في كل بلد حول العالم، يوجد كائن مخيف لا يظهر إلا في ظلام الليل أو عندما يكون الإنسان وحده. قد تكون أشباح وأرواح لكنها بالتأكيد كائنات قوية وكبيرة جداً ومرعبة تجسد كل ما هو خارج عن سيطرة الإنسان وقادر على إعجازه. لهذه الكائنات مهمتان محددتان: الأولى نظرية، والثانية فعلية.
نظرياً: مهمة هذه المخلوقات هي إخافة الأطفال وبعض البالغين الذين يؤمنون بالكائنات الغيبية.
أما عملياً، فإن استحضارها، نوع من تعزيز السلطة بالقوة الخفية وتعزيز فكرة المحرمات والتحذير من الخطر عبر التواصل مع المخيلة، والأهم من هذا كله، الترفيه.
أشباح وأرواح أرهبت العالم
وحسب المعتقدات والموروثات، لا تظهر هذه المخلوقات إلا تحت السلالم العتمة وداخل الغرف المظلمة وفي المناطق غير المأهولة وتحت أسرة الأطفال في الليل (أو بالأحرى عندما يحين موعد النوم وتصبح الحاجة لإنارة الغرفة أمراً يفصل بين الموت والحياة!).
نستعرض في هذا التقرير بعض الكائنات التي أرعبت شعوباً بأكملها واستطاعت أن ترهب أجيالاً كاملة دون الحاجة إلى الظهور ولو مرة واحدة.
شمهروش ملك الجن في المغرب
في قرية نائية بأعلى القمم الجبلية في المغرب، توجد محكمة عليا للجن يحكم فيها 7 قضاة للفصل بين نزاعات الجن ونزاعات الجن والإنس.
أما شمهروش، فيظهر كل خميس لإصدار أحكامه، وحسب الموروثات الشعبية، حتى إبليس يحضر تلك الجلسات. وحسب الأسطورة حل شمهروش ضيفاً على رجل ولكن متجسداً في كلب. وكان شمهروش يأخذ حصان الرجل كل ليلة ليسابق أصحابه من الجن، إلى أن اكتشف الرجل إرهاق الحصان.
فترصد في إحدى الليالي، وشاهد كل ما يحصل وسمع الجان ينادون اسم "شمهروش". عاد الرجل وروى لزوجته كل شيء وطلب منها إعداد الطعام.
عندما عاد شمهروس، عرض الزوجان عليه الطعام فرفض، لأن به ملحاً، وعند إلحاح المضيف، كشف شمهروس هويته الحقيقية وظهر في ردائه الملكي.
أمر شمهروش مضيفه باصطحاب رجلين ليتلاقى الجمع عند ضريح شمهروش في الجبل، على أن يتم تقديم ذبيحة. وطلب أن يتم توزيع أي ذبيحة تقدَّم أمام المقام على الأغنياء والفقراء، بينما تعود الجلود والرؤوس والهبات المالية وغيرها للرجل الذي استضافه وذريته من بعده.
وهكذا أصبح الجان شمهروش مرجعاً لتخليص البشر من أي جني يتلبسه، وأصبح مقامه في تلك القرية مزاراً حوّل الأسطورة إلى شبه وجهة سياحية يحيا بفضلها مئات السكان من القرى المجاورة الذين يستفيدون من الذبائح وبيع الشموع والبخور وغيرها.
النداهة في مصر
تعتبر النداهة واحدة من أشهر الأساطير الريفية التي انتشرت في مصر خلال القرنين الماضيين، وبث الرعب في نفوس الناس، وتناقلوا قصصها عبر الأجيال.
ووفقاً لموقع المصري اليوم، فإن النداهة عبارة عن امرأة جميلة يسميها الناس أحياناً "حمرا"، ترتدي فستاناً أبيض، وتضع قلادة فيها ثعبانان يأكل أحدهما الآخر.
تطير فوق الأرض وتظهر فجأة وسط الظلام في الأراضي الزراعية والترع والمجاري المائية.
