وسط تكافل اجتماعي، وصوت الأذان والقرآن يعلو المساجد العتيقة يمر شهر رمضان في باكستان، التي يعيش فيها أكثر من 170 مليون مسلم، يحرصون على جعل الشهر الكريم مميزاً.
ومع دخول شهر رمضان في باكستان، تحرص نساء البلد على الالتزام بالحجاب، وحتى غير المحجبات يغطين رؤوسهن خلال الشهر، احتراماً لحرمته الخاصة والاستثنائية.
ويُعرف شهر رمضان في باكستان بالبساطة، إذ يحرص المسلمون في البلد على إعطاء الأولويات للعبادات، أما الأكل فيأتي في المرتبة الثانية، إذ تكتفي الأسر بالأطباق الشعبية البسيطة.
رمضان في باكستان.. العبادة أولاً
وتعتبر باكستان من الدول المسلمة في العالم التي تتضح فيها أجواء رمضان في الشوارع والحارات الشعبية، والتجارية، التي تدب فيهما الحركة بعد الإفطار وتزدحم بعد صلاة التراويح.
تظهر أجواء رمضان في الشوارع الباكستانية منذ أول يوم، حيث يبدأ المسلمون (أكثر من 97% من السكان) في التحضير للعادات والتقاليد الخاصة بهم.
ويتميز شهر رمضان في باكستان بالإفطار الجماعي، ويكون برعاية مؤسسة خيرية تحرص على تقديم الطعام المجاني للفقراء ومساكن طلاب الجامعات، أو المدارس الدينية المنتشرة مع كل مسجد أو تكون برعاية أحد الأثرياء.
وما يميز شهر رمضان في باكستان هو الإفطار الجماعي، والذي يكون غالباً برعاية مؤسسة خيرية تحرص على تقديم الطعام المجاني للفقراء ومساكن طلاب الجامعات، أو المدارس الدينية المنتشرة مع كل مسجد أو تكون برعاية أحد الأثرياء.
في رمضان باكستان أيضاً، يتوافد الكثير من الناس على الأضرحة مثل ضريح "جهانجير" في لاهور، وضريح بهاء الدين زكريا، وضريح شاه ركن علم في ملتان، وضريح أبو الحسن الحاجويري بلاهور، وضريح عبدالله شاه غازي بكراتشي.
وتحرص أغلب مساجد باكستان على ختم القرآن الكريم أكثر من مرة خلال صلاة التراويح، إذ يتم ختم المرة الأولى في نصف رمضان، والختمة الثانية تكون في ليلة 27 رمضان، والختمة الثالثة تكون في الليالي المتبقية.
ومن العادات الجميلة في رمضان باكستان، يحرص رجال الدين على تحفيظ الأطفال الصغار آيات وسوراً من القرآن الكريم في رحاب المساجد، التي كانت قد استعدت لرمضان من قبل بطلاء حيطانها بالأبيض في شهر شعبان.
أما الجمعة الأخيرة من شهر رمضان في باكستان فتُسمى "جمعة الوداع"، حيث يحرص الباكستانيون على الصلاة في أكبر المساجد، والابتهال والتهليل إلى طلوع الفجر.
الأطباق الشعبية في رمضان
يحرص الباكستانيون على أن تكون وجبة السمبوسة، والباكورا، وحلوى جلبي ومشروب "روح أفزا" المصنوع من ماء الورد، حاضرة على موائد الإفطار بالمنازل خلال شهر رمضان.
والسمبوسة في باكستان نوع من الفطائر يتم تحضيرها باستخدام اللحم المفروم والبطاطا، فيما يجري تحضير الباكورا بواسطة الخضار والبصل ودقيق الذرة، ثم قليها بالزيت.
وقبل ساعات قليلة من أذان المغرب في العاصمة إسلام أباد، تجد الباعة المتجولين يتراصون في الأزقة والشوارع الرئيسية، عارضين وجباتهم الشعبية والتقليدية، أما اصطفاف كبير للمواطنين.
وأظهر مسح أجرته شركة "بلوس" للخدمات الاستشارية في باكستان (Pulse) أن سلطة الفواكه والباكورا والسمبوسة تعتبر أفضل ثلاثة أطعمة يفضلها الباكستانيون لتناول الإفطار خلال شهر رمضان.
وحول المشروبات، يشتهر مشروب "روح أفزا"، والذي يعني "غذاء الروح"، في بلدان شبه القارة الهندية، وقد منحه هذا الاسم عام 1906 أول من صنعه ويدعى "ناكي علي شاه".
يتم تحضير المشروب باستخدام مجموعة من الفاكهة وماء الورد، ومزج تلك المستحضرات بالماء البارد أو الحليب ومن ثم تبريدها باستخدام ألواح جليد كبيرة، لاسيما عند استخدام ذلك المشروب في المناسبات الكبيرة ووجبات الإفطار.
فيما يتم تحضير حلوى جلبي بواسطة الدقيق المصنوع على شكل حلقات متشابكة يتم رميها بالزيت الساخن، وتناولها ساخنة أو باردة.
وتُعد أيضاً وجبات البرياني، من معالم موائد الإفطار في رمضان في باكستان، خاصة التي تقام عند المساجد وفي الشوارع، وتوزع على غير القادرين.
أما السحور فشيء مختلف، إذ يُفضل أغلب الباكستانيين تناول خبز تنور والشاي بالحليب، لاعتبار أن هذه الوجبة هي التي ستساعد على التغلب على الجوع في يوم الصيام الطويل.
ويفضل جزء كبير من الباكستانيين تناول السحور في المطاعم الشعبية التي تتراص وسط العاصمة إسلام أباد، وهي التي تقدم البيض المقلي ومأكولات الحمص.
أغان مميزة
في شهر رمضان في باكستان تنتشر فرق "قوالي الشوارع"، والتي تتكون في الغالب من شخصين أو ثلاثة يعزفون على آلات قديمة ويغنون قصائد لمدح الرسول صلى الله عليه وسلم.
وتحصل فرقة "قوالي الشوارع" على مقابل بسيط من أصحاب المنازل، بالإضافة إلى وجبات غذائية يليها دعاء من طرف أفراد الفرقة للأسر المانحة، الأمر الذي يتبرك به الباكستانيون في شهر رمضان.
وفرقة "قوالي الشوارع" لا تقتصر على الرجال فقط، بل حتى بعض النساء الباكستانيات يحملن آلاتهم من دف و"بهارمنيوم"، وتبدأن في عزف وإنشاد قصائد النعت والتراتيل الدينية بين الأزقة والمنازل.