول، غالباً ما نُصاب بحالة من التعب والإرهاق ونفتقر إلى الدافع لبذل أي جهد بدني، وحتى في فصل الربيع وبداية إشراق الطبيعة من حولنا وتفتّح الأزهار من جديد، نجد أن الحالة تتكرر.
تُعرف هذه الظاهرة باسم "خمول الربيع" أو "كسل الربيع"، وهي حالة نفسية وجسدية حقيقية وليست من وحي خيالك.
ما هي حالة خمول الربيع؟
على الرغم من أن الحالة ليست مرضية، إلا أن الأطباء على دراية بها وتم تحديدها بشكل علمي، ووضحوا أسبابها كالآتي:
الإنسان الصحيح يتكيف مع التغيرات في الطقس وساعات النهار الطويلة بشكل متزايد. فيتغير إيقاع الجسم وتؤدي زيادة كمية ضوء الشمس إلى تغيرات هرمونية بالتبعية.
وأمام الاعتقاد بأننا سنمتلك طاقة لا حدود لها فور انسحابنا من حالة السبات التي تحمينا جيداً في فصل الشتاء، يقع الكثيرون منا ضحية النعاس الشديد مع تقلب الفصول.
ووفقاً لناتالي داوتوفيتش، الطبيبة والباحثة البيئية الأمريكية في مؤسسة النوم الوطنية، فإن الكثير من هذا النعاس يرجع إلى حقيقة أن أجسامنا تستغرق وقتاً لضبط دورات النوم والاستيقاظ لتتناسب مع أنماط الموسم الجديد ومواقيت الغروب والشروق.
ونتيجة لتلك الاختلافات المتوالية يعاني الأشخاص من أعراض كسل الربيع والإجهاد غير المفهوم مع بداية الفصل، أو ما يُعرف أيضاً بخمول الربيع Spring Fatigue.
لكن الأخبار السارة هُنا أن فقدان التوازن بهذه الصورة وعدم القدرة على الشعور بالطاقة واليقظة هذا لن يستمر سوى أسبوعين على الأكثر.
ويحدث ذلك من خلال إشباع الجسم بما فاته خلال فصل الشتاء: التعرُّض للشمس والهواء النقي المباشر بالتزامن مع اتباع نظام غذائي متوازن غني بالفيتامينات.
الأسباب نفسية وجسدية أيضاً
خلال فصل الشتاء، تنخفض الهرمونات في أجسامنا مثل السيروتونين (مزيل التوتر ومعزز السعادة) بسبب ساعات النهار الأقصر والدوبامين (هرمون التحفيز) بسبب انخفاض النشاط البدني، وفقاً لموقع Medi للصحة والطب.
كما تحدث أيضاً زيادة في الكورتيزول (هرمون التوتر) بسبب التهديدات البيئية المتزايدة، مثل الهواء البارد، والشعور بالمرض وغير ذلك.
نتيجة لذلك، يشعر البعض منا بالخمول، وقلة التحفيز، وانخفاض الحيوية، والتعب، خاصة بنهاية فصل الشتاء.
وتحدث قلة الحيوية تلك بشكل كبير أيضاً بسبب نقص الفيتامينات الاحتياطية في الجسم. على سبيل المثال، تعتمد معززات الطاقة الأولية مثل الفيتامينات D و C على توافر ضوء الشمس والفواكه والخضراوات الطازجة. وعادة ما نتعرض للقليل من الاثنين خلال الشتاء.
لذلك تشمل أعراض التعب الربيعي أو خمول الربيع كذلك:
- فقدان الشهية.
- التعب المستمر.
- صعوبة الانتباه والتركيز.
- النعاس وعدم الاكتفاء بالنوم.
- الصداع.
- ضعف الحركة، وتغير الإدراك الحسي للجسم.
- ردود الفعل والاستجابة البطيئة للمنبهات.
- قلة الحافز والنشاط.
- ضعف المناعة.
علاوة على ما سبق، تحدث أيضاً سلسلة من الآثار السلبية الأخرى على الذاكرة، وتكون أكثر عُرضة للتفكير النقدي وتقلُّب المزاج، والقلق، واضطرابات الهضم وضغط الدم، بحسب موقع HuffPost الأمريكي.
وتتمثل الاستراتيجية الرئيسية لمكافحة خمول الربيع في تقليل التوتر وزيادة مستويات الطاقة الداخلية. بهذه الطريقة، يمكنك الحفاظ على توازن طاقة الجسم وتحقيق التوازن العاطفي وتثبيت نمط النوم والساعة البيولوجية للجسم.