ويقال إنها امرأة جميلة جداً، تنادي على الأشخاص الذين يكونون في مناطق وجودها، تعرف أسماءهم وتنادي عليها بصوت جميل جداً، لدرجة أنه يسحرهم ويجذبهم للمشي وراءها.
وحينها يكون هذا الشخص أمام أمرين أحلاهما مُرٌّ، فإما أن يُعثر عليه في اليوم التالي ميتاً أو مجنوناً، وإما أن يختفي ليقال إن النداهة أخذته معها إلى العالم السفلي.
أمّا بعض الناس الذين لا يصدقون هذه الأسطورة فيقولون إنّ النَّدَّاهة عبارة عن كذبة اخترعها المجرمون والقتلة لإلقاء اللوم على كائن مرعب متخصص في خطف الآمنين وقتلهم.
الحواوا في الجزائر
الحواوا مخلوق وحشي من الأساطير الجزائرية معروفة بأكل الأطفال أحياء.
تملك الحواوا ذيل عقرب وساق حمار وساق نمر ومخلب جراد البحر كيدٍ يمنى ويد قرد لليسرى إلى جانب قرون ماعز جبلي.
أما شعرها الطويل المتدلي، فهو ثعابين سامة حية تنتظر الضرب وتسمم أي شخص غير حذر بما يكفي للدخول في نطاق الضرب.
معطفها الطويل المرقّع مصنوع من ملابس الأطفال التي التهمتها، قد لا يكون جذاباً بما يكفي للفت نظر الأطفال، ولكنه يمنحها السرعة الكافية لاصطياد هؤلاء الأطفال الذين يتنقلون في طرق منعزلة ليلاً دون حذر.
بريتا في الهند
وبريتا هي كائنات فريدة من نوعها للديانات الشرقية مثل البوذية والهندوسية والسيخية، إذ يعاقب الجشعون أو الغيورون في الحياة بأن تحل عليهم لعنة الكارما ويعودون إلى عالم الأحياء، الذي لا يبدو سيئاً للغاية، إلا أنهم في حالة جوع وعطش لا يتم إشباعها أبداً.
بغض النظر عن مقدار ما يأكلونه أو يشربونه، فإن مخلوقات بريتا غير راضية أبداً. إما أنها تجد صعوبة في العثور على الطعام أو الشراب، وإما أنها غير قادرة على تناوله، حيث يتم تصويرها في كثير من الأحيان، على أنها جثث هزيلة ذات أفواه صغيرة أو رقبة رفيعة جداً وطويلة.
تشكل هذه المخلوقات تذكيراً للأطفال أتباع الديانات الشرقية بأن الجشع والطمع نهايتهما مرعبة، وأن من يسيء الكلام لوالديه سيتحول إلى بريتا!
ماري الدموية في إنجلترا
وهي شبح مرعب في بريطانيا، "ماري الدموية… ماري الدموية… ماري الدموية" بهذه الكلمات، كان لدى العديد من أطفال المدارس تجربتهم الأولى مع الشبح.
وفقاً للفلكلور الإنجليزي، فإن ماري الدموية شبح لامرأة قتلت أطفالها منذ فترة طويلة. لمن يرغب في رؤيتها، يجب أن يذهب إلى الحمام (عادة في المدرسة)، ويطفئ الأنوار ويقف أمام مرآة ويكرر اسمها ثلاث مرات.
ترتبط "لعبة" استدعاء شبح ماري الدموية بشكل خاص، بالمراهقين.
وذكر جيل دي فوس في كتابه "ماذا يحدث بعد ذلك؟ أساطير حضرية معاصرة؟"، أن كثيراً من المراهقين انتهى بهم الأمر إما بالتحديق في انعكاسهم الخائف في المرآة المظلمة أو يفقدون أعصابهم بعد قول اسمها للمرة الثانية ثم يهربون من الحمام.
روى العديد من الطلاب تجاربهم، الإيجابية منها والسلبية، بسعادة كبيرة، بينما رفض آخرون حتى فكرة الاتصال بها رعباً وخوفاً.
