قالت صحيفة The Times البريطانية، في تقرير نشرته الأربعاء 2 فبراير/شباط 2022، إن هيئة تنظيم الأدوية البريطانيةَ بدأت تحقيقاً بعدما وجد مراسلون سريون لصحيفة The Times أنَّ خبراء التجميل يعرضون حقن النساء بالبوتوكس من "السوق السوداء"؛ مما يعرّضهن لخطر التشوه مدى الحياة.
حيث استخدم ممارسون ليست لديهم مؤهلات طبية مهنية، الشبكات الاجتماعية لاستهداف النساء والفتيات؛ مشيرين إلى أنَّ العلاجات آمنة ومن شأنها تحسين مظهرهن. واستخدم العديد من هؤلاء الممارسين المنتجات التي لم تخضع لفحوصات السلامة في بريطانيا
إصدارات رخيصة من البوتوكس
فيما أكد مراسلو The Times أنَّ ثلاثة ممارسين على الأقل ممن يعلنون عن حُقن الوجه على الشبكات الاجتماعية يستخدمون إصدارات رخيصة من مادة البوتوكس غير المرخصة في المملكة المتحدة.
إذ يقول نشطاء في هذه الحملة إنهم يتلقون تقارير متزايدة عن التشوهات مثل ندبات الوجه الدائمة والقروح الكبيرة الناتجة عن الحقن بنُسخ غير مرخصة من البوتوكس، تُجرى غالباً في منازل الناس وصالونات التجميل.
في حين وجد التحقيق الذي أجرته صحيفة The Times:
- استخدم أخصائيو التجميل الشبكات الاجتماعية للإعلان عن حقن الوجه باستخدام Botulax وInnotox وReNTox، وهي منتجات من كوريا الجنوبية غير مرخصة في بريطانيا.
- اعترف ممارس، قال إنه طبيب لكنه غير مسجَّل لممارسة المهنة في بريطانيا، باستخدام Botulax، لأنه "أرخص" ويسمح له بتقديم عروض تنافسية في إحدى بلدات البريطانية الشمالية.
- عرض الموردون بيع إصدارات غير مرخصة من مادة البوتوكس للصحفيين المتخفين، دون سؤالهم عما إذا كانوا قد تلقوا تدريباً طبياً أو يعرفون كيفية استخدام المنتج.
- قالت النساء إنهن تعرَّضن للندوب مدى الحياة، بسبب المضاعفات بعد حقّنهن بما يعتَقِدن أنها منتجات غير مرخصة أو غير مشروعة.
حقن في الوجه
كذلك وخلال موعد مع اثنين من المراسلين السريين، حاول فيلنيس كاركلينز، الذي قال إنه طبيب متدرب في لاتفيا لكنه غير مسجل لدى المجلس الطبي العام ببريطانيا، إقناعهما بأنهما يجب أن يتلقيا حقناً متعددة من منتج Botulax في وجهيهما.
حيث طلب منهما شطب اسم منتج مرخص من نموذج الموافقة وكتابة "Botulax" بدلاً من ذلك، قائلاً: "إنها مجرد شكليات، لا يهم. إنها مجرد علامة تجارية مختلفة". وقال كاركلينز، الذي عرض العلاج مقابل 145 جنيهاً إسترلينياً (أقل من 200 دولار أمريكي) -أي نحو نصف السعر المعتاد- إنَّ الوصفة الطبية ليست مطلوبة و"لا يمكن أن يحدث أي خطأ" في أثناء حقنهما بالمنتج.
من جانبها، اقترحت سامانثا بينيت، ممارِسة التجميل من مانشستر والتي تزور الناس في المنزل لعمل حقن مضادة للتجاعيد، على مراسلة للصحيفة البريطانية أنه يجب أن تتلقى 11 حقنة في وجهها. وعرضت علاجها باستخدام Innotox وReNTox، وكلاهما غير مرخص للاستخدام في العلاجات التجميلية ببريطانيا. لا يوجد ما يشير إلى أنَّ هؤلاء الممارسَين المحددين يستخدمان المستحضرين بطريقة غير متقنة.
فيما أعرب Save Face، وهو سجل للممارسين المعتمدين، عن قلقه بشأن استخدام سموم البوتولينوم غير المرخصة وغير المشروعة. ويُظهر أحدث أرقامه المنشورة أنه تلقى في عام 2020 ما يصل إلى 270 شكوى تتعلق بهذه الإجراءات، في ارتفاع من 210 شكاوى في 2019.
بيع دواء غير مرخص
ليس هناك ما يشير إلى أنَّ المشكلات كانت ناجمة عن استخدام علامة تجارية معينة. إذ عندما يُباع دواء غير مرخص في المملكة المتحدة، لا توجد طريقة لمعرفة أنه ليس مقلداً؛ نظراً إلى أنه يمكن وضع منتج مزيف داخل قنينة تحمل العلامة التجارية. إضافة إلى أنَّ الآثار الجانبية يمكن أن تحدث بسبب سوء النظافة أو أسلوب الحقن.
