التعامل مع الأصدقاء الغيورين ليس شعوراً لطيفاً، مهما كان هذا الشخص قريباً منك أو تعتقد أن بينكما علاقة طيبة. لأن تعليقاتهم ونقص دعمهم وتشكيكهم في إنجازاتك حتماً ما ستؤثر على صحتك العقلية بمرور الوقت، خاصة إذا كان هذا الشخص الغيور قريباً منك أو تسمح له بالتأثير على حياتك.
ولكن إذا كانت هذه العلاقة مهمة بالنسبة لك، يجب ألا تتعامل مع الغيرة وتبعاتها على أنها قيم سطحية لا أهمية لها بالنسبة لك، وبدلاً من ذلك، قم بإجراء محادثة واضحة وصادقة لتجنب الصداقة السامة وتأثيرها على صحتك النفسية.
صحيح أنه من الممكن أن تؤدي المواجهة إلى الصراع والخلافات أحياناً، ولكن تجاهلك للسلوك يمكن أن يكون له ضرر طويل المدى على علاقتك وعلى جودة حياتك بالكامل.
كيف تعرف أن صديقك يشعر بالغيرة منك؟
غالباً ما تبدأ العلامات التقليدية للغيرة في الظهور من خلال امتناع صديقك عن التعليق على أمور مهمة تجري في حياتك. على سبيل المثال، قد تكون مفعماً بالإثارة بشأن سيارتك الجديدة، لكن صديقك بالكاد عقّب على الأمر.
أو عندما ترتدي قطعة ملابس جديدة وتأخذ رأيه في مظهرك، فيعيب على جودة الخامات، أو على قوامك الذي يرى أنه كسب بضعة كيلوغرامات فجأة.
وعادةً ما تتضح علامات الغيرة عندما تجد أن صديقك يبدو منعزلاً عندما تسير الأمور على ما يرام بالنسبة لك، وذلك بحسب موقع Oprah Daily.
وتوضح جودي هو، أخصائية علم النفس العصبي ومؤلفة كتاب "أوقفوا التخريب الذاتي"، أن الأصدقاء الغيورين قد يبدون عدم الاهتمام بتطورات حياتك، أو يحرصون على الانتقال من الحديث عنها بسرعة كبيرة.
ومع تقدم الأمر، قد تلاحظ الانتقادات الخفية لك والعبارات السلبية العدوانية من حينٍ لآخر وسط الحديث بشكل يجعلك غير واثق من تعمُّد إيذائك بها فعلاً.
ربما يضحك صديقك على أخبارك السارة، قائلاً إنك محظوظ لا أكثر. أو ربما يسخرون من اختياراتك وقراراتك، أو يذكّروك بإخفاقات سابقة.
هذه كلها مؤشرات كلاسيكية، وعلامات تحذير أن هذا الشخص يغار منك.
علامة أخرى أنه في كل مرة تذكر فيها أحد نجاحاتك، فإنهم يصرون على التباهي بما أنجزوه هم من نجاحات. على سبيل المثال، عندما تشاركه بصور من رحلتك الأخيرة لإحدى الدول بغرض السياحة، يبدأ في استعراض الدول والتجارب التي خاضها هو في حياته.
بمعنى أن الشخص الغيور لا يستطيع التركيز بصدق في محادثة من دون أن يعيد الأمر بصورة أو بأخرى لاستعراض حياته الخاصة وأموره الشخصية للتباهي بها.
الغيرة عاطفة إنسانية طبيعية
إذا ادعى شخص ما أنه لم يختبر شعور الغيرة من قبل، فهو غير أمين معك أو مع نفسه. لذلك، عند تحديد الشخص الغيور في دائرتك، لا تكن انفعالياً وتقوم بإخراجه من حياتك بالكامل.
في الواقع، إذا تم التعامل مع الغيرة بشكل صحي وحكيم، يمكن أن تكون مفيدة ومثيرة للإلهام بالنسبة لك ولصديقك في آنٍ واحد.
إذا كانت هناك مشاعر من الغيرة في علاقة صحية ومحبة لديك، فقد يجهل صديقك أساس المشكلة ولا يستوعب مدى انزعاجك منها. وبالتالي تكون المصارحة والحكمة في التعامل هي الخيار الأمثل لتحسين العلاقة.
ومع ذلك ينبغي الحذر من علامات الغيرة السلبية والمؤذية التي قد تكون تحذيراً بضرورة إعادة التفكير في هذه العلاقة برمتها، ومن أبرز تلك العلامات بحسب موقع Good Therapy للصحة النفسية ما يلي:
- يستقبل أخبارك السارة بالسلبية والانتقاد.