هوندون في الصين
مع تبلور الثقافة الشعبية في الصين وتحوّل غالبية أتباع الديانات المختلفة إلى الطاوية أو الديانات الأخرى في القرون القليلة الماضي، لكن بعض أساطيرهم نجت من الاختفاء واستمرت حية في الفلكلور الصيني الحديث.
إحدى هذه الأساطير هي أسطورة هندون، وهو إله مجهول الوجه كان تجسيداً للفوضى.
يوصف هوندون بأنه إما بشري بدون فتحات أو حتى ككيس حي لا شكل له، قيل في بعض الأحيان إنه يمتلك أطرافاً أثرية عديمة الفائدة.
تقول الأسطورة إن هندون كان صديقاً للإلهين الخيّرين هو وشو، لكنهما اكتشفا لاحقاً أنه يجب أن يحفرا ثقوباً في جسده لإعطائه عينين وأنفاً وفماً. لكن هذه الجراحة المرتجلة أدت إلى وفاته، وما زالت روحه عالقة غضباً بعدما تم تشويهه فقرر أن يبقى بصحبة الأشرار للأبد.
عزي دهاكا في إيران
كانت الزرادشتية هي الديانة الطاغية في بلاد فارس ذات يوم، ولكنها اليوم تنحصر في مناطق معدودة داخل إيران وباكستان والهند، لكنها كبقية الثقافات لديها كائنات شريرة. ومن بين هؤلاء مخلوق أسطوري يدعى عزي دهاكا، الذي انتقل أيضاً مع الزمن إلى الفلكلور الإيراني الشعبي.
يملك عزي دهاكا 6 أعين و3 أفواه و3 رؤوس، على الرغم من عدم وجود ما يشير إلى انتشارها بالتساوي، حسب موقع Mental Floss.
وحسب الأسطورة، يعلم كل ذنوب العالم، وعند جرحه ينزف الثعابين والجرذان والحشرات، ومن المتوقع أن يأكل كل ماشية العالم وثلث البشرية نفسها.
بابا ياغا في روسيا
في الفلكلور السلافي، تُصوَّر بابا ياجا على أنها ساحرة قديمة ونحيلة تمارس السحر الأسود وتطير على الهاون بدلاً من المكنسة.
تُعرف أيضاً باسم روح الغابة، وتقدم التوجيه لأولئك الذين يطلبون مساعدتها باحترام.
تعلم القصص عن بابا ياجا الأطفال تقديس الطبيعة وأرواحها، ومن ناحية أخرى تعد كائناً غيبياً مهمته خطف واستعباد أولئك الذين يضيعون في الغابة.
يستخدم الآباء أحياناً اسمها لتخويف أطفالهم من التجول بعيداً عن المنزل؛ كي لا تجدهم بابا ياغا، حسب موقع Russia Pedia.
لا بيساديرا في البرازيل
حول المائدة، تتجمع العائلات لتناول العشاء. هي تشاهد. يسأل بعضهم بعضاً عن يومهم. هي تشاهد. تمتلئ بطونهم بوجبة دسمة. هي تشاهد. ويذهبون للاستعداد للنوم. ساعات لا بيساديرا.
لا بيساديرا عجوز طويلة نحيفة ذات أظافر صفراء طويلة قذرة، تعيش فوق أسطح المنازل البرازيلية وتطل على المنازل بعينيها الحمراوين حتى موعد تناول العشاء وحلول موعد النوم.
تقول الأسطورة الشعبية في البرازيل إنه إذا نمت على ظهرك وبطنك ممتلئة، فإنّ ضحك لا بيسايرا الصاخب يملأ الهواء قبل أن تجلس على صدرك.
يحاصر الإنسان في تلك اللحظة بين النوم والوعي، مشلولاً تماماً ومصاباً بالذعر، وكلما أصيب بالذعر عادت لزيارته كل ليلة، حسب موقع Offcultured.
وكشفت أبحاث علمية في حوادث تم الإبلاغ عنها، أنها حالة "شلل النوم"، حين يختبر الدماغ نوعاً من الهلوسات وحضوراً غيابياً فيعجز عن الحركة نتيجة الخوف، وهو ما أدى إلى نشوء فكرة شبح النوم لا بيساديرا.