يُذكر أنه وفي عام 2021 أصبح إعطاء مواد مالئة (الفيلر) لمن هم دون 18 عاماً جريمة جنائية في بريطانيا. وقال وزير الصحة البريطاني ساجيد جافيد: "من غير المقبول تماماً للممارسين تقديم منتجات غير مرخصة أو غير آمنة. لقد اتخذنا بالفعل خطوات لحماية الأطفال والشباب من البوتوكس الفاشل أو مواد الحشو المريبة، ونبحث فيما إذا كان يتعين فعل المزيد… لضمان عدم تعرض أحد للأذى".
في حين قالت هيئة تنظيم الأدوية إنها كانت تراجع نتائج تحقيقات الصحيفة. وقالت متحدثة باسم الهيئة: "إذا لم يكن الدواء مُرخَّصاً، فليس هناك ما يضمن أنه يفي بمعايير الجودة والسلامة والفعالية المطلوبة في المملكة المتحدة. وهذا يخاطر بصحة ورفاهية الأشخاص الذين يتعاطونه".
التعرض للندوب في الوجه
من جانبها قالت فيكتوريا لي، إنها تعرضت للندوب مدى الحياة بعدما تلقَّت حقناً فاسدة مضادة للتجاعيد في منزل أحد معارفها، إذ لم تعتقد فيكتوريا (41 عاماً)، وهي فنانة مكياج من إسكس، أنَّ هناك سبباً يدعو إلى القلق؛ بعدما أخبرتها إحدى معارفها بأنها كانت تتعامل "دائماً" مع الممارس.
لكن بعد أسبوع من العلاج في عام 2020، بدأت تظهر علامات على وجهها، أصبحت "أسوأ وأسوأ" حتى ظهرت كُتل كبيرة تُسرِّب الدم والقيح. ولم تستطع الذهاب إلى العمل ولا مغادرة منزلها لشهور، وقالت: "كان الوضع مروعاً! أُصِبت بالسمنة والخمول والحزن الشديد، وظللت أبكي طوال الوقت".
اضطرت بعدها فيكتوريا إلى حجز موعد مع طبيبها العام الذي وصف لها المضادات الحيوية، وأخبرها بأن تزور طبيب أمراض جلدية. واحتاجت المناطق التي حقنتها إلى تجفيف وسحب خزعات. وتحتاج فيكتوريا الآن إلى حقن حشو منتظمة؛ لملء الفراغات التي تُرِكَت في وجهها، لكن العلاج لن ينجح إلا إلى حد معين، وأضافت: "أصبت بندوب لمدى الحياة. هذه العلامات على وجهي لن تذهب أبداً. لقد قيل لي ذلك".
زيارة خبيرة تجميل
كذلك فقد زارت إليزابيث، وهي في الخمسينيات من عمرها، خبيرة تجميل؛ من أجل الحصول على الحقن المضادة للتجاعيد بعد أن سمعت عنها من "صديقة لصديقتها". لكن لم تكن هناك استشارة وجهاً لوجه مع طبيب مسجل قبل حصولها على العلاج الصيف الماضي، في شمال غربي إنجلترا.
لكن خلال الموعد، أصبحت قلقة، بسبب ترك إبرة على المنضدة بينما كانت الممارسة تتلقى مكالمة هاتفية، وكذلك استخدام مناديل الأطفال المبللة بدلاً من المناديل المعقمة التي توقعتها، وسألت عن المنتج الذي تستخدمه الممارسة واعتقدت أنها قالت لها في البداية إنه Botulax، وهو غير مسجل للاستخدام في بريطانيا، لكن أخبرتها لاحقاً بأنه منتج مرخص.
حيث قالت إليزابيث، التي تعمل في مجال الرعاية والتي طلبت عدم نشر اسمها الحقيقي، إنها بعد فترة وجيزة من العلاج بدأت تعاني ألماً في وجهها، وشعرت بوجود نتوءات صغيرة تتشكَّل. نصحها الممارس مراراً وتكراراً بشرب الماء.
كما أضافت: "كانت النتوءات على جبهتي صلبة، وانفجرت ثم بدأت أشياء سوداء تخرج منها". وتفاقم الألم لدرجة أنَّ إليزابيث ذهبت إلى مركز استقبال، حيث سألها طبيب عمّا إذا كانت قد "تعرضت للضرب". ثم أُرسِلَت إلى المستشفى، حيث قالت لها ممرضة إنها لم ترَ هذا النوع من ردِّ الفعل من العلاجات المضادة للتجاعيد من قبل.
في البداية، ظهر في وجهها 13 ندبة، ومازالت اثنتان منها باقية. ومن المؤمل أن يشفى وجهها في الوقت المناسب، لكن التجربة كان لها تأثير مدمر على ثقتها بنفسها. ومازالت لا تعرف على وجه اليقين سبب المشاكل.