الحصول على قسطٍ جيد من النوم ليلاً مهم للغاية لصحتك العقلية والجسدية كما هو معلوم، في الواقع لا تقل أهمية وقت النوم المناسب عن تناول نظام غذائي متوازن ومغذٍّ وممارسة الرياضة بشكل مستمر.
ورغم أن احتياجات النوم تختلف من شخص لآخر وفقاً لطبيعة جسده ونمط حياته، فإن معظم البالغين يحتاجون إلى النوم 9 ساعات يومياً كحدٍ أقصى، أو 7 ساعات كحدٍ أدنى من النوم كل ليلة.
ومع ذلك، نادراً ما يحصل الكثير من الناس على قسط النوم الكافي لهم، فيكتفون بـ5 أو 6 ساعات من النوم يومياً، وأحياناً بشكل متقطع. في حين أثبتت الدراسات والتجارب السريرية أن تحقيق 9 ساعات من النوم كل ليلة يحقق أفضل النتائج.
إذ يمكن أن يعرضك الحرمان من النوم لمخاطر صحية ونفسية جسيمة، لهذا من الضروري إعطاء الأولوية لنومك الثابت والمتصل كل ليلة.
مخاطر النوم أقل من اللازم بشكل يومي
رغم أن النوم تسع ساعات كل ليلة قد يبدو مفرطاً، فإنه ضمن معايير النوم الموصى بها طبياً وفقاً لحاجة الجسم.
ومن الناحية المثالية، يُنصح جميع البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و64 عاماً بالحصول على ما يتراوح بين 8 و9 ساعات من النوم كل ليلة، وفقاً لمؤسسة النوم الوطنية الأمريكية Sleep Foundation.
تشمل الآثار قصيرة المدى لعدم النوم الكافي: الأرق، ومشاكل الذاكرة، وتقلُّب المزاج، وزيادة احتمالية وقوع حوادث سيارات، وفقاً لموقع Cleveland Clinic.
هذا ناهيك عن أن الآثار طويلة المدى للأرق المزمن تشمل حالات صحية خطيرة مثل ارتفاع ضغط الدم والنوبات القلبية والسكتة الدماغية، وفقاً لكتاب "اضطرابات النوم والحرمان من النوم: مشكلة صحية عامة لم تتم معالجتها".
وبشكل مختصر، يمكن للحرمان من النوم الكافي لحاجتك اليومية أن يقتلك على المدى الطويل.
وفيما يلي نستعرض فوائد النوم لـ9 ساعات يومياً كحد أقصى لتحقيق الفائدة المثلى:
1- قد يساعدك في الحفاظ على الوزن أو إنقاصه
ربطت العديد من الدراسات العملية، النوم القصير -الذي يُعرف بأنه النوم أقل من 7 ساعات في الليلة- بخطر زيادة الوزن وارتفاع مؤشر كتلة الجسم.
ووجد بحث عام 2020 أن البالغين الذين ينامون أقل من 7 ساعات في الليلة يزيد لديهم خطر الإصابة بالسمنة بنسبة 41%. وفي الوقت نفسه فإن النوم لفترة أطول لا يزيد من المخاطر، بل على العكس.
إذ يُعتقد أن تأثير النوم على زيادة الوزن يتأثر بالعديد من العوامل، بما في ذلك الهرمونات والدافع لممارسة الرياضة. على سبيل المثال يؤدي الحرمان من النوم إلى زيادة مستويات هرمون الجريلين وتقليل مستويات هرمون اللبتين.
والجريلين هو هرمون يجعلنا نشعر بالجوع، بينما يجعلنا اللبتين نشعر بالشبع. هذا قد يجعلنا نشعر بالجوع والرغبة في الإفراط في تناول الطعام.
علاوة على ذلك، للتعويض عن نقص الطاقة، فإن النوم أقل من 9 ساعات قد يجعلك تشتهي الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من السكر والدهون، بسبب محتواها العالي من السعرات الحرارية ورغبة الجسم في الحصول على الطاقة.
وما زاد الطين بلة، أن الشعور بالتعب بعد ليلة من النوم غير الكافي قد يجعلك تشعر بالإرهاق بشكل أسرع، ما يقلل فرص بذلك للجهد البدني.
لذا، فإن إعطاء الأولوية للنوم قد يدعم حصولك على وزن الجسم الصحي لك.
