"أنا آسف" قد تكون إحدى الجمل الأولى التي نتعلم أن نقولها كأطفال، ومع ذلك فإن بعض الناس يجدون صعوبة كبيرة في الاعتذار، لدرجة أن جعلهم يعترفون حتى بأصغر خطأ قد يكون مستحيلاً، لكن لماذا؟
رغم أننا قد ننظر إلى إحجام الأشخاص عن الاعتراف بالخطأ أو الاعتذار على أنه مجرد وسيلة دفاعية، فإن هناك ديناميكية نفسية أعمق تلعب دوراً في كثير من الأحيان في رفضه.
غالباً ما يعكس رفض الاعتراف بالخطأ والاعتذار الشعور الهش بالذات.
وبالنسبة للبعض، فإن الاعتراف بالخطأ يمكن أن يثير قلقاً نفسياً عميقاً بشأن المخاطر والعواقب المرتبطة بالخسارة أو الفشل، كما يوضح الأخصائي النفسي تيم شارب لموقع New York Post.
في هذا التقرير سنتحدث عن الأسباب النفسية التي تمنع بعض الأشخاص من الاعتذار والاعتراف بالخطأ، وخطوات عملية تسهل عليك الاعتراف بالخطأ والاعتذار إن كان يصعب عليك ذلك.
السعي للمثالية قد يكون سبب رفض البعض الاعتراف بالخطأ
السبب وراء عدم قدرة البعض على الاعتذار هو أنهم لا يستطيعون فصل أفعالهم عن شخصيتهم، فهم ينظرون إلى الخطأ على أنه متأصل في شخصيتهم، وأنهم باعترافهم به يعترفون بأنهم أشخاص سيئون، كما يشرح موقع Psychology Today، المهتم بمواضيع الصحة النفسية.
الحاجة غير المنطقية لديهم لأن يكونوا دائماً "مثاليين" تحكم غرورهم، ويشعرون أن أخطاءهم لا تُغتفر، لذلك يرفضون الاعتراف بها.
تأتي صعوبة الاعتراف بالفشل أو الخطأ لديهم إلى حد كبير من التوقع غير الواقعي لديهم بأنهم يجب أن يتصرفوا بشكل صحيح طوال الوقت، وأنهم إن لم يفعلوا ذلك فهذا يدل أنهم أغبياء أو مهملين.
الاعتراف بالخطأ يُشعر البعض بالخزي والضعف
بالنسبة للبعض، الاعتراف بالخطأ يرتبط بالضعف، وقد يُسبب الاعتذار لديهم الشعور بالخزي بدلاً من الشعور بالذنب الذي يعتبر طبيعياً لدرجات معينة.
ففي حين أن الشعور بالذنب يجعلنا نشعر بالسوء حيال أفعالنا ونعتذر عنها ونحاول إصلاح ما أفسدناه، فإن الخزي يجعل الإنسان يشعر بالسوء تجاه نفسه.
ضعف التقدير الذاتي أو "الأنا"
عندما يكون التقدير الذاتي الذي يُعرف بـ"الأنا" هشاً يصعُب على الأشخاص الاعتراف بالخطأ؛ لأن ذلك يشكل تهديداً كبيراً لهم لدرجة لا يمكن أن يتحملها غرورهم.
إن قبولهم بأنهم مخطئون، واستيعاب ذلك والاعتراف به سيحطمهم نفسياً، لذلك يستخدمون آليات دفاعية لتجنب ذلك، تكمن في رفض الاعتراف بالواقع لجعله أقل تهديداً لهم.
تحمي آليات دفاعهم هذه غرورهم الهش عن طريق تغيير الحقائق ذاتها في أذهانهم، بحيث يقنعون أنفسهم بأنهم ليسوا مخطئين أو مذنبين.
الخوف من المزيد من الاتهامات قد يمنع الاعتراف بالخطأ
بينما يعتبر معظمنا الاعتراف بالخطأ والاعتذار فرصة لحل الخلافات الشخصية، قد يخشى البعض أن يؤدي اعتذارهم إلى فتح الباب على مصراعيه لمزيد من الاتهامات والمشاكل.
إذ يعتقدون أنه بمجرد أن يعترفوا بارتكاب خطأ ما، فمن المؤكد أن الشخص الآخر سينتهز الفرصة للومهم على جميع الأخطاء السابقة التي رفضوا الاعتذار عنها أيضاً.
كما يخشون من أنهم سيتحملون المسؤولية الكاملة ويعفون الطرف الآخر من أي ذنب.
إذا كان الاعتراف بالخطأ أو الاعتذار أمراً صعباً بالنسبة لك، أو أنه يُسبب مشكلة لك مع شريكك أو طفلك أو أحد أصدقائك وتريد مساعدتهم، يقدم موقع Inspiring Tips بعض النصائح التي قد تكون مفيدة:
نصائح تساعد على الاعتراف بالخطأ والاعتذار
1. اعترف لنفسك بالخطأ
الخطوة الأولى والأكثر أهمية هي أن تعترف لنفسك بأنك فعلت شيئاً خاطئاً. بدون هذا الاعتراف الذاتي لن تكون قادراً على الاعتراف بأخطائك للآخرين بصدق، حدِّد خطأك وتقبَّل أنك مَن قمت بهذا الخطأ.
2. حاوِل السيطرة على كبريائك
ربما يكون الجزء الأصعب عند تقديم الاعتذار هو التعامل مع كبريائك. حاوِل أن تفكر بالشخص الذي أخطأت بحقه وتعاطف معه، وحاول أن تشعر بما يشعر به، وعندها ستشعر أنك أكثر تقبلاً لفكرة الاعتذار عن الخطأ.
3. اعترِف بخطئِك للشخص الذي أسأت إليه
بعد أن تعترف لنفسك بالخطأ يجب أن تعترف بصدق أنك كنت مخطئاً تجاه الشخص الآخر، اعتذر بصدق وأخبِر الشخص الآخر أن ما فعلته مسيء وخاطئ.
4. اجعل اعتذارك بسيطاً ومباشراً
تجنب تقديم مبررات أو تفاصيل كثيرة، واعترف بتواضع بخطئك بوضوح وصراحة. ذلك سيساعدك أكثر ويخفف من أي توتر أو خوف لديك.
5. فكِّر كيف ستُصلح الخطأ
تتمثل إحدى طرق الاعتذار عند الاعتراف بالخطأ في إظهار استعدادك للقيام بعمل ما لتعويض الشخص الآخر، وتذكّر أن الأفعال أقوى تأثيراً من الأقوال.
6. لا تُقدم أعذاراً
إذا كنت تريد حقاً الاعتراف بخطئك فكن متواضعاً بما يكفي لتقبله تماماً. لا تحاول تبرير ما فعلت باختلاق الأعذار، ولكن اعترف بكل إخلاص دون مبرر يؤدي إلى التقليل من قيمة اعتذارك.
7. تجنَّب ارتكاب نفس الخطأ مرة أخرى
حتى لو اعترفت واعتذرت عن خطئك، إذا واصلت ارتكاب نفس الأخطاء مراراً وتكراراً فلن تكون هناك قيمة لاعتذارك، ولن يعتبره الشخص الآخر حقيقياً.