انطلقت بمواقع التواصل الاجتماعي في المغرب حملة لمقاطعة التمور الجزائرية في المغرب، ووجدت طريقها إلى الصحافة المغربية ومن ثم العالمية، تضامناً مع الفلاحين المغاربة الذين طردتهم الجزائر، وأصبحت تشكك في جودة التمور القادمة من الجار الشرقي.
التمور الجزائرية في المغرب
ثلاثة وسوم/هاشتاغات تولت عملية الترويج لحملة مقاطعة التمور الجزائرية في المغرب، #مقاطعةالتمورالجزائرية، #Boycott_algerian_dates، و#Boycott_dattes_algériennes
وانتشرت على نطاق واسع في بداية شهر مارس/آذار 2022 على موقع التواصل الاجتماعي تويتر.
وبحسب معاينة "عربي بوست" للوسوم المتعلقة بمقاطعة التمور الجزائرية في المغرب، نجد أن 3 خلفيات أساسية تحكمت في هذه الحملة.
فالجانب الأول يتعلق بالتضامن مع الفلاحين المغاربة الذين طردتهم الجزائر السنة الماضية من أراضيهم الزراعية الموجودة على التراب الجزائري حالياً.
ويتعلق الأمر بعشرات الفلاحين المغاربة في منطقة العرجة، يملكون أراضي زراعية ورثوها عن أسلافهم، والتي استمروا في استغلالها بدون حواجز منذ الإستقلال إلى غاية مارس/آذار 2021، حين قررت الجزائر إبعادهم عن حدودها؛ ما تسبب في مأساة إنسانية.
الجانب الثاني، يتعلق بالصحة، فقد دفع عدد من الحسابات بأن التمور الجزائرية مسمومة، وبالتالي دعت عموم المواطنين المغاربة إلى مقاطعتها.
كما أن هناك من ذهب إلى وجود مواد مسرطنة في التمور الجزائرية، وبعضهم ذهب إلى أنه النخل المثمر المقام على أراض تطالها الإشعاعات النووية، وسجل آخرون أن السلطات المغربية شرعت في حجز التمور الجزائرية.
غير أن أصواتاً أخرى كانت أكثر وضوحاً، وأعلنت أن خلفية دعواتها للمقاطعة سياسية محضة، حيث عبرت عن مقاطعة التمور الجزائرية، بسبب عمل الجزائر على تقسيم المغرب، ودعم جبهة البوليساريو الانفصالية.
ورغم تنوع الاعتبارات التي تحكمت في الخلفيات الثلاث لدعوة مقاطعة التمور الجزائرية، فإنها تتجه جميعها إلى حضور الخلاف السياسي بين الرباط والجزائر في إذكاء هذه الحملة على التمور.
صمت رسمي
تكبر كرة الثلج مع اقتراب رمضان، حيث يتضاعف استهلاك التمور في المغرب بمناسبة الشهر الفضيل، وهو ما يفرض على السلطات العمومية استيراد أزيد من 800 ألف طن سنوياً من هذا المحصول، لتنضاف إلى 160 ألف طن فقط ينتجها المغرب.
غير أنه إلى الآن لم يصدر رد فعل رسمي من السلطات المغربية تجاه هذه الحملة، خاصة أن الحديث يتسع حول احتواء التمر الجزائري على مركبات كيماوية أو حتى إشعاعات نووية تسبب السرطان.
"عربي بوست" توجه إلى المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، وهو الهيئة الرسمية المغربية التي تعنى كما يوحي بذلك اسمها بالبحث في سلامة المواد الغذائية التي يستهلكها عموم المواطنين.
وسأل "عربي بوست" عملية مراقبة المنتوجات المستوردة، وهل هناك معايير خاصة بشهر رمضان الذي يتميز بارتفاع الواردات في سلع معينة، وعلاقة هذا بالجدل حول التمور الموجهة للاستهلاك في رمضان خاصة حول التمور الجزائرية.
وأكدت مصادر قريبة من عملية استيراد المنتجات الغذائية لـ"عربي بوست" أن جميع المواد الغذائية الموجودة في السوق المغربية جرت مراقبتها من قبل عبر الحدود سواء عبر الموانئ أو المطارات.
وسجلت المصادر أن المكتب الوطني للسلامة الصحية يفرض 3 أنواع من الرقابة على المواد المستوردة، هي مراقبة الوثائق الإدارية، ومراقبة عينية للمنتوجات، وأخيراً مراقبة تحليلية، حيث يتم إخضاع عينات من المواد للتحليلات المخبرية، وتسليم شهادة تفيد بسلامتها ومن ثم تسويقها.
شكاية التجار
"عربي بوست" سأل عدداً من تجار الجملة للتمور في جهة الرباط وسلا، حيث أكد بعضهم طرح عدد من زبائنهم أسئلة حول التمور الجزائرية.
وكشف أحد تجار الرباط، لـ"عربي بوست"، أن أغلب الأسئلة تسأل عن حقيقة ما يروج حول منع السلطات المغربية للتمور القادمة من الجزائر، وغيرها من الأمور العادية عندما تنتشر الشائعات ويغيب جواب الحكومة.
وأفاد المصدر ذاته بأن التمور الجزائرية كغيرها من المواد الغذائية تخضع لسلسلة من الإجراءات الإدارية والتقنية قبل الوصول إلينا كتجار، أهمها ضرورة الحصول على شهادة المكتب الوطني للسلامة الصحية.
وتابع حديثه أن ما يجري حالياً يشوش علينا، جميع المواد الغذائية الموجودة في السوق المغربية، بما في ذلك التمور القادمة من الجزائر، فقد خضعت بدورها لجميع المساطر التي يحددها القانون المغربي، بما فيها شهادة المكتب الوطني للسلامة الصحية.
تاجر ثان، ذهب إلى أن التمور الجزائر جيدة عند مقارنة الثمن بالجودة، فهي جيدة المستوى، وثمنها معقول، بينما التمور التونسية مثلاً أقل جودة وأقل ثمناً، وأما المغربي فجودته أقل من الجزائر وثمنه أعلى.
وتابع نحن هنا نحاول أن نوفر للمواطن سلعة تحقق له رغباته، عندنا تمور من كل البلاد العربية المنتجة للتمور، وللزبون الاختيار، غير أن بعض التمور أثمنتها عالية، لكن التمر الجزائر جيد مذاقاً وثمناً.
إلى ذلك، ومع اقتراب شهر رمضان يرتفع الطلب على التمور، ويتحول إلى "سلطان" مائدة الإفطار في المغرب، وبالطبع يتحول كثير من التجار ومحلات البقالة وحتى الباعة الجائلون إلى التركيز على بيع التمور في الشهر الكريم.
ويعرض التجار أنواعاً متعددة من التمور وأصنافها وأصولها، حيث تتوزع بين تمور مغربية، وبين أخرى مستوردة خاصة من الجزائر، تونس، مصر، الإمارات والسعودية وغيرها من البلدان العربية، إضافة إلى إسرائيل.
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”