2- النوم 9 ساعات يومياً قد يحسِّن التركيز والإنتاجية
النوم مهم لجوانب مختلفة من وظائف المخ؛ إذ يتأثر الإدراك والتركيز والإنتاجية والأداء سلباً بالحرمان من النوم.
وتقدم دراسة عن الأطباء المرهقين مثالاً جيداً، حيث وجدت أن الأطباء الذين يعانون من إعاقة متوسطة وعالية وعالية جداً مرتبطة بالنوم كانوا 54% و96% و97% أكثر عرضة للإبلاغ عن أخطاء طبية.
في ملاحظة مماثلة، يمكن أن يؤدي الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم 9 ساعات كل ليلة كحدٍ أقصى، إلى تحسين الأداء الأكاديمي لدى الأطفال والمراهقين والشباب، بسحب موقع PubMed للأبحاث الطبية.
3- يزيد من الاستعداد البدني لبذل الجهد وممارسة الرياضة
أظهرت العديد من الدراسات أن النوم الكافي يمكن أن يُعزز المهارات الحركية الدقيقة، ووقت رد الفعل، والقوة والتحمل العضلي، ومهارات حل المشكلات.
علاوة على ذلك قد تزيد قلة النوم من خطر الإصابة، ويقلل من دافعك لممارسة الرياضة، بحسب دراسة منشورة عام 2018 بموقع Sports Medicine للصحة والأبحاث العلمية.
لذلك، قد يكون النوم 9 ساعات يومياً محدٍ أقصى بشكل متصل في الليلة الواحدة هو الشيء الذي تحتاجه للارتقاء بأدائك البدني.
4- النوم 9 ساعات يومياً يحسِّن صحة القلب
قد يؤدي انخفاض جودة النوم ومدته إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، وفق العديد من الدراسات والأبحاث العلمية المتخصصة في النوم والصحة.
ووجد تحليل واحد لـ19 دراسة مجتمعة نشره موقع Healthline للصحة والمعلومات الطبية، أن النوم أقل من 7 ساعات في اليوم أدى إلى زيادة خطر الوفاة بأمراض القلب بنسبة 13%.
ووجد تحليل لعدد من الدراسات نشره ذات الموقع، أنه بالمقارنة مع النوم 9 ساعات يومياً كحد أقصى، فإن كل انخفاض لمدة ساعة في النوم عن هذا المعدل ارتبط بزيادة خطر الوفيات الناجمة عن جميع الأسباب وأمراض القلب بنسبة 6%.
علاوة على ذلك، يبدو أن النوم القصير يزيد من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم، لا سيما لدى المصابين بانقطاع النفس الانسدادي النومي.
ووجدت إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين ينامون أقل من 5 ساعات في الليلة مثلاً، معرضون لخطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم بنسبة 61% أكثر من أولئك الذين ناموا 7 ساعات.
ومن المثير للاهتمام أن النوم المفرط عند البالغين -أكثر من 9 ساعات- يزيد أيضاً من خطر الإصابة بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، وفقاً لدراسة منشورة عام 2015 بمجلة Clinical Sleep Medicine.
5- النوم الكافي من 8 إلى 9 ساعات يومياً يعدل المزاج العام
شيء آخر يفعله عقلك أثناء النوم، هو معالجة عواطفك وتعديل مستوياتها.
ويحتاج عقلك في هذه الأثناء للتعرف على الطريقة الصحيحة للتفاعل مع المشاعر والعواطف المختلفة.
لكن عندما تختصر ذلك بالنوم أقل من اللازم، تميل إلى أن تكون لديك ردود فعل عاطفية سلبية أكثر، وردود فعل إيجابية أقل.
ويمكن أن يؤدي نقص النوم المزمن أيضاً إلى زيادة فرصة الإصابة باضطراب المزاج.
أظهرت إحدى الدراسات، بحسب موقع WebMd، أنه عندما يكون لديك أرق، أو تنام بشكل متقطّع، أو لا تحصل على كفاية الجسم من النوم كل ليلة، فأنت بذلك تكون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بخمس مرات، كما أن احتمالات القلق أو اضطرابات الهلع لديك أكبر.
لذلك في المرة المقبلة التي تشعر فيها بتعب وإرهاق غير مفهوم رغم نومك كل ليلة 7 ساعات، قم بزيادة قسطك من النوم، فربما يكون النوم 9 ساعات يومياً هو رقمك السحري للشعور بالنشاط والانتباه خلال اليوم.