لا تُغفل دور الحساسية الموسمية في الأمر!
مع الربيع أيضاً تتفتح الزهور، ومع تفتُّح الزهور تنتشر حبوب اللقاح.
وبقدر جمال الطبيعة، يمكن للزهور والجوانب الأخرى لبيئاتنا الداخلية والخارجية أن تنتج مسببات الحساسية التي يمكن أن تؤثر سلباً على أيامنا وتتلف دورة نومنا.
ووفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض بحسب موقع Sleep Score لطب النوم والصحة العامة، تم تشخيص إصابة حوالي 20 مليون بالغ بالتهاب الأنف التحسسي، المعروف باسم حمى القش، في أمريكا وحدها.
ويمكن للحساسية أن تجعل النوم أمراً صعباً، وعادة ما تصيب الشخص بالنعاس خلال النهار أيضاً.
تلك التبعات تؤثر على جودة الحياة بشكل عام، بما في ذلك القدرة على الاستمتاع بالأنشطة والشعور بالطاقة والإنتاجية.
لحسن الحظ، هناك العديد من الحلول والعلاجات للمساعدة في مواجهة آثار الحساسية الموسمية التي يمكنك معرفتها في هذا التقرير.
طرق عملية للتخلُّص من حالة خمول الربيع
هناك بعض الخطوات العملية التي من شأنها أن تساعدك في المرور بحالة خمول الربيع بسلام، حتى إنها تقلل فرص امتدادها لفترات طويلة قد تتجاوز الأسابيع القليلة.
ويوضح موقع One Mind One Breath للصحة العامة، أنه عليك القيام بما يلي:
- تثبيت الروتين اليومي والأسبوعي: يساعد النشاط المنظم جسمك على التكيف مع التغييرات في التوقيت الصيفي، واختلاف مواعيد النهار والليل بطريقة تدريجية ثابتة نسبياً.
- تجنب الضغط على نفسك: جسمك عادة ما يُفسِّر أي تغييرات خارجية على أنها ضغوط. لذلك لا تقم بزيادة الحمل على نفسك أيضاً. قلل الأنشطة وأي أنماط من الضغط الإضافي على جسمك بينما تبني روتينك الذي ستحتاجه للأنشطة الصيفية.
- الحصول على الراحة المنتظمة يعني أن تقلل من مشاغلك ومهامك اليومية المتعلقة بالعمل الوظيفي والأسري والشخصي أيضاً، وعوضاً عن الجري على مدار اليوم قُمْ بالمزيد من الأنشطة المحببة والهوايات المعززة للشعور بالسعادة والاسترخاء.
- عزِّز معدل طاقة الجسم بشرب الكثير من الماء: ينظف الماء السموم من الجسم ويعزز عملية التمثيل الغذائي. ويمكن أن يسبب الجفاف الصداع والإرهاق. لذا قد يكون شرب الماء هو الحل الأبسط والأكثر فاعلية لخمول الربيع.
- نظام غذائي متوازن: تأكد من أن ثلث وجباتك على الأقل تحتوي على خضراوات وفواكه طازجة، وغنية بالفيتامينات والمعادن خاصة فيتامين سي.
- وبالنسبة لفيتامين ب1، وهو عنصر غذائي أساسي للجهاز العصبي والدورة الدموية، استهلك الفاصولياء والمكسرات والبذور والأسماك والسبانخ والهليون والبقوليات.
- اخرج للهواء وتعرَّض للشمس: مجرد 15 دقيقة من التعرُّض للشمس كفيلة بمد جسمك بكمية كافية من فيتامين د خلال اليوم.
- مارس الرياضة: تعمل التمارين الرياضية وفيتامين د على بناء قوتك وزيادة مستويات الطاقة في الجسم. لذا احرص على ممارسة التمارين المعتدلة في الهواء المفتوح مثل المشي أو الركض لمدة 30 دقيقة.
- الاسترخاء وقسط النوم الجيد: وختاماً، يمكنك اتباع تمارين التنفس العميق والاسترخاء مثل اليوغا وغيرها. مع الحرص على الحصول على قسط ثابت وكافٍ من النوم العميق بدون مشوشات خلال الليل لتعديل ساعة الجسم وتحقيق الراحة الأمثل.
من خلال هذه الخطوات ستبدأ تدريجياً في استعادة طاقة جسمك في أقرب فرصة، وتتخلص من حالة خمول الربيع لتبدأ في الاستمتاع بالجو المُنعش.