- يحاول التفوق عليك ومنافستك والحط من قدرك.
- يدفعك للشعور بشكل سلبي تجاه نفسك.
- يقلل من أهمية نجاحاتك وإنجازاتك ومزاياك.
- يعاني من انعدام الأمان وعدم الثقة في النفس.
- عدم تقديم الدعم لك عندما تحتاجه.
إذا لاحظت أن مشاركة أشياء معينة مع صديقك يثير رد فعل سلبي منه، فقد تختار الاحتفاظ بإنجازاتك وأخبارك لنفسك. يمكنك أيضاً أن تعتاد على التقليل من شأن نفسك حوله، حتى عندما تعلم أنك فعلت أمراً صائباً.
وفي حين أنه قد يكون هدفك من ذلك حماية صديقك والحفاظ على تلك الصداقة، فإن هذه الاستراتيجية عادة لا تساعد كليكما.
فيما يلي الخطوات العملية في التعامل مع صديقك الذي يشعر بالغيرة:
1- الحديث عن الأمر بعقل منفتح
يمكن أن تحدث الغيرة بصورة أو بأخرى بين الأصدقاء. وهي تختلف كل الاختلاف عن الغيرة في العلاقات الزوجية.
إذا لاحظت علامات الغيرة أو شعرت أن صداقتكما قد تغيرت، فإن النقاش الواضح والحكيم يمكن أن يساعدك. كما أن الطريقة التي تبدأ بها المحادثة يمكن أن تحدث فارقاً كبيراً أيضاً.
مثلاً، بدلاً من اتهام صديقك بالغيرة، ركز على بعض السلوكيات- التعليقات السلبية، التي أزعجتك.
2- عدم الخوف من التأثير على العلاقة
السلبية المرتبطة بحسد صديقك وغيرته منك قد يغذيها الخوف من أن تتغير أنت أو أن يتم فقدان تلك الصداقة.
وعلى الرغم من أن سلوك صديقك قد يحبطك، حاول التركيز على ما تقدره فيه وفي الصداقة التي تتشاركانها. ضع في اعتبارك الأشياء من وجهة نظره، خاصة إذا كنت تعلم أنهم عانوا من التحديات والصدمات خلال حياتهم.
وعلى الرغم من أنهم يهتمون بك ويشعرون بالسعادة تجاهك، إلا أن رؤية نجاحك قد تسبب لهم الألم إذا مروا مؤخراً بانتكاسة في نفس المجال، بحسب مجلة Oprah.
3- التفكير الواعي في سلوكك أنت
لا حرج في أن ترغب بمشاركة أخبارك السارة مع من تحب، ولا يجب أن تشعر أنه يتعين عليك الاحتفاظ بالإنجازات وكأنها سر عن أحبائك والمقربين منك.
ولكن إذا اشتريت للتو سيارة جديدة أو بدأت وظيفة جديدة، فاسأل نفسك ما إذا كنت قد حكيت عن هذا الأمر كثيراً مؤخراً.
حاول تركيز المحادثات على الأشياء التي يقدرها صديقك بدلاً من ذلك. وأشر إلى الأشياء التي تقدرها فيه أو هنئه بإنجازاته – وتأكد من أنك تفعل ذلك بصدق.
4- انظر للأمر من منظوره
يؤدي السلوك الغيور إلى انتقاد صديقك وخلق فجوة بينكما.
قبل أن تنزعج، حاول أن ترى الأشياء من وجهة نظره. قد تجد فعلاً أنك تتفاخر بدون قصد، أو أن صديقك يشعر بعدم الأمان في هذا المجال المعين من حياته.
5- امنح الأمر بعض الوقت
ويلفت موقع LifeHack إلى أنه بمجرد أن تبدأ المحادثة مع صديقك الغيور، خذ خطوة للوراء ودع الأمر يأخذ وقته.
قد ترتفع المشاعر ويحتاج صديقك إلى وقت أطول منك للتخلي عن غيرته ومشاعره بالصدمة من المواجهة والإحراج من مصارحته بأفكارك.
لذلك سيساعدهم الوقت على استيعاب المعلومات وحينها يقررون كيف يتعاملون. ومع مرور الوقت، ستعود المياه إلى مجاريها مع توخي المزيد من الحذر في المستقبل. أما إذا باءت الأمور إلى مزيد من التعقيد والغضب، فقد يكون من المفيد استيعاب أن العلاقة لم تكن تخدمك منذ